سياسة التعيين بالبلديات تعزز الانقسام وتُعقد المشهد

الرسالة نت- لميس الهمص

دخلت الحالة الفلسطينية في مرحلة أكثر تعقيدا بتأجيل الانتخابات المحلية لأربعة أشهر بقرار من الحكومة الفلسطينية، ما يعني أنها ستعود لنقطة الصفر من جديد.

ملامح التعقيد بدأت بالظهور بمجرد إعلان وزارة الحكم المحلي برام الله نيتها تعين لجان لتسيير الأعمال في البلديات وهو الأمر الذي رفضته الفصائل وفي مقدمتها حركة حماس، على اعتبار أن ذلك سيعمق الانقسام ويمكن أن يعزز بقاء الحال على ما هو عليه دون أي توافق.

ورغم أن فصائل اليسار دعت للتشاور للخروج من الأزمة وتذليل العقبات أمام الانتخابات، إلا أن مراقبين يعتبرون أن الحوار ليس من الضروري ان يشكل مخرجا خاصة وأن التحضير للانتخابات سبقه اجتماع للفصائل والخروج بميثاق شرف وقع عليه الجميع بحسب خضر حبيب القيادي في الجهاد الإسلامي، إلا أن حركة فتح عادت وتنصلت منه.

الناطق باسم حركة حماس عبد اللطيف القانوع قال إنهم يرفضون التعينات الحزبية التي تخدم حركة فتح فقط، مشيرا إلى أنهم يدعمون التشاور مع الفصائل للخروج برؤية موحدة.

وذكر أن البحث جارٍ لتشكيل مجالس بلدية من مختلف الفصائل، مبينا أنهم يرفضون تشكيل لجان لتسيير البلديات كونها تعزز الانقسام.

وتمنى من الفصائل المشاركة الإيجابية لتشكيلها بالتوافق وهو الأمر الذي سيخدم المواطن الفلسطيني على حد تعبيره.

في المقابل مدير عام التشكيلات والانتخابات في وزارة الحكم المحلي جهاد مشاقي، أكد في تصريحات صحفية أن وزير الحكم المحلي صادق في وقت سابق على استقالات رؤساء مجالس الهيئات المحلية والبالغ عددهم 203، من ضمنهم 2 في غزة بهدف الترشح للانتخابات مرة اخرى، في حين أنّ مجموع الهيئات المحلية في الوطن هو 416 هيئة مصادق عليها للانتخابات.

وبين أنه في حال تأجيل أو إلغاء عقد الانتخابات فإن الهيئات المحلية التي بقي فيها نصاب قانوني يتولى نائب الرئيس رئاسة الهيئة لحين انتخاب مجلس بلدي جديد، لكن في المجالس التي ليس لها نصاب قانوني يتم تشكيل لجنة تسير اعمال جديدة لإدارة الهيئة المحلية وتعيين رئيس من بين الاعضاء.

ومن الواضح أن قضية إدارة البلديات خلال الأربعة أشهر _مدة التأجيل_ زادت الطين بلة وفتحت طريقا أوسع للصراع في الساحة الفلسطينية.

وبدوره قال طلال أبو ظريقة القيادي في الجبهة الديموقراطية إنهم متمسكون بضرورة إجراء الانتخابات المحلية بعيداً عن سياسة التعيين التي تتناقض مع الديمقراطية.

وذكر أبو ظريفة "للرسالة" يجب استمرار الوضع في البلديات على حاله حتى اجراء الانتخابات التي يصرون عليها كحل.

وحول جدوى اللقاءات في ظل وثيقة سابقة لم يتم الالتزام بها قال إن الحكومة مطالبة بإجراء حوار شامل مع كافة المكونات السياسية لأجل الوصول إلى معالجات والتوافق عليها وتذليل المعضلات القانونية.

 بدوره يرى الكاتب والمحلل السياسي الدكتور مدحت صالح إن تجربة الإعلان عن الانتخابات المحلية، ثم الإعلان عن تعطيلها، يؤكد مدى صعوبة المضي في عملية ترتيب البيت الفلسطيني، وفي برنامج المصالحة الوطنية، ويشير إلى تأثير الاحتلال والبيئة العربية والدولية على منظومة العمل الفلسطيني.

دراسة لمركز زيتونة للدراسات أكدت أن غياب التوافق الوطني على متطلبات وأسس إنهاء الانقسام السياسي قد يجعل الانتخابات المحلية، كما العامة، مدخلاً لتعميق الانقسام، أو إدارته في أحسن الأحوال.

وترجح الدراسة إجراء الانتخابات في الضفة دون غزة في نهاية المطاف خاصة في ظل رفض حماس لقرار محكمة العدل العليا من الأساس، وصعوبة قبولها المشاركة في عملية انتخابية تتأسس على المساس بشرعية المؤسسات المدنية والأمنية والقضائية القائمة في القطاع، مما يعني أن فرصة السماح بإجراء الانتخابات في القطاع تبدو شبه معدومة.

وتشير الدراسة إلى أن عدم وجود مؤشرات على إمكانية تحقيق اختراق ذي مغزى في ملف المصالحة خلال الأشهر الأربعة القادمة يزيد من احتمال إجرائها في الضفة فقط، لا سيّما أن أولويات حركة فتح تنصب على عقد المؤتمر العام وحسم الخلاف مع دحلان، في حين تنشغل حماس بانتخاباتها الداخلية وقضية خلافة رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل.

كما أن عدم وجود ضمانات تحول دون إعادة استدعاء القضاء كلما دعت الحاجة لإقصاء الخصوم والمنافسين، مما يبقي سيف القضاء المسيس مشهراً في وجه أيّ عملية انتخابية، حتى ولو تراجعت حماس عن موقفها وقبلت بإجراء الانتخابات في القطاع.

ويعتبر مركز زيتونة إن إمكانية تفاقم الخلافات الداخلية في فتح كبيرة، لا سيّما في قطاع غزة، حيث يتمتع تيار دحلان بثقل يهدد فرص نجاح قوائم الحركة الرسمية في حالة تشكيلها، على قاعدة إقصاء مرشحين مؤيدين لدحلان في ضوء نتائج المؤتمر العام القادم. وهو ما قد يشجع على إجراء الانتخابات في الضفة فقط.

 

البث المباشر