فتحت الوعكة الصحية التي أصابت رئيس السلطة محمود عباس خلال الأسبوع الماضي، الباب واسعاً أمام المزيد من التكهنات حول إمكانية غياب الرجل الثمانيني، وأعادت بذات الوقت الحديث عن الأزمة المتوقعة حال غيابه المفاجئ.
وقد أثارت الوعكة الصحية قلق جهات محلية ودولية على مصير السلطة في حال غياب رئيسها، خاصة أن الإجماع على بديل عنه يعتبر مهمة شبه مستحيلة حالياً، في ظل الصراعات التي تشهدها حركة فتح والانقسامات المتجذرة فيها.
ويطمع العديد من قادة فتح بتولي كرسي الرئاسة بعد عباس الذي مضى على فترة رئاسته أكثر من عشرة أعوام.
وفي خضم الحديث عن غياب الرجل سواء بالاستقالة أو الوفاة، فإن الجميع يستعد لليوم التالي بعد غيابه، لاسيما أن ولايته اتسمت بسياسة التفرد والإقصاء لخصومه.
ويدرك المتصارعون على تركة عباس أنه من الصعب الجمع بين مناصبه كلها، فهو رئيس حركة فتح، ورئيس السلطة، ورئيس منظمة التحرير، وما يزيد صعوبة هذا الأمر حجم الاختلافات والصراعات داخل جميع المؤسسات التي يترأسها عباس على مدار فترة ولايته.
وتكمن المشكلة الكبرى في تحديد خليفة عباس بعدم وجود نائب للرئيس، وعدم وجود رجل ثان في السلطة والمنظمة وفتح، والمرجح أن الرجل يتعمد إبقاء منصب نائبه فارغ، كما خشي في حال عين نائب أن يتم الانقلاب عليه، وذلك كونه يدرك حجم السخط الفتحاوي عليه.
بورصة المرشحين لتركة عباس لا تتوقف بل شهدت صعوداً وهبوطاً ودخول لاعبين جدد، كان آخرهم ناصر القدوة الذي بدأت تتحدث الصحافة أنه من أقوى المرشحين للخلافة، وذلك كونه يحظى بدعم شعبي وعربي لافت.
ففلسطينياً، يحظى القدوة باحترام واسع في الشارع الفلسطيني نظراً لأن اسمه ظل بعيداً عن الفساد الذي رافق تأسيس السلطة، وما زال قائماً وإن بنسب أقل كثيراً، وبأشكال مختلفة في مؤسساتها.
وتقول صحيفة الحياة اللندنية أن القدوة يحظى بدعم عدد من زملائه في اللجنة المركزية للحركة، فقد أمضى معظم حياته خارج البلاد، وعمل بعد تأسيس السلطة مفوضاً لفلسطين في المنظمة الدولية.
ويحظى القدوة أيضاً بدعم كبير من دول عربية مؤثرة بشكل مباشر أو غير مباشر في المعادلة الفلسطينية، مثل مصر والأردن والإمارات العربية المتحدة.
لكن القدوة، وهو وزير خارجية سابق، وممثل سابق لمنظمة التحرير في الأمم المتحدة، يواجه صعوبات غير قليلة، منها معارضة بعض زملائه في قيادة «فتح» لتوليه الرئاسة لأسباب مختلفة، مثل أنه ليس الأكبر سناً، وفق تقاليد المنظمة، وليس من جيل المؤسسين، إضافة إلى علاقته الجيدة مع القائد «الفتحاوي» محمد دحلان الذي أبعده الرئيس عباس عن الحركة.
ويخشى العديد من أعضاء اللجنة المركزية لـ «فتح» أن يمثل اختيار القدوة جسراً لعودة دحلان للعب دور مركزي يقوده بعد سنوات قليلة إلى منصب الرئاسة.
مرشح آخر صعد نجمه مؤخراً وهو القيادي الفتحاوي أحمد حلس الذي عينه أبو مازن رئيس الهيئة العليا لحركة فتح في غزة ما قرأه البعض على انه محاولة من عباس لخلق منافس غزاوي للقيادي الفتحاوي المفصول محمد دحلان والذي تدعم الرباعية العربية "مصر-السعودية-الأردن-الإمارات"، صعوده إلى كرسي الرئاسة عقب عباس.
وقد كان لافتاً ظهور حلس يجلس بالقرب من الرئيس خلال خطبة الجمعة الماضية في رام الله في محاولة لإعادته للواجهة من جديد لقطع الطريق على دحلان، حسبما فسر الأمر بعض المراقبين.
ويهدف عباس إلى إبعاد تيار خصمه دحلان عن كل مراكز القيادة في فتح، ووضعها في سلة حلفائه والموالين له من الحركة، وهذا ما يعيق انعقاد المؤتمر السابع للحركة حتى الآن.
وفي الخلفية تبقى قائمة المرشحين السابقين قائمة وتزداد ولعل أبرزهم مدير جهاز المخابرات ماجد فرج، وصائب عريقات عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح"، ومحمد إشتيه عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح"، والأسير مروان البرغوثي، إلى جانب دحلان المدعوم عربياً، وجبريل رجوب رئيس اتحاد الكرة الرياضي.
حالة الصراع المحتدم في أروقة حركة فتح تؤكد أنه من الصعب عليها الإجماع على شخصية لرئاسة الحركة بعد عباس، وما يعكس حجم الخلافات هو تأجيل المؤتمر العام عدة مرات خاصة انه من المتوقع أن تشهد الحركة في حال عقده مزيداً من الانشقاقات والانقسامات، وبالتالي فإن رئيس فتح القادم سيفرضه عباس عليها كما فرض هو من قبل، خاصة بعد حركة الاقصاء التامة التي مارسها ضد خصومه ليتفرد بقرار فتح.