أثيرت العديد من التكهنات حول عودة القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان، إلى قواعد الحركة مجددًا، غير أن الوقائع تشير إلى أن "طبخة" الرجوع لم تنضج بعد، ولا تزال هناك العديد من تفاصيلها وفصولها بحاجة الى مزيد من الوقت لتجهيز "وليمة" ما بعد الرئيس!
ومن خلال تقصي المعلومات والتفاصيل من قيادات فتحاوية في غزة والضفة والخارج، من بينها شخصيات "تهمس" في أذن دحلان، كشفت للرسالة عن تفاصيل مهمة في كواليس اعداد " طبخة" ترميم البيت الفتحاوي الداخلي.
عدلي صادق عضو المجلس الثوري لفتح والمقرب من دحلان، قال إن رحلة البحث عن الخروج الآمن لرئيس السلطة محمود عباس بدأت مبكرًا من خلال تواصله مع دول إقليمية، يضمن خروجه من المشهد بدون ملاحقته هو وابناءه، وهو ما انتج جهدا عربيًا تحديدا من الامارات والسعودية ومصر والاردن.
وقال صادق لـ"الرسالة نت "، إن المصريين أبلغوا دحلان رغبتهم إجراء مصالحة فتحاوية داخلية، وقد أبلغهم موافقته، مع وجود شروط لديه"، موضحًا أن قضية المصالحة بالنسبة لدحلان تتمثل في بنية فتح والنظام السياسي الشامل للحركة.
وأضاف "لا شك أن الاماراتيين قد دفعوا المصريين لضرورة تحقيق مصالحة بينهما( عباس ودحلان)".
خطة الرجوع
تفيد المصادر القيادية في فتح، أن عباس وافق على ترتيب "مرحلة انتقالية"، يتم خلالها انشاء " فريق سياسي" لقيادة المرحلة، فهناك رؤية فتحاوية لرصد الانتخابات المحلية الداخلية، وفي حال أنجزت الحركة فوزًا فيها، فسيدعو عباس لاجراء انتخابات تشريعية في غضون 3 أشهر، وحال ضمن فوزًا مكررًا للحركة، سيدعو لانتخابات رئاسية في فترة لا تتجاوز 6 أشهر، ضمن نظام الدوائر التي اعتمدت في الانتخابات المحلية.
وأشار مصدر قيادي فتحاوي مقرب من دحلان ، لـ"الرسالة نت"، أن هذه الخارطة توافقت عليها قوى إقليمية، لكن العقبة كانت حول من سيخلف عباس في قيادة المرحلة المقبلة، فكان التوافق على صناعة جسر يضمن وحدة الصف الفتحاوي، واختيار شخصية متفق عليها في المرحلة الحالية، تتمثل في " مروان البرغوثي".
البرغوثي كان هو أول من حرك ملف المصالحة في الفترة الأخيرة، وأرسل بوفد قيادي فتح يضم محمد حوراني واحمد غنيم وقدورة فارس وآخرين، الى تركيا لمقابلة قيادات بحركة حماس، انضجت لاحقًا ورقة مسودة لاستئناف لقاءات المصالحة، قبل أن تخفق مجددا.
وأيد دحلان مساعي البرغوثي آنذاك، وشدد وقتها أشرف جمعة المحسوب على تيار دحلان على أهمية هذ المساعي، فيما اشتكى عباس لمقربين منه، عن وجود تقارب بين دحلان والبرغوثي.
وفضل البرغوثي لعب دور الطرف الثالث في حركة فتح، ليبقى مقربا من جميع الأطراف، الا انه اشتكى لمقربين منه من سياسة الرئيس عباس، تحديدا في السياسة الفتحاوية الداخلية.
ويشير المصدر، أن توليفة العلاقة بين دحلان والبرغوثي، أنضجت فكرة قبول الأول في أن يكون مروان هو الرئيس المرشح لقيادة السلطة، وقال لمقربين منه في اجتماع جرى مؤخرًا في القاهرة " لست على عجل من أمري برئاسة السلطة".
يقول المصدر:" دحلان "اقتنع" بأنه من المبكر أن يتولى قيادة السلطة في هذه الفترة، وأن يتولى منصبًا أمنيًا يكون مقدمة له لاعادة وجوده في الحركة، غير أن هناك معضلة تتمثل في وجود البرغوثي داخل السجن، فيرد المسؤول " هناك رأيان في فتح الأول يقول علينا اخراج البرغوثي ضمن صفقة سياسية، وآخر ينادي بالضغط على إخراجه ضمن صفقة تجريها حماس".
وما بين الرأيين يرجح المسؤول أن الإقليم سيبحث عن مخرج سياسي للإفراج عن البرغوثي، لكيلا يضعه في موطن حرج تجاه حماس ويبقيه ندا لها، وآخرين يعتقدون أن قدرة حماس على انجاز الصفقة سيكون أسرع من أي صفقة سياسية، لكنها ايضًا تشكل معضلة لانها سترفع منسوب شعبية الحركة.
تخبط في الداخل
وبحسب المسؤولين في فتح، فإن هناك قناعة لدى الحركة بضرورة إيجاد شخصية توافقية تدير المشهد بتوافق مع حماس، في غزة لوجود قناعة ب"استحالة اجتثاثها"، وهو امر يخفف من حدة رفض المستويات القيادية في الحركة، وفي كل الأحوال يجب أن تضمن المرحلة خروجا آمنا لرئيس السلطة محمود عباس.
كل ما سبق لم يُنضج بعد الية عملية محددة لاعادة تيار دحلان الى الحركة، ولا يزال التضارب في صفوف الحركة.
فعضو المجلس الثوري لفتح عبد الفتاح حمايل قال لـ"الرسالة نت " ان مبادرة عودة دحلان لم تصل إلى مرحلة التطبيق بعد، لكنه رجّح إمكانية عقد لقاءات بين تياري دحلان وعباس؛ لأجل ذلك.
وهو ما دفع باللواء بلال النتشة، بنفي وجود مبادرات لاعادة تيار دحلان في الوقت الراهن.وقال النتشة لـ"الرسالة نت "، كل ما اثير من معلومات حول عودة دحلان لهذه اللحظة محض " كذب".
أمّا عمر الحروب مسؤول القضاء في حركة فتح، فنفى أن يكون لدحلان أي قضايا داخل الحركة.
وقال الحروب لـ"الرسالة نت"، إن ملفات دحلان لدى القضاء الفلسطيني وليس داخل فتح.
وقد تفرض سيناريوهات أخرى ذاتها على المشهد الفتحاوي، لتغير موازين التفكير الراهن في رسم مراحل المشهد، ومن بينها فرض توافق فتحاوي داخلي على دحلان بدون الحاجة الى "جسر" البرغوثي، لكن ذلك مستبعد بتقديرات قيادات فتح لأهمية ودور الرجل من جانب ومن جانب آخر، فإن الحركة لا تزال تعاني من استقطابات حادة يحتاج دحلان لمرحلة ترتيب اوراقها وفرض ذاته رئيسًا توافقيًا في فتح قبل أي شيء آخر.