لاتزال حكومة رام الله تعمل على تقليص حقوق موظفيها وتصمت أمام الملاحقات الأمنية والسياسية التي يعانوها، ففي يوم الثلاثاء الماضي علق المعلمون الدوام ليوم واحد احتجاجاً على إرسال وزارة التربية والتعليم تنبيهات للمعلمين الذين شاركوا في إضراب جزئي نظمه الحراك في الثاني والعشرين من سبتمبر الماضي.
وبعد إضرابهم بيوم، علق الأطباء عملهم حتى إشعار آخر، وذلك حينما احتجوا على اعتقال زميلهم الطبيب "سمير الزواهرة" الذي اعتقلته الأجهزة الأمنية بحجة وفاة مواطنة نتيجة خطأ طبي، لكن النتائج أظهرت عدم وجود خطأ من جانب الطبيب في وفاة المواطنة.
الملاحقات التي يعانيها موظفي الحكومة في الضفة المحتلة، تنافي كل التفاهمات والبروتوكولات الموقعة لحماية فئات الموظفين طالما لم يلحقوا الأذى وهم يمارسون عملهم، وفي الوقت ذاته من حقهم الحصول على ترقيات وعدم الزج بهم في السجون عند مطالبتهم بحقوقهم، فما وقع للمعلمين والأطباء يجعل الكثيرون يخشون أن يلحقهم الدور طالما المعلم والطبيب لم تحترمه الحكومة.
اضراب المعلمين
وبحسب المتحدث باسم حراك المعلمين خالد شبيطه، فقد شهدت مدارس الضفة الغربية إضرابًا شاملًا، يوم الثلاثاء، وذلك احتجاجاً على إرسال وزارة التربية والتعليم تنبيهات لمعلمين شاركوا في إضراب جزئي نظمه الحراك في الثاني والعشرين من سبتمبر الماضي.
وأشار في تصريح "للرسالة"، إلى أن الالاف من المعلمين المشاركين في الإضراب تعرضوا للاعتقال والتحقيق من قبل الجهات الأمنية والسياسية، وتم دعوتهم لتوقيع تعهدات خطية بعدم القيام بمثل تلك الاحتجاجات.
وأوضح شبيطه أن الإضراب سببه الممارسات التعسفية ضد المعلمين التي وقعت في الآونة الأخيرة من اعتقالات ومنع الاجتماعات أو انشاء نقابة خاصة بهم، مشيرا إلى دوافع أخرى منها عدم حصولهم على حقوقهم المالية والمستحقات القديمة، عدا عن إيقاف فتح سلم الدرجات للجميع.
وعن مطالب المعلمين المحتجين، أوضح شبيطه، أنهم يريدون مساواتهم مع زملائهم في المؤسسات الحكومية الأخرى، ووضع سلم رواتب بشكل مفهوم، واعتبار التعليم مهنة، مفسراً الأخيرة بأنه "لا يوجد وصف وظيفي للمعلم كباقي الوظائف في الوزارات الأخرى".
ووفق قوله، فإن الجميع يضغط على المعلم لاستكمال المسيرة التعليمية، لكن لا أحد يضغط على الحكومة لتمنحهم حقوقهم المادية وتوضح سلم الدرجات.
وفي المقابل، قال وكيل وزارة العمل ناصر قطامي في تصريحات صحفية:" الحكومة ممثلة برئيس الوزراء رامي الحمدالله أوفت بما عليها من التزامات اتجاه المعلمين، مما يعني أنه لا يوجد أي موجبات تستدعي إضراب المعلمين"، وفق قوله.
وأضاف قطامي:" حسب القوانين فإن الجهة التي تدعو للإضراب تتولى دفع أجور المضربين، ويجب أن يكون الإضراب في مكان العمل ولا يضر بالمسيرة التعليمية".
ورداً على قول القطامي، يقول شبيطه: "حقوقنا ليست 10% التي وعد بها رئيس السلطة محمود عباس فقط، بل من حقنا الحصول على علاوة زوجة وأولاد (..) نحن معلمون كما نهتم بالمسيرة التعليمية نسعى لجلب حقوقنا دون تميز".
إضراب الأطباء
وبعد إضراب المعلمين بيوم واحد لحقهم الأطباء، حينما علقوا عملهم في المستشفيات كافة بالضفة المحتلة، احتجاجا على اعتقال طبيب قبل ظهور نتائج التحقيق بخطأ طبي أدى لوفاة سيدة ببيت جالا، حيث تم الاعتصام في ساحات المستشفيات ومن ثم مغادرتها عدا أقسام الحالات الطارئة وغسيل الكلى ومرضى السرطان والعيادات النفسية.
وقال نقيب الأطباء الفلسطينيين نظام نجيب في تصريحات صحفية:" هذا التعليق الذي دعت له النقابة يأتي احتجاجاً على استمرار توقيف طبيب لدى الأجهزة الأمنية، وتمديد توقيفه حتى 15 يوماً". وأضاف:" منذ ساعات صباح أمس، بدأ العاملون في وزارة الصحة تعليق العمل حتى إشعار آخر"، موضحا أن هذا الطبيب جرى توقيفه بزعم ارتكاب خطأ طبي أدى لوفاة مواطنة في مستشفى بيت جالا الحكومي بمدينة بيت لحم الاثنين الماضي.
وبين نقيب الأطباء أن نتائج تحقيق طبي صدرت يوم الثلاثاء الماضي، وأظهرت عدم وجود خطأ من جانب الطبيب في وفاة المواطنة، مطالباً في الوقت نفسه بالإفراج عنه.
من ناحيته، أعلن المتحدث باسم وزارة الصحة أسامة النجار في تصريحات سابقة، أن توقيف الطبيب سمير زواهرة من مستشفى بيت جالا على خلفية وفاة مواطنة يعتبر مسا خطيرا بالعمل الطبي في فلسطين.
ووفق مصادر طبية، فإن مواطنة تبلغ من العمر 44 عاما، توفيت الاثنين، أثناء غسيل كلى لها في المستشفى المذكور.
وعقب إعلان نتائج التحقيق، تم تشكيل لجنة طبية بتعليمات من رئاسة الوزراء للتحقيق في الحادثة، في الوقت الذي استهجن فيه نقيب الأطباء، تشكيل هذه اللجنة، قائلاً: “مع أننا نثق بها، لكن اللجنة الأولى معروف عنها بالنزاهة وكان أولى الإفراج عن الطبيب”.
وأشار النقيب إلى أن، مطلب نقابة الأطباء في الوقت الحالي إلى جانب الإفراج، هو إصدار قرار بقانون يمنع اعتقال الأطباء دون صدور قرار قضائي ومهني بوجود خطأ طبي.
ولفت نجيب إلى أن بعض الأطباء تعرضوا للاعتداء من طرف أفراد الأمن، في ساحة محكمة صلح بيت لحم، أثناء احتجاجهم على توقيف زميلهم.
من جهته، أكد المتحدث باسم وزارة الصحة أسامة النجار، أن الوزارة جاهزة لأي لجنة تحقيق جديدة في قضية وفاة مواطنة من بيت لحم أثناء عملية غسيل كلى.
وبين النجار في تصريح أمس الأربعاء، أنه سيتم تشكيل لجنة جديدة بطلب من النيابة العامة ستكون برئاسة رئيس اللجنة الأولى ونائبه وأعضاء من خارج وزارة الصحة. واستنكر النجار اعتقال الطبيب الذي أشرف على العملية، معتبرًا أن اعتقاله جاء نتيجة ضغط الشارع وأنه من أكثر الأطباء خبرة وكفاءة في علاج أمراض الكلى.