سنوات عجاف عصفت ببلدية نابلس، منذ أن انتهت ولاية الحاج عدلي يعيش الذي ترأس المجلس بقائمة انتخابية تحت شعار حركة حماس "التغيير والإصلاح" عام 2005، وامتدت لسبع سنوات كانت بشهادة أهالي المدينة من أكثر الفترات التي شهدت تنفيذ مشاريع خدماتية وتطوير للبنية التحتية.
ومع انتهاء ولاية يعيش، وإجراء الانتخابات عام 2012، سلّم مهامه لمجلس بلدي يرأسه القيادي بحركة فتح غسان الشكعة، الذي خرج عن قائمة حركته حينها مشكلا قائمة لوحده، إلا أنه تنحى وقدّم استقالته من رئاسة البلدية واستقالة المجلس البلدي كاملاً العام الماضي، بعد خلافات داخلية عصفت بحركة فتح وبين الشكعة.
وعقب ذلك استلمت لجنة من وزارة الحكم المحلي إدارة مجلس البلدية برئاسة وزير الحكم المحلي سميح طبيلة.
ورافق فترة تولي الشكعة لرئاسة البلدية استياءً كبيراً من أهالي مدينة نابلس، لعدم إنجاز مشاريع تطويرية، أو أي تحسين على المرافق العامة، بل تجاوز الأمر لخصخصة أكبر المتنزهات العامة بالمدينة، والتي تم تطويرها وافتتاحها خلال فترة تولي يعيش للبلدية، ما سبب بحالة سخط واستياء كبيرين بين المواطنين.
ومع قرب انتهاء الفترة المحددة لتسجيل القوائم الانتخابية للانتخابات المحلية المزمع إجراؤها في الثامن من أكتوبر المقبل، اشتدت حدة الخلافات الداخلية في أوساط حركة فتح، بعد "صدمتها" من قرار حركة حماس بالمشاركة.
وتجلّت أزمة حركة فتح بعجزها في لملمة أوراقها ورصّ صفوفها استعداداً لخوض الانتخابات، حيث لم تعلن عن قوائمها في الضفة الغربية لا سيما في المدن الكبرى.
ولجأت حركة فتح في عدد من المواقع للتحالف مع فصائل أخرى، لتجنب الهزيمة التي قد تودي بها في الانتخابات، حتى أنها وجدت بقوائم حركة حماس ملجأً لتفادي الخسارة التي ستلحق بها نتيجة عدم قدرتها على ترتيب بيتها الداخلي وتنظيم صفوفها للعمل بالانتخابات بقوائم منظمة باسم فتح.
وفي مدينة نابلس، كبرى المدن بالضفة، والتي تعد نتائج الانتخابات فيها انعكاسا لتوجهات الشعب الفلسطيني، تسعى فتح للانضمام لقائمة "نابلس للجميع" التي يترأسها الحاج عدلي يعيش المحسوب على حركة حماس.
مصادر مقربة من يعيش أكدت لـ"الرسالة نت" أنه لم يمانع على انضمام حركة فتح لقائمته، وأنه فتح لهم المجال لعدة مقترحات، كأن تكون البلدية عامين برئاسة حماس وعامين برئاسة فتح، ومقترحا آخر بأن تكون غالبية الأعضاء من حركة فتح ورئاسة البلدية لحماس، إلا أنه ومع ذلك لم تستطع فتح حتى اللحظة حسم أمرها وتشكيل قائمة أو ترشيح شخصيات للانضمام لقائمة يعيش بشكل نهائي.
وذكرت المصادر أن حركة فتح حرصت على التحالف مع عدلي يعيش وتمسكت بقائمته، لتيقنها من فوزه واكتساح قائمته في الانتخابات أمام أي قائمة منافسة لها.
وأرجع مراقبون ذلك للنجاح الذي حققه المجلس البلدي الأسبق برئاسة عدلي يعيش، مقابل فشل حركة فتح على قيادة البلدية واستقالة المجلس برئاسة غسان الشكعة.
قارب نجاة..
النائب بالمجلس التشريعي عن حركة حماس بمدينة نابلس ياسر منصور، أشار إلى "وجود إشكالية قديمة حديثة داخل حركة فتح تتمثل بعد قدرتها على إيجاد شخصية تحظى بإجماع داخل الحركة تقود الانتخابات وتترأس القائمة التي يمكن تشكلها فتح، على الرغم من كل التصريحات التي تؤكد على خوضها الانتخابات بقوائم صريحة تابعة لها، وتهديدها لعناصرها في حال ترشح بقائمة منفصلة".
وأضاف منصور في تصريح خاص لـ"الرسالة نت":"واضح أن الإشكالات الموجودة هي التي تحول دون قدرة فتح على تشكيل قائمة مستقلة باسمها في مدينة نابلس تحديداً، وإن كان هذا الأمر ينسحب على مناطق أخرى، وهذا يعود للإشكالات الداخلية لفتح وعدم استقرارهم لشخصية وازنة ومجمّعة لجميع التوجهات داخل فتح".
وحول شخص عدلي يعيش وقائمة "نابلس للجميع" التي يترأسها، قال منصور: "من المعروف في نابلس، أنه وحتى الآن الرابح بالانتخابات سيكون عدلي يعيش، فهو يحظى بشبه إجماع بالشارع النابلسي، وبالتالي، أي شخص أو اتجاه معني بالفوز سينضم للقائمة المضمون فوزها، وبالتالي حركة فتح ترى بعدلي يعيش قارب نجاة لهم ليحققوا شيء من خلاله".
وأكد منصور على أن موقف حركة حماس بالانتخابات المحلية كان واضحاً، مضيفاً:"حماس لن تخوض انتخابات بقائمة صافية وواضحة وتحت اسم حماس، وقد أعلنت أنها ستدعم أي قائمة سواء تشكلت بتوافق وطني أو من خلال عائلات أو شخصيات اعتبارية أو غيرها".
ومضى قائلا:"حماس هدفها خدمة المواطن دون وجود لمصالح شخصية أو أجندة خاصة، وهذه الانتخابات هي مجال للخدمة ومن كان لديه استعداد للخدمة فأهلا به، ولا مانع لحماس للتحالف مع أحد سواء مع فتح أو اليسار على هذا الأساس".
ويحظى عدلي يعيش بشعبية كبيرة في نابلس، وهو أحد كبار رجال الإصلاح بالمدينة، وأحد مبعدي مرج الزهور، وأسير محرر من سجون الاحتلال.
وهو رجل أعمال ناجح حائز على شهادة بكالوريوس في الهندسة الميكانيكية من بريطانيا عام 1975.