يجد الصيادون في غزة الأمتار التي يلجئون لها في المياه الإقليمية المصرية مسرحا للصيد الوفير بعد أن منعتهم الزوارق الحربية "الإسرائيلية" من الإبحار بحرّيّة في بحر القطاع, لكن اعتداء قوات خفر السواحل المصرية على سبعة صيادين أمس الجمعة، أعاد صورة الاعتداءات التي مارستها تلك القوات إبان نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك.
ودأب الصيادون الفلسطينيون على الإبحار بقواربهم المتواضعة بضع كيلو مترات في حدود مصر البحرية إبان حكم الرئيس محمد مرسي للحصول على قوت يوميهم. ومنذ الانقلاب العسكري في مصر أصبح الصيادون الفلسطينيون معرضين للقتل والاعتداء الجسدي واللفظي وتقطيع شباكهم ومصادرة ممتلكاتهم.
يقول الصياد جمال بصلة الذي اعتقل أربعة من أبنائه أمس الجمعة: "إنه أمر مؤسف أن تتعرض للمطاردة وإطلاق النار والاعتقال من المسلمين وتُهمتُك أنك تريد الحصول على قوت يومك فقط ".
وأضاف "لقد أوقفوا قارب أبنائي قرب الحدود البحرية دون أي حق وجرى اعتقالهم ومعاملتهم بوحشية". وقال إنه أجرى سلسلة اتصالات مع عدت جهات حقوقية وأمنية من أجل تأمين الإفراج عن أبنائه وزميلهم الآخر, متمنيًا أن ينتهي اعتقال أبنائي بأسرع وقت.
يذكر أن خفر السواحل المصري مارس الحجز والضرب على الصياد بصلة (58 عاما) إبان حكم المخلوع مبارك.
وتعلم بصل مهنة الصيد من والده وهو يعيش في قرية زراعية على شاطئ بحر رفح الذي كان يخضع أمنيا للجيش "الإسرائيلي" قبل انسحابه من قطاع غزة في أيلول/سبتمبر عام 2005.
وورّث المهنة لأبنائه الذين تجرعوا من كأس المعاناة التي عاشها والدهم على مدار أربعة عقود ونصف من الزمن.
وكان زورقان وطوافتان على متنهم عشرات جنود البحرية المصرية قد هاجموا فجر الجمعة قاربي صيد فلسطينيين وأصابوا صيادين بجراح واعتقلوا خمسة آخرين وفق ما ذكر بصلة.
وروى الصياد الذي عرف نفسه باسم أبو العبد تفاصيل اعتداء البحرية المصرية على زملائه قائلًا: " هاجمت البحرية المصرية قاربي وأربعة قوارب أخرى قبل أذان الفجر بنصف ساعة تقريبا".
وتابع موضحا: "أحد الضباط المصريين كان بيده جهاز لاسلكي ويتحدث باللغة العبرية من فوق الزورق بينما أطلق الزورق الثاني النار صوب مركب قربي ثم طلب من مركب أبناء بصلة بأن يقفزوا في الماء".
وأضاف "بحمد الله لم أتعرض لأذى لكن فقدت شباكي مثلما فقدتها عشرات المرات بسبب الاحتلال وأشقائنا المصريين". وأوضح أنه شارك في إسعاف اثنين من الصيادين بعدما غادرت قوات خفر السواحل المصرية, مبديًا ألمه من حجم الشتائم التي رددها الجنود المصريين ضد الصيادين".
ولا يزال الصياد إبراهيم النجار (19عامًا) وزميله إسماعيل البردويل (21 عامًا) يرقدان بمستشفى أبو يوسف النجار وكلاهما أصيبا بالرصاص في اليد اليسرى.
وأدانت حركة المقاومة الإسلامية حماس اعتداء البحرية المصرية على صيادين فلسطينيين وعدّت الاعتداء بأنه عمل غير مبرر. ودعا المتحدث باسم الحركة سامي أبو زهري في بيان صحفي السلطات المصرية إلى ضرورة الإفراج عن الصيادين المعتقلين.
وتوقع مصدر أمني أن يتم الإفراج عن الصيادين الخمسة في غضون الساعات المقبلة, لكنه قال: "إن مركبهم ومعداتهم يمكن أن يستلموها من خلال معبر رفح البري".
ويقول صيادون إن معاملة قوات خفر السواحل المصرية تغيرت بعد الانقلاب العسكري في مصر وأنهم يتحركون بحذر قرب الحدود المائية مع مصر خشية التعرض للاعتداء.
وقال الصياد عماد البردويل إن ما يؤلمه في هذه الأيام المعاملة غير الأخلاقية من جنود خفر السواحل المصريين.
وفسر جملته قائلا في مقابلة مع "الرسالة نت": "اليهود يغلقون البحر والمصريون عاودوا سياسة التضيق والاعتداء والبنزين بالكاد نحصل عليه والأسماك شحيحة".
وصرخت والدته وهي في الأربعينيات من العمر خلال المقابلة قائلة: "حسبنا الله ونعم الوكيل عليك يا سيسي" في إشارة إلى أن هذه الإجراءات ضد نجلها وأقرانه من الصيادين بأوامر من وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي الذي يحكم مصر منذ الثالث يوليو/ تموز الماضي.
وتخشي والدة البردويل أن يكون مصير نجلها مثل ما حدث مع أحد أقربائها الذي قتل برصاص البحرية المصرية في أيار مايو 2010.
ويعاني 3500 صياد فلسطيني من اعتداءات مماثلة في فضاء بحر غزة إذ منعت البحرية "الإسرائيلية" مطلع هذا العام، الصيادين الفلسطينيين من الإبحار أكثر من ثلاثة أميال بحرية وفي بعض الأحيان تقوم بمهاجمة قواربهم وإطلاق النار عليهم واعتقال بعضهم وتخريب شباكهم. وبدأ واقع الصيد يتدهور في قطاع غزة عندما فرضت حكومة الاحتلال حصارًا مشددًا على قطاع غزة في صيف العام 2006.
وقال صياد من عائلة شلوف بغضب من ميناء رفح: "مصر تراقب الصيادين وتعرف أنهم يبحثون عن قوت يومهم وغزة وأهلها هم خط الدفاع الأول عن مصر ولا أرى مبررًا لمثل هذا الاعتداء".
ويقول شلوف إنه أصيب بجرح غائر في رأسه قبل سقوط نظام مبارك بأشهر بعد أن قذفه جندي من خفر السواحل المصرية بقطعة خرسانية صغيرة أثناء مطاردة قرب الحدود المائية بين غزة ومصر.