الرسالة نت-رائد أبو جراد
امتزجت دموع الطفلة البريئة ريم الدهشان بكلماتها الحزينة وهي تسأل عن سبب التعنت الصهيوني في منع أمها المريضة من العودة لأبنائها وبيتها بحي الزيتون جنوبي غزة بعد سفرها لتلقي العلاج في أحدى المستشفيات التركية قبل 6أشهر.
بصوت خافت متقطع نتيجة اشتداد المرض عليها قالت المبعدة وفاء الدهشان 42 عاماً في تصريح لـ"الرسالة":" إن أصعب اللحظات التي عايشتها تمثلت في فراق أرض الوطن والأبناء وعدم الوصول لغزة عبر سفن الحرية".
أصوات موكب نقلها من معبر رفح ودوي الإسعاف الذي نقلها لمنزلها علت صوتها وهي تستذكر ما شهدت عليه خلال الأيام الماضية من مجزرة صهيونية ارتكبت بحق المتضامنين على ظهر سفن الحرية.
وأضافت الدهشان التي تعاني مرض السرطان منذ عامين :"جريمة الاحتلال كانت قاسية جداً على السفن والأتراك، فلم نكن نتوقع هذا الإجرام العدوان ضدنا ، مستدركاً: ولكني لم اخف ولم اصب بالرعب خلال تلك العملية الوحشية.
معاملة طيبة
وفي سياق أخر، أكدت "أم محمد" أن المعاملة التركية لها وهي تخضع للعلاج كانت طيبة وجيدة جداً، مبينةً أن معاناتها الكبيرة تمثلت أثناء رحلتها العلاجية لتركيا وخلال عودتها عبر سفن الحرية أو معبر رفح اليوم.
"الرسالة" زارت بيت العائلة بحي الزيتون قبل عودة الأم عصر السبت وتساءلت طفلتها التي أضاءت شمعة عمرها الرابعة وقد بدا الحزن والامتعاض على وجهها الصغير:"لماذا لم تعودي يا أمي اشتقت لك ولحضنك الدافئ ولحنانك وحبك الكبير لي ولإخوتي الصغار، افتحوا المعبر وأسمحوا لوالدتي الحبيبة بالعودة لكي نراها".
أما الطفل عبد الله نجل المبعدة فبدا الحزن الشديد على وجهه، فقد وجه خاطبه لمن يحاصر غزة ويمنع المرضى من السفر قائلاً :" لو حل بأبنائكم الصغار ما حل بي وبعائلتي وشعبي المحاصر هل ستصمتون على ذلك، كفي حصاراً علينا".
من جهته، يقول أحمد الدهشان زوج وفاء، بعد تمكنه من العودة لداره وأبنائه سالماً بعد المجزرة الصهيونية بشعة "للرسالة" :"قبل سنة ونصف أصيبت زوجتي بمرض عضال "سرطان القولان" وأجريت لها عملية جراحية في شهر يوليو الماضي وبعدها جهزنا أنفسنا للسفر لتركيا بمنحة قطرية ومكثنا 4أشهر ثم توجهنا لمطار القاهرة لكن السلطات المصرية أعادتنا لاسطنبول بعد أربعة أيام من سوء المعاملة".
ولفت إلى أنهما ذهبا لتركيا وسمعا عن التجهيز لأسطول بحري كبير متوجه لغزة، مستدركاً:"قررنا العودة لمنزلنا عبره ووجدنا الصدر الرحب من مؤسسة الإغاثة التركية ومكثنا في سفينة مرمرة التركية طيلة أربعة أيام وعايشت وزوجتي ما حل من اعتداء ومجزرة بشعة على ظهر السفن".
400 جندي
ووصف المبعد الدهشان ما حل بهم على ظهر سفن الحرية قائلاً:" الساعة 4:30 فجراً كنا نؤدي الصلاة ففوجئنا بالقصف الصهيوني من الطائرات المروحية نتج عنها عشرات الشهداء والجرحى وسقط عدد عن الباخرة بعدها اقتحم السفينة أكثر من 400 جندي صهيوني وتم اقتيادنا لميناء أسدود بعد تكبيل يدينا ومنعنا من المأكل ومن قضاء حاجتنا وهناك كانت معاناة التحقيق من قبل مخابرات الاحتلال".
وأكد أن عدد جنود الاحتلال الذين استقبلوهم في ميناء أسدود فاق عدد المتضامنين بضعفين، قائلاً:"استقبلنا عدد ضخم من الجنود الاسرائيلين قدر بـ4آلاف جندي مقابل 400 متضامن فقط، وحقق معنا مرتين في ميناء أسدود اقلونا بعدها بحافلات توجهت بنا لسجن بئر السبع للتحقيق وتعرضنا خلال التحقيق الذي تكرر أربع مرات".
وتابع "أبو محمد" :"أغلقوا ملف المتضامنين وإعادتهم لديارهم نقلونا لمطار بن غوريون للترحيل لتركيا فعندما شاهد احد الجنود ملفي وعرف أنني من غزة قرر إبعادي لدياري"، مطالباً الجهات المختصة للتدخل للسماح بعودة زوجته المريضة لأهلها ومنزلها.
في حين يصف أحمد عليان(30 عاماً) ما حل بعائلة عمه:" بعدما عاد عمي لوحده عاد المرض لزوجته بسبب ألم الفراق، حيث تمنت حماتي في تلك اللحظة العودة لغزة بأي وسيلة كانت لترى أبنائها وذويها الذين تركتهم طيلة 6شهور من العلاج الذي لم تنتهي منه بالكامل والسفر والمعاملة السيئة على يد السلطات المصرية".
واستدرك بالقول:" أيام قليلة فقط كانت تفصل بين عودة الفرحة العارمة والسعادة لعائلة أبو محمد الدهشان، فبعد أسبوع كامل من الحزن والغضب على ظلم ذوي القربي الذي تبين جلياً أنه أشد مضاضةً على القلب من وقع الحسام المهند، لكن قدرة الله تعالى كانت أقوى من قدرة البشر فقد أعاد لعائلة المبعد أحمد الدهشان جو السرور والسعادة ودفء الجو الأسري وحنان الوالدين من جديد بعد معاناة وصبر اختتما بفرج لم يطل انتظاره.