يعجز أهل غزة عن التنبؤ بموعد فتح معبر رفح البري إلا مع قدوم المواسم، وجديداً أصبحت المؤتمرات، فإنجاح مؤتمر بالسماح للمشاركين فيه بالمغادرة أهم من إنقاذ حياة مريض ينتظر فتح البوابة السوداء منذ شهور.
فمنذ بداية العام الحالي لم يفتح المعبر سوى 20 يوما في مقابل 296 يوماً من الإغلاق، وفي المقابل تزدحم كشوفات وزارة الداخلية بآلاف المحتاجين للسفر، وصل عددهم في بعض الشهور إلى 30 ألف محتاج للسفر من ذوي الحالات الإنسانية كالمرضى وحملة الجوازات الأجنبية والإقامات في الخارج والطلبة.
ولا تخلو المصلحة المصرية من فتح المعبر، فإما أن تكون اقتصادية عبر إدخال كميات من الاسمنت والخشب للقطاع الخاص مقابل مبالغ مالية كبيرة؛ استغلالا لمنع الاحتلال إدخال هذه المواد إلى غزة، أو لمصالح ذاتية، وذلك عبر كشوفات التنسيقات المصرية التي يدفع مقابلها المسافرين مبالغ مالية لصالح ضباط متنفذين في المعبر.
ومجددا لاحت المصالح السياسية في فتح المعبر، بالنظر إلى تشغيله مطلع الأسبوع لسفر عشرات المشاركين في مؤتمر القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان في مصر.
ووسط المصالح سابقة الذكر، ينفذ مئات المواطنين المحتاجين للسفر عبر البوابة السوداء لقضاء حوائجهم في مصر ودول الخارج.
وأما دون ما سبق، لا ينفض الغبار عن البوابة التي تحوّل بين المريض ومستشفاه، والطالب ومقعده الدراسي، وتفرق شمل العائلات، إذ جميع ما سبق لا يهم الجانب المصري، بقدر تحقيق المصالح المرجوة من فتح المعبر.
وقررت السلطات المصرية نهاية الأسبوع الماضي فتح معبر رفح لمدة 6 أيام منقطعة، بحيث يفتح يومي السبت والأحد، ويتمكن خلاله وفد المؤتمر من المغادرة، ثم يغلق يومي الاثنين والثلاثاء، على أن يعاد فتحه صباح الأربعاء لمدة أيام، يتمكن الوفد خلالها من العودة لغزة.
من جهتها، رأت وزارة الداخلية بغزة أن فتح المعبر لمدة 6 أيام في كل الاتجاهين لسفر المواطنين من وإلى غزة خطوة إيجابية. وقال المتحدث باسم الوزارة إياد البزم في تصريح لـ "الرسالة"، إن فتح المعبر لمدة 6 أيام خطوة إيجابية ومُقدرة وتساهم في التخفيف من معاناة المواطنين المحتاجين للسفر في قطاع غزة.
وأوضح أن الجانب الفلسطيني يأمل أن تكون هذا التشغيل الاستثنائي بداية لخطوات أخرى قريبة من قبل السلطات المصرية، من أجل تخفيف الواقع الإنساني الصعب بفعل الحصار الإسرائيلي واغلاق المعبر لفترات طويلة. وأكد أن كشوفات هيئة التسجيل تحتوي على "25 ألف" مواطن مُسجل للسفر، جميعهم من ذوي الحالات الإنسانية المحتاجين للسفر في أقرب فرصة.
ولا تكتفِ السلطات المصرية بصعوبة الحصول على فرصة للسفر، بل تتعمد مضايقة العالقين العائدين لغزة، إذ يتعرض المسافرين على طول الطريق من القاهرة – معبر رفح إلى إجراءات خشنة على كمائن الجيش، تصل إلى حد سرقة أمتعتهم الشخصية وفق ما أكده عدد من المسافرين الذين وصلوا غزة خلال اليومين الماضيين.
ويظهر أن السلطات المصرية تفتح المعبر في المواسم على عينها، أي أنها تجد نفسها مضطرة لذلك، مما يدفعها إلى ممارسة الضغط النفسي على المسافرين، كما وقع مع حجاج غزة في الموسم الأخير.
ويضطر أهل غزة المحتاجين للسفر لتتبع أي معلومات حول انعقاد مؤتمر أو قرب موسم ما تفتح خلاله السلطات المصرية معبر رفح، أما حججهم الإنسانية فلا تكفي لفك قفل البوابة السوداء.