فجر كل يوم، يستيقظ سائق التاكسي عامر اشتية على رنة هاتفه النقال "ألو.. شو أحوال الطرق اليوم؟"، فهو كما باقي زملائه الذين يعملون على الخطوط الخارجية لمدينة نابلس، لا سيما باتجاه قرى جنوب المدينة، بات عملهم محفوفاً بالمخاطر والتعب، بعد أن أغلقت قوات الاحتلال المداخل الرئيسية لعدة قرى جنوب نابلس.
يستقل عامر سيارته، متنقلاً عبر أثير المذياع بين محطة وأخرى، لسماع آخر الأخبار المتعلقة بالطرق المغلقة، في محاولة لرسم صورة لسير عمله لهذا اليوم.
فمنذ أكثر من أسبوع، تعيش قرى بيتا وعينابوس وأوصرين وأودلا وعورتا وزعترة، تحت حصار مطبق، بعد أن أغلق جيش الاحتلال "الإسرائيلي" مداخلها الرئيسية والفرعية بالسواتر الترابية والمكعبات الاسمنتية، ومنع المواطنين من عبورها بمركباتهم، بحجة تعرض المستوطنين لإلقاء الحجارة في تلك المناطق.
يقول عامر:"عملنا أضحى عبارة عن بحث عن طرق بديلة، وسلوك طرق ترابية ومسافات طويلة جدا، ترهق السائق والركاب، وتزيد من التكلفة المادية على الطرفين".
على مدخل قرية بيتا الرئيسي، التي تضم سوق الخضار المركزي جنوب نابلس، وُضعت المكعبات الإسمنتية، وأُهيلت فوقها أكوام من التراب، لتحجب فضاء الحرية عن سكان البلدة وتجار سوق الخضار، ما ألحق خسائر فادحة بهم.
عاطف معلا رئيس مجلس قروي بيتا، أشار إلى أن حجم الخسائر التي تكبدها التجار وأهالي القرية فادحة وكبيرة جداً، تصل يومياً لما يقرب من مئة ألف دولار، نتيجة إغلاق مداخل القرية الرئيسية، ومضى يقول لـ "الرسالة": "سوق الخضار المركزي يبعد عن المدخل الرئيسي المغلق 300 متر، لذلك فالتجار لا يتمكنون من إيصال بضاعتهم للسوق، وتلحق بهم خسائر مادية كبيرة، خاصة وأن باقي الطرق الترابية التي يسلكها المواطنون كطرق بديلة مغلقة أيضاً".
وأشار معلا إلى أن التجار يعانون من الإغلاقات المستمرة للمدخل الرئيسي للقرية، حيث سبق وأن أُغلق السوق لمدة سبعة أيام قبل العيد نتيجة إغلاق مداخل القرية حينها.
ووصف رئيس مجلس بيتا حياة 12 ألف نسمة يسكنون في بيتا في ظل الحصار المفروض عليها، بـ "الكارثة"، مضيفاً: "الموظفون والعمال والطلاب والمرضى يضطرون للركوب بعدة مركبات حتى يصلوا لمكان عملهم، وقطع مسافة تزيد عن 15 – 20 كيلو متر إضافية، كما أنهم مضطرون للسير لمسافات طويلة لقطع تلك الحواجز التي أغلقت منافذ القرية بالكامل".
وتابع: "ألف شخص من بيتا يخرج من القرية يومياً، من عمال وطلاب وموظفين، وهؤلاء يعانون الأمرّين في خروجهم ودخولهم للقرية". ولفت معلا إلى أن قوات الاحتلال فرضت الإغلاق على قرية بيتا والقرى المحيطة، كعقاب جماعي على المواطنين، بحجة تعرض المستوطنين لإلقاء الحجارة، وقال:"جيش الاحتلال غير قادر على منع الفتية من إلقاء الحجارة فلجأ لسياسة العقاب الجماعي".
من ناحيته، قال مسئول ملف الاستيطان في شمال الضفة الغربية غسان دغلس: "إن قوات الاحتلال حوّلت منازل المواطنين في منطقة حوّارة خلال الأيام الماضية لنقاط عسكرية لتوفير الحماية للمستوطنين".
وأشار دغلس في حديثه لـ "الرسالة"، إلى أن الاحتلال فرض عقاباً جماعياً على نحو 50 ألف مواطن فلسطيني في قرى جنوب نابلس، بعد إغلاق مداخلها الرئيسية.
وانعكست حالة الإغلاق المستمر لجنوب نابلس على الوضع التجاري في بلدة حوارة، التي تعد الشريان الرئيسي لتلك القرى، والطريق الواصل بين مدينة نابلس بقرى جنوب المدينة، ووسط الضفة الغربية.
وحول ذلك يقول دغلس: "المحال التجارية في حوارة تضررت بشكل كبير من حالة التوتر الأمني والإغلاق المستمر للطرق والانتشار الكبير لقوات الاحتلال في عدة نقاط ومناطق في حوارة".
وينتشر فرق المشاة من جنود الاحتلال على امتداد الشارع الرئيسي لحوارة، ويتمركزون على أبواب المحال التجارية، ما يمنع المواطنين من دخول تلك المحال تجنباً لأي اعتداء قد يتعرضون له.
وتعاني قرى جنوب نابلس من اعتداءات متواصلة من المستوطنين المتطرفين، حيث تحيط بالمدينة عشرات المستوطنات والبؤر الاستيطانية، ويسكنها أشد المستوطنين تطرفاً بمستوطنات الضفة الغربية.