يعد الأول من نوعه

غزة تتحدى الحصار وتبني منزلاً من أكياس الرمل

الرسالة نت / أمينة زيارة  

لم يتوقع المهندس الإيراني نادر خليلي أن يكون مشروعه البسيط القائم على البناء بأكياس الرمل والطين محط اهتمام بعض المهندسين الفنيين في قطاع غزة، فقد تحدى هؤلاء الحصار المفروض على القطاع باللجوء إلى البناء بالطين ونفذوا بعض هذه المشاريع التي لاقت استحساناً وإعجاباً من المواطنين، "الرسالة نت" زارت احدى نماذج هذا البناء "مبرة الرحمة للأطفال" شرق مدينة غزة ونقلت أقوى صور تحدي الحصار.

*** لمواجهة الحصار

عكف المهندس الشاب حسن أبو كميل على إنجاز أول مبنى مصنوع من الرمل، يمكنه الصمود لـ 35 عاماً على حد قول المختصين، حيث يعتبر أول من طبقه تلك الفكرة في قطاع غزة قبل ستة أشهر، من خلال بنائه مبنى إداري ومسجد تابع لجمعية مبرة الرحمة ونادي للفروسية على شاطئ بحر غزة، حيث أشار إلى أن البناء باستخدام الرمل وفق نظام القباب معروف في البناء الهندسي وهو نظام قريب من الحوائط الحاملة التي كان معتمد عليها في المباني الإسلامية والفرعونية القديمة.

ويضيف : استوحيت الفكرة بعد قراءتي عن بلاد تمكنت من بناء منازل رملية صديقة للبيئة كإيران وجنوب أفريقيا والمكسيك ، ويواصل حديثه: هذه المباني الرملية جاءت لمواجهة الحصار في ظل عدم إدخال مواد البناء إلى غزة.

ويسرد م. أبو كميل كيفية البناء قائلاً: نعتمد في البناء فقط على الرمل المخلوط بشيء من الطين وأكياس النايلون إلى جانب الأسلاك الشائكة، حيث يقوم العمال بوضع الرمال في أكياس طويلة يتم قطعها طبقا لطول البناء، ثم يتم خفض الرمال باستخدام مطارق حديدية خاصة لزيادة تماسك المدماك، وقبل الانتقال إلى مدماك آخر يتم وضع سلك شائك ليعمل على تماسك المداميك مع بعضها ومنع أكياس الرمل من الحركة ولتوفير مقاومة للزلازل.

تكلفة قليلة

ويقول المشرف على مشروع البناء: الجدران التي يتم صنعها من أكياس الرمل يتم "قسارتها" باستخدام الأسمنت المضاف إليه بعض المواد المعالجة لتكون قوية وتلتصق بأكياس النايلون، مضيفاً: تبلغ تكلفة استخدام الرمل في البناء نصف تكلفة إنشاء مبنى من الأسمنت المسلح، وتذهب غالبية التكلفة إلى العمال الذين يبذلون جهوداً كبيرة في تنفيذ الفكرة، فالعمالة تكلف أكثر من الأدوات ومواد البناء، وهذه أولى الإشكاليات التي نواجهها وهي قلة العمالة.

ويعتبر م. أبو كميل أن الإقدام على بناء المنازل الرملية هو نوع من أنواع تحدي الحصار بسبب قلة الأسمنت، مؤكدا أن وزارة الحكم المحلي ممثلة بالمهندس محي الدين الفرا وضعت المخطط اللازم لدراسة آلية البناء ومدى نجاحها أو فشلها ومن ثم أعطت التصاريح اللازمة لهذه الأبنية.

سريع التنفيذ

ويوضح  أبو كميل، أن تقنية بناء المساكن بأكياس الرمل حديثة نسبياً، ولا يزيد عمر تطبيقها على عشر سنوات، على الرغم من أن أكياس الرمل قد استخدمت قديماً بوصفها منشآت لحجز فيضانات الأنهار في جميع أنحاء العالم، وفي بناء الخنادق والمعسكرات الحربية.

ويتحدث عن مميزات البناء بأكياس الرمل قائلاً: البناء بهذه الطريقة لا يكلف كثيراً، فالرمل متوافر على نطاق واسع في غزة، واستخدامه لا يتطلب أي معالجة مسبقة، ولا يكلف أكثر من قيمة الأكياس المصنوعة النايلون المقوى، ويضيف: البناء بأكياس الرمل حل مناسب من الناحية البيئية، فهو يوفر الراحة الحرارية للسكان فالمسكن يكون بارداً صيفاً ودافئاً شتاءً بسبب الكثافة النوعية للحوائط الرملية، بالإضافة إلى أنه مناسب لجميع المناطق.

وينوه إلى عدم تقبل المجتمع لهذه المشاريع في بدايتها فيقول: لقد واجهنا انتقادات كبيرة من قبل الشارع الغزي لبناء مثل هذه المشاريع التي نعتبرها تحدياً للحصار المفروض على القطاع، إلا أن هذه الانتقادات لم تؤثر على نشاطنا فقد عملنا بجهد كبير، وقد استخدمنها في بناء المسجد والمبنى الإداري، ويكمل: بعدما انتهينا من بناء السور وغرف المسجد وشاهد الجمهور والمهندسين هذه الجهد وجمال هذه البناء اثنوا على عملنا ونحن بصدد الانتهاء من المسجد.

نقص الأيدي العاملة

وعن الإشكاليات التي تواجه هذه المشروع يقول م. أبو كميل الذي انهمك في فحص بعض الأكياس التي رصت فوق بعضها البناء لتشكل شكل هندسي معماري جميل، وبدأ يقاوم أشعة الشمس التي صبغت وجهه بالحمرة الشديدة فيقول: تعتبر الأيدي العاملة من أهم الإشكاليات التي تواجه المشروع رغم أن هذا الأمر سهل ومعروف لدى الجميع لكنه يحتاج أيدي عاملة كبيرة، فرغم توفر المواد إلا أننا نعاني قلة في الأيدي العاملة التي اعتادت على البناء بالباطون والاسمنت المسلح بسبب الجهد الضخم الذي يحتاجه البناء بالأكياس خاصة أنه أول مرة تنجر مثل هذه المشاريع في غزة.

ويقارن بين البناء بالطين وأكياس الرمل فيقول: البناء بالطين يحتاج تكلفة عالية وتقنيات اكبر من خلال اختيار نوع معين من الطين فالطين الموجود يحتاج لمعالجة لإعادة استخدامها وخلطة بالتبن والاسمنت أما البناء بالرمل فهو أسهل وتوفر الرمال بشكل كبير في غزة بالإضافة إلى سرعة انجاز المبنى، ويطمئن الجمهور الغزي قائلاً: هذه المباني صديقة للبيئة ولا خوف منها فهي تصمد لمدة 35 عام، ولا خوف من انهيارها. 

 

 

البث المباشر