يفصل الفلسطينيين عن موعد انتخابات الهيئات المحلية قرابة الشهر، والذي من المتوقع أن تكون الأحداث متسارعة فيه، خاصة مع قرب بدء الدعاية الانتخابية رسمياً والتي قد تشهد حملات إعلامية كبيرة، لكن يرافق مراحل الانتخابات حملات تشنها أجهزة أمن السلطة الفلسطينية في رام الله من خلال اعتقالات وملاحقات وتهديدات ضد أنصار حركة حماس وفصائل اليسار المشاركة في الانتخابات وذلك في محاولة للتأثير على نتائج الانتخابات.
ويبرز دور الأجهزة الأمنية في رام الله بقوة في هذه الانتخابات، خاصة ان السلطة تتعامل بخوف وحذر شديد، وتحمل هواجس كبيرة اتجاه ما قد تحمله نتائج الانتخابات، لذا تنفذ هذه الأجهزة ضربة استباقية للتحكم بقدر المستطاع في سير العملية الانتخابية والأهم نتائجها.
وليس سراً أن ملف الانتخابات بالكامل موكل للأجهزة الأمنية هناك، فقد قال مصدر "للرسالة نت" من الضفة الغربية أن الأجهزة الأمنية وتحديداً المخابرات العامة بقيادة اللواء ماجد فرج يشرف على كل تفاصيل الانتخابات، مؤكداً أن حتى اعداد القوائم والمرشحين لقوائم حركة فتح تم عن طريق هذا الجهاز.
ولم يقتصر الأمر على مرشحي الضفة بل امتد إلى قطاع غزة أيضاً حيث جرى تسريب وثيقة تؤكد خضوع كل مرشحي حركة فتح وأعضاء دائرة الانتخابات للحركة ومفوضي الأقاليم لفحص أمني عن طريق المخابرات.
وقد كشفت الوثيقة أن كل مرشحي فتح أرسلت أسماؤهم لجهاز المخابرات في الضفة للتحري عنها وذلك خشية أن يكون من بينها عناصر لدحلان.
في المقابل يتصدر جهاز المخابرات الحرب التي يشنها عباس وبشكل مباشر على حركة حماس وخاصة في الضفة خشية فوزها في الانتخابات، وقد أكدت هذه المعلومات الوثيقة التي سربت من جهاز المخابرات، حيث تكشف عن وجود خطة من عدة مراحل وضعت تحت اشراف أبو مازن وكلف بها الجهاز بهدف منع حماس من الفوز.
وتحدثت الوثيقة عن انجاز المرحلة الأولى من الخطة والتي قدم فيها عناصر وضباط المخابرات أداء مميزًا –بحسب الوثيقة-في شل أنشطة حماس في المرحلة الأولى من الانتخابات من خلال اعتقال العناصر المؤثرة والضغط على المرشحين وذويهم وتهديدهم مما أدى إلى انسحابهم.
وجاء في الوثيقة أن المخابرات ترجح أن القوائم المدعومة من حماس لن تحصل على نسبة 30% في أحسن الأحوال، وأنه جاري العمل على المرحلة الثانية من الخطة.
ومن اللافت أن عملية التهديد لم تقتصر على عناصر حماس في الضفة الغربية، فقد طالت أيضًا قوائم اليسار وبعض المرشحين المستقلين والذين يُخشى من تحالفهم مع قوائم ستدعمها حماس، وذلك بهدف ترك المجال قوي أمام قوائم حركة فتح.
الحملة الشرسة التي يتصدرها جهاز المخابرات برئاسة رجل الأمن القوي في الضفة فرج تعكس حجم المخاوف من نتائج الانتخابات التي في حال فازت فيها حركة حماس فإن السلطة ترى في ذلك ضرب لشرعيتها وتجديد لشرعية حركة حماس واستفتاء حقيقي على برنامج المقاومة بعد أكثر من عشر سنوات على الحصار الذي عانت منه حماس في قطاع غزة والضفة الغربية.
انعكاسات الفوز لن تقف عن هذا الحد بل ستطال مستقبل السلطة الفلسطينية، خاصة فيما يتعلق بملف الرئاسة وخلافة عباس ووجود سياسي قوي للحركة في الضفة الغربية بعد سنوات من الحرب المعلنة ضدها من السلطة والاحتلال معاً.
أليكس فيشمان الكاتب والمحلل السياسي "الإسرائيلي" قال إن السلطة الفلسطينية باشرت وأخذت دورها في التحرك لإضعاف حركة حماس وضرب فرص فوزها في الانتخابات البلدية، عبر اعتقال نحو 70 ناشطاً سياسياً رفيعي المستوى في الحركة.
ويتوقع فيشمان أن تشن السلطة حملات اعتقال إضافية لضرب الجهاز الانتخابي لـ"حماس"، وأنصارها حتى من القوائم المستقلة.
ويلفت فيشمان إلى أن هذه الاعتقالات لا تشكل بالضرورة ضماناً لنجاح خطة السلطة في ضرب "حماس", فقد تمت تجربة هذا الأسلوب في انتخابات مجلس الطلبة لجامعة بيرزيت، وعلى الرغم من ذلك، فاز أنصار "حماس" بمقاعد المجلس, ما شكل ضربة قوية للسلطة وحركة فتح.