عبّر ممثلوا قوائم انتخابية عن رفضهم لمسار تأجيل الانتخابات، معتقدين أن السبب الرئيسي وراء اتخاذه يكمن في تفتت فتح وخوف رئيسها محمود عباس من الهزيمة في العملية الانتخابية.
جاء ذلك في ندوة نظمتها مؤسسة الرسالة للاعلام، شارك فيها ممثلون عن قوائم انتخابية عديدة.
د. هاني المصري المرشح في قائمة الحرية، عددّ ستة أسباب لقرار تأجيل الانتخابات، تصدرها عدم نجاح الصفقة الثنائية التي ارادت من خلالها حركة فتح ضمان نتائج انتخابية عبر ما كان يعرف بالـ"القائمة المشتركة"، وما تضمنته من التوافق على الرئيس محمود عباس كمرشح توافقي واحد في الانتخابات الرئاسية.
ويليها تفتت حركة فتح في العملية الانتخابية، إذ تقدر عدد القوائم التي قد تكون محسوبة على فتح لـ15 قائمة، منها قائمة وازنة وهي الحرية بقيادة مروان البرغوثي وبرئاسة ناصر القدوة، وفق المصري.
وأضاف: "الأمر الذي يجعل قائمة "فتح" لن تحوز حتمًا على الأغلبية، ولن تكون على الأغلب القائمة الأولى، فضلًا عن التزام "الحرية" بدعم ترشح البرغوثي للرئاسة، في ظل أن كل الاستطلاعات الجادة تشير إلى أنه يملك فرصة كبيرة للفوز، ما سيحدث تغييرًا أشبه بالزلزال في الخارطة الفلسطينية".
وبغض النظر عن النسب التي ستحصل عليها كل قائمة بحيث سيكون المجلس التشريعي تعدديًا، وهناك رئيس جديد سينتخب بعد شهرين إذا سارت الأمور كما هو مخطط بعد الانتخابات التشريعية، وستكون "فتح" في هذه الحالة مجبرة على تشكيل حكومة بموافقة "حماس" على الأقل، وربما مجبرة على التعامل مع نواب قائمتي الحرية والمستقبل، خصوصًا إذا شكلت حكومة وحدة أو وفاق وطني كما اتفق مسبقًا، بحسب المصري.
وينقل المصري عن مصدر مطلع قوله، إنّ الرئيس في الاجتماع قبل الأخير للجنة المركزية لفتح سأل سؤالين : الأول، هل ستحصل قائمة فتح على 51% فأكثر؟ وكان الجواب: لا. وهل ستحصل القوائم الفتحاوية الأخرى على مقاعد معقولة؟ وكان الجواب: نعم.
وحتى تكتمل الصورة كان الرئيس مصرًا إذا شُكلت قائمة وطنية واحدة أن تكون حصة فتح 50% زائد واحد، بحسب المصري.
أما السبب الثاني وراء التأجيل، تمسك السلطة بخوض الانتخابات بمراكز البريد الإسرائيلية وثيق الارتباط بقرار العودة عن قرار التحلل من الاتفاقيات الذي اتخذ يوم 17/11/2020، ورفضته غالبية القوى، لكنها رضيت خوض الانتخابات تحت سقف أوسلو. فالمسألة، إذًا، ليست التمسك بمراكز البريد، وإنما بأوسلو لضمان استئناف مسيرة المفاوضات.
وأشار لوجود توافق بين أطراف إقليمية ودولية على عدم إجراء الانتخابات الفلسطينية الآن.
ويضاف إلى هذا العامل أن أحد المحركات التي حركت قطار الانتخابات نجاح جو بايدن، الذي أعاد الأمل المفقود بإحياء المسيرة السياسية التي تحتاج حتى تنطلق إلى سلطة فلسطينية شرعية متجددة وأكثر "مرونة"، وجاء الرفض الإسرائيلي وإلى حد ما الرفض الأميركي لإجراء الانتخابات خشية من قيام مجلس تشريعي تعددي ورئيس فلسطيني جديد وهو في الأسر.
وهذا يقوي العامل الفلسطيني ويجعله عصيًا على الرضوخ للإملاءات والشروط الأميركية والإسرائيلية، وفي هذا السياق نفهم استخدام فزاعة فوز "حماس"، ويقلل من احتمالات استئناف المفاوضات، خصوصًا مع اتضاح انشغال الإدارة الأميركية بملفات أخرى، واستمرار أزمة الحكم بإسرائيل، من خلال خوض انتخابات رابعة لم تحسم أمر تشكيل الحكومة، وسط تزايد ثقل اليمين واليمين المتطرف في الكنيست، ما يقلل من قدرة الحكومة الإسرائيلية الانتقالية على إبداء أي مرونة، خصوصًا فيما يتعلق بإجراء الانتخابات في القدس.
هزيمة فتح
في السياق قال نزار بنات المرشح للمجلس التشريعي والناشط السياسي المعروف، إن 18 قائمة تقريبا سجلت في العملية الانتخابية، إما أنها تتبع لحركة فتح أو لشخصيات "حردانة منها".
وذكر بنات أنّ "واقع التشرذم في حركة فتح واضح للجميع ويمثل إجابة واضحة عن سؤال لماذا سيلغي محمود عباس العملية الانتخابية".
وأضاف: "هذا يفسر أيضا لماذا تحمل حركة فتح هذا الغل الكبير من الحقد تجاه القوائم المتعددة".
وأوضح بنات أن تأجيل الانتخابات أمر متوقع في ظل الوضع الحالي الذي يعطي لفريق عباس نسبة خسارة مؤكدة، إلى جانب أنّ ذلك يعني بالضرورة أنه سيظل يراوغ كورقة ضغط بين قيادات فتح الداخلية في إطار صراعاتها البينية.
وأكدّ بنات أن العملية الانتخابية برمتها تخضع لمزاج رئيس السلطة محمود عباس وفريقه، وهذا معروف من البداية.
وذكر ضرورة رسم ملامح لمرحلة سياسية تقوم على حالة اشتباك وطني سياسي.
مواقف متوجسة
في السياق يرى المتحدث باسم قائمة التغيير الديمقراطي حلمي الاعرج، أنّ تأجيل العملية الانتخابية يدفع باتجاه سيناريوهات مضرة بالنظام السياسي الفلسطيني، مؤكدا تمسك الجبهة الديمقراطية بضرورة اجراء انتخابات عاملة شاملة وفق الجدول الزمني المتوافق عليه.
وذكر الاعرج أن الانتخابات هي المدخل الطبيعي لانهاء حالة الانقسام وتدشين مرحلة سياسية على برنامج مواجهة شاملة.
ونبه الاعرج الى ضرورة الالتزام باجراء العملية الانتخابية التشريعية وعدم القفز عنها باعتبارها محط اجماع وطني.
موقف مقابل
في المقابل، يرى المرشح عن حركة فتح نادر السلايمة، أن قرار التأجيل مرتبط بوضع القدس ورفض تغييبها عن الحالة السياسية الراهنة، مشيرا الى ان القرار لم يتخذ بعد لكن حال تغييب القدس فلن تجرى الانتخابات.
وايدته رتيبة النتشة المرشحة عن قائمة اليسار الموحد، التي رأت أن رفض التأجيل سيكون مرتبطا بمصلحة حزبية، تجاوزا لحق القدس، مقترحة بضرورة العمل على تأجيلها لوقت والعمل على وضع خطة ضغط دولية وشعبية تدفع باجراء انتخابات في القدس.