الفلسطينيون يدفعون فاتورة الأمن الإسرائيلي

غزة-شيماء مرزوق

تصاعد الغضب لدى المواطنين في الأراضي الفلسطينية ضد قوات الامن الفلسطيني التي التزمت مقراتها على بعد أمتار من اشتباك مسلح استمر سبع ساعات بين الشهيد محمد الفقيه وقوات الاحتلال التي حاصرت المنزل الذي كان يحتمي به ولم تنجح في السيطرة عليه الا بقصف المنزل.

وفي الوقت الذي كان محمد يواجه الاحتلال وحده ورفض الاستسلام التزم ضباط وجنود الامن الفلسطيني بمواقعهم بعدما غادروا المنطقة المستهدفة وذلك بعد أن أبلغهم جيش الاحتلال انهم سيقتحمون المنطقة، ضمن التنسيق الأمني الوثيق بين الطرفين.

العملية التي أشرف عليها رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلية " الشاباك" شخصياً لم تخلُ من الايادي الفلسطينية التي تلطخت بدماء محمد، فقد اعترفت سلطات الاحتلال بدور الأجهزة الأمنية للسلطة في اغتيال الفقيه، واعتقال أفراد "خلية دورا صوريف" التي نفَّذت الهجوم قبل نحو شهر، ما أدى لمقتل حاخام مستوطنة عتنائيل.

وقال ضابط في "الشاباك" لإذاعة الجيش الاسرائيلي، إن الجهاز تمكن من تحديد مكان اختباء الفقيه بناء على معلومات استخبارية تم الحصول عليها من السلطة الفلسطينية، ونقل تلك المعلومات لغرفة العمليات المشتركة التي تم تشكليها بعد تنفيذ الهجوم، لاغتيال الفقيه.

ولم تمثل تلك المعلومات صدمة للشارع الفلسطيني، خاصة ان السلطة نفسها لم تنفِ أو تنكر هذه المعلومات.

ومن جانبه قال "أليكس فيشمان" المحلل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت" إن السلطة ساعدت بشكل كبير في تقديم المعلومات التي أدت إلى اغتيال الناشط في حماس محمد الفقيه بمدينة الخليل".

وأكد "فيشمان"، أن التنسيق بين السلطة وجيش الاحتلال على قدم وساق على أكثر من صعيد، وكانت هناك تحركات ميدانية ببن قوات الجيش وأفرع من أجهزة السلطة، وذلك ضمن التنسيق الأمني المتواصل بين الجانبين.

وبات التنسيق الأمني يكلف الفلسطينيين ليس فقط حياتهم وأمنهم وانما أيضا أموالهم وميزانياتهم التي تصرف على أمن الاحتلال من خلال التنسيق معه ضد أي مقاوم فلسطيني، فبحسب بيانات الموازنة السنوية الصادرة عن وزارة المالية في الحكومة برام الله للعام الماضي فإن ميزانية الأمن والنظام في السلطة الفلسطينية، تعادل ميزانيات الصحة والزراعة والتعليم مجتمعة.  

وتبلغ موازنة الأمن نحو مليار دولار أمريكي، بما يعادل ميزانيات الوزارات الثلاث المذكورة، وحظي قطاع الأمن وحده بما نسبته 28% من الموازنة العامة للعام 2016 التي بلغت 4.25 مليارات دولار.

وتعتبر هذه النسبة مبالغ فيها وتدل على أنّ السلطة جاءت للحفاظ على الأمن، فهذا هو دورها الوظيفي المرسوم لها منذ تأسيسها.

وليس غريبًا أن موازنة الأمن يجري تضخيمها باستمرار من خلال الرواتب والعلاوات والامتيازات ومجالات الإنفاق خاصة النثريات واستخدام المركبات والمحروقات والاتصالات المتعلقة بالأجهزة الأمنية.

وبحسب دراسة أردنية فإن نسبة الهدر والفساد المالي في المستوى المتعلق بالتنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية و"إسرائيل "وصل إلى 40% من قيمة ميزانيات إدارة عمليات التنسيق الأمني، وهي من أعلى نسب العلاقة بين الفساد المالي والأمن في العالم.

وأكدت الدراسة التي أعدها وليد عبد الحي، وهو من أبرز الباحثين الاستقصائيين في المجال السياسي وعلم المستقبليات بالجامعات الأردنية، بأن الدراسات المعمقة المختصة تجمع على أن الفساد المالي بالسلطة الفلسطينية تحديدا في سلطة التنسيق الأمني تعد من أعلى النسب في العالم.

ووفقا للدراسة فقد حددت المحكمة الأوروبية لمدققي الحسابات حجم الفساد المالي في أجهزة السلطة الفلسطينية بمليارين و400 مليون دولار تقريبا خلال أربع سنوات ما بين عام 2008-2012.

وأشار عبد الحي إلى أن العديد من المنابر الرقابية الدولية خصصت مؤخرا مساحة واسعة لذكر الأسماء والأرقام فيما يتعلق بفساد السلطة خصوصا في مجال المشاريع الوهمية وكذلك الوظائف الوهمية.

وأضاف: من الواضح أن العمى التنظيمي يساهم في التعمية على الفساد، وهو ما يجعل الأخلاق الثورية تتآكل تدريجيا، ويتعمق الإحباط وثقافة "الفهلوة" واستيقاظ العصبيات الجهوية.

وفي رأي عبد الحي أن حمى الفساد في أروقة سلطة التنسيق الأمني هي جزء من التنسيق الأمني وليس مفصولا عنه، بل هي آلية من آليات ضمان الولاء لهذا التنسيق.

البث المباشر