عصفت الخلافات الفتحاوية الداخلية في مركب الحركة في الانتخابات البلدية، وأسقطت تجربتها السابقة في إدارة البلديات بالضفة شراع المركب الذي أوشك على الهلاك والغرق، بفعل عدم قدرة الحركة على تشكيل قوائم مهنية بمشاركة كفاءات.
وبرزت الخلافات ابتداءً داخل الحركة في نابلس، التي بدت تظهر فيها خلافات حول تشكيل قوائم لحركة فتح، وفق ما أفاد به حسن خريشة النائب المستقل في المجلس التشريعي، لا سيما وأن البلدة شهدت خلافات وصلت حد التهديد المباشر باستهداف غسان الشكعة القيادي بمنظمة التحرير، الذي دفعه إلى عدم الترشح في الانتخابات القادمة.
وقال الشكعة لـ"الرسالة "، إن الانحطاط الاجتماعي والتنظيمي والسياسي، لا يشجع بأي حال لتقديم المرشحين الى العملية الانتخابية.
وبذلت الحركة جهودًا حثيثة لاقناع كبار العوائل والعشائر في محافظات الضفة، وخاصة في نابلس والخليل وطولكرم، لتشكيل قوائم كفاءات تحظى على دعم هذه العوائل، إلا أنها جميعا رفضت المشاركة في الانتخابات، وفق ما تحدثت به مصادر للرسالة.
وصدم قرار عدلي يعيش الشخصية المستقلة التي ترأست انتخابات نابلس عام 2005 على قائمة التغيير والاصلاح التابعة لحماس، موقف حركة فتح، في ظل ما يتمتع به الرجل من شعبية عارمة في المحافظة، وأحدث تباينًا في صفوف الحركة تجاه دعمه من عدمه.
واضطر جمال محيسن عضو اللجنة المركزية للحركة ومسؤول لجنة انتخابات فتح في نابلس، إلى البحث عن خيارات دعم يعيش، غير أن اصول الرجل الدينية والتنظيمية، أوجدت جدلا تنظيميًا داخل فتح، " فكيف ندعم حمساويًا على قوائمنا"، بلسان قيادات الحركة.
وانقسمت فتح إلى فريقين الأول يدعو إلى دعم قائمة يعيش خاصة في ظل اخفاق فتح في تشكيل قائمة مستقلة، بسبب الخلاف الداخلي في الحركة والذي تجذر في انتخابات 2012 ونزول غسان الشكعة كشخصية مستقلة في الانتخابات آنذاك وهو ما أحدث انقسامًا حادًا في الحركة.
وتفتقد فتح الى رموز وطنية تحظى على الاجماع الوطني بحسب القيادي في الحركة حسام خضر، ما دفع بالفريق الآخر داخل صفوف الحركة بنابلس إلى إعلان موقف مبدئي بتأييد يعيش بوصفه شخصية مستقلة وتجاهل حقيقة انتمائه الفكري لحركة حماس.
وقال تيسير نصر الله القيادي في حركة فتح بمدينة نابلس، إن هناك توافقا وطنيا حول ترشيح عدلي يعيش لقائمة موحدة تضم كفاءات ومهنيين، " لكن القرار لدى فتح بدعمه لم يحسم بعد".
وأوضح نصر الله في تصريح لـ"الرسالة"، أن هناك توافقا وطنيا أكثر منه فصائليا على " قائمة نابلس للجميع" التي يترأسها يعيش.
والحاج عدلي يعيش هو أحد مبعدي مرج الزهور، وأسير محرر من سجون الاحتلال أمضى عامين بالاعتقال الإداري، وقد شغل منصب رئيس بلدية نابلس عام 2005 لمدة سبع سنوات، قدم خلالها كثيرا من الإنجازات.
وقد أكد مصدر مطلع في "فتح" أن توجهًا جديدًا بدأ يأخذ سجلات في نقاشات الحركة حول خياراتها للدخول في الانتخابات المحلية بعدما فشلت في إقناع العائلات الكبرى بالضفة والقطاع، للمشاركة ودعم قوائمها.
وقال المصدر إن حركة فتح فاضلت بين خيارين هما الدخول المنفرد أو النزول بقائمة (منظمة التحرير الفلسطينية). ولفت إلى أنّها "بدأت بالفعل في العمل على إعداد قائمة مستقلة غير أن جهودها قوبلت بفشل ذريع مما دفعها إلى الشروع في تشكيل قوائم فتحاوية خالصة بعد رفض العائلات الكبرى المشاركة معها أو دعمها بما يعزز فرص اكتساح "حماس" الانتخابات، مما أدى إلى التفكير في الخيارات الأخرى".
وأضاف المصدر، أنّ فتح حاولت أيضًا تشكيل قوائم باسم (منظمة التحرير الفلسطينية)، وطلبت من الجبهة الديمقراطية وحزب الشعب جس نبض الفصائل الأخرى، إلا أن الرفض القاطع من الجبهة الشعبية حال دون الأمر مما أضعف هذا الخيار إذ إن البديل هو مشاركة فصائل اليسار الأخرى مع فتح الأمر الذي رأت فيه الأخيرة سلبية".
وأمام فشل فتح في تشكيل قوائم موحدة، سعت الحركة إلى نشر اشاعات حول رغبتها في تشكيل قوائم مشتركة مع حماس، لصرف الأخيرة عن مواصلة حشدها الانتخابي. وقالت المصادر لـ "الرسالة"، إن فتح تحاول ممارسة هذا الدور مع فصائل أخرى، وأن الهدف الحقيقي لزيارة صخر بسيسو عضو اللجنة المركزية لفتح ووفد الحركة إلى قطاع غزة، الإشراف على تشكيل قوائمها، والحد من مخاطر الخلافات الداخلية المتصاعدة.
لكن حماس نفت بدورها تقديم أي طرف لفكرة تشكيل قوائم مشتركة، مؤكدة أن الحديث في هذا الشأن "تسريبات إعلامية لا أساس لها من الصحة".