قائد الطوفان قائد الطوفان

بعد المجزرة.. الضفة تغرق في بحر الصمت..!

الضفة الغربية- الرسالة نت

كم هو مؤلم أن تكتب عن عجزك وفشلك وألمك، وكم هو مخجل ذلك الإحساس بالتقصير تجاه من تلونت مياه البحر بدمائهم، لكنك حين تكون بالضفة.. ستتذوق حتما مرارة الهزيمة والظلم والانكسار..!

فبعد أن غصت القلوب بمسلسل الموت في عرض البحر، والجريمة البشعة التي تعرض لها أنصار الحرية في العالم الحر، وقفت الضفة بأهلها عاجزة عن البوح حتى بما يختلج صدورهم من ألم وحزن وغضب.

قد ترى الدموع في عيون النساء، وتسمع الآهات تخرج محملة بعذابات أخرى من صدور الرجال، لكنك لن ترى تجمعا أو مسيرة غاضبة تُخرج ما في الصدر من كبت وألم وحزن على ما جرى ويجري، فأنت محكوم عليك مسبقا بالاعتقال والمحاكمة العسكرية إذا ما خططت أو فكرت مجرد تفكير بهذا الأمر.

نعم.. هذا ما يجري في الضفة الخضراء سابقا، وضفة "دايتون" الآن.. فمشاعر العجز لم تفارق المواطنين منذ اللحظة الأولى على جريمة البحر، أو القرصنة الصهيونية، سمها ما شئت، لكنك حتما لن تسمي ما يحدث بالضفة سوى قمة الانهزام...!

** صمت وشموع.. فقط

مضت حرب غزة.. وسقط آلاف الشهداء والجرحى.. وما كان من الضفة سوا الخروج بمسيرات شموع..!، أو وقفات صامتة حدادا على أراح الشهداء، والآن يقتل مناصرو الشعب الفلسطيني في عرض البحر، ولم تخرج الضفة حتى لإضاءة شمعة..!.

أمر طبيعي هذا.. فدايتون لم يصدر أوامره بخروج المسيرات الغاضبة، ولم يعلن عن قيام انتفاضة جديدة ضد الإرهاب الدولي الذي يرتكبه الكيان المحتل، ولم يدفع بآلاف المنتسبين للأجهزة الأمنية للاحتجاج أمام الحواجز الإسرائيلية.. ليس لإطلاق الرصاص.. ولا حتى لإطلاق هتافات فارغة..!.

أما من يتساءل أين حركة حماس.. أو قادتها ومناصريها بالضفة، أين نساء الحركة، أي أشبالها وشيبها ورجالها، أين ذلك الزحف الهادر من الموج الأخضر الذي اختار الإسلام في الانتخابات الماضية، أين كل هؤلاء؟ أم جفت ينابيعك يا ضفة الهنود وعياش ؟

أين نابلس الإباء والمقاومة، نابلس الجمالين والحنبلي والطاهر.. فلطالما سارت في شوارعك المسيرات التي لا يرى أولها ولا يرى آخرها من السيل الأخضر الهادر بشعارات التوحيد والمقاومة.. من يسمعنا أزيز الرصاص الموجه لأفئدة الصهاينة يشفي غليل الثكالى والأرامل والأيتام.. بل يشفي صدور 8000 أسير يحنون لسماع من يناضل لأجلهم وحريتهم.

وان بحثت عن الإجابة.. فستجدها متناثرة في سجون شتى، فقادة هناك في النقب، وآخرون في مجدو وعسقلان والرملة وبئر السبع وهشارون.. وسجون أخرى تتقاسم قادة أفذاذ في الضفة.. قادة طالما أرقوا الاحتلال بدوي قنابلهم وعملياتهم الجهادية.. يقبعون الآن في سجون دايتون بالضفة.. في الجنيد وأريحا وبيتونيا وفي مختلف المحافظات.

ستجد الإجابة حتما مسطرة في عيون أطفال أولئك الأسرى وعائلاتهم، ستجدها عند من امتلأت صدورهم حقدا وكرها لكل من أوصل الضفة إلى هذا الحال من الانكسار.

** حداد شكلي

وبعد مجزرة الحرية، توقع أهالي الضفة أن السلطة قد تنظم الفعاليات المناصرة للأسطول، أو على أقل تقدير ستعلن الإضراب الشامل حدادا على أراح الضحايا، إلا أن شيئا من ذلك لم يحدث.. ولم تتعال النداءات في المساجد معلنة الإضراب والحداد، وفتحت الأسواق أبوابها للمتسوقين كالمعتاد، وتجول الناس وكأن شيئا لم يكن..!

وفي لقاء "الرسالة" مع عدد من الأهالي في الضفة أعربوا عن استيائهم من عدم تمكنهم من التعبير عما حصل.

وبعيون تلمع غضبا وحزنا قال الشاب "س.ك":"لم أتمالك نفسي وأنا أتابع أخبار الأسطول، شعور صعب أن يوصف بالكلمات، كم كنت أتمنى أن تصرخ حماس في مآذن المساجد في الناس ليسيروا بمسيرات غضب وتنديد لما جرى.. لكن ذلك لم يحصل بكل أسف بسبب ما يجري في الضفة من قمع وتهديد واعتقالات وتعذيب".

** اعتقال فوري

ويشاركه الرأي المواطن أبو يامن قائلا:"وضعنا بالضفة لا يسمح بأن يخرج أحد وينادي في المساجد أو عبر مكبرات الصوت باسم حركة حماس، فهو أصلا إن تمكن من النداء فلن يكمل حديثه لأن الوقائي سيعتقله لينهال عليه بالضرب والشتائم، وبعد ذلك سيكون مصيره في محكمة عسكرية بتهمة التحريض ضد السلطة وتشكيل جماعات مناهضة وما شابه من تهم مزيفة".

أما الشاب "ع.ج" فقال لـ"الرسالة":"عباس أعلن الحداد شكليا، وحتى لا يتلقى اتهامات من أي أحد أنه لم يخرج بردة فعل على ما حصل، "ولولا العيب" ما خرج ولا تكلم بأي كلمة تنديد أو استنكار لما حصل مع المتضامنين مع غزة، فكيف يتضامن معهم وهو أصلا يشارك في حصار غزة ويقاطعها..!".

ويضيف:"في إحدى المدن أعلنت المحافظة عن تجمع لاستنكار ما حصل، وكان التجمع في قاعة قريبة من مركز المدينة، لكن في اللحظة الأخيرة قبل انطلاق الفعالية تم إلغاؤها وتحويلها لمكان آخر في حي بعيد، خوفا من أن تحصل شوشرة أو أية مظاهرة وسط المدينة..!".

 

 

البث المباشر