الممتلكات العامة هي ملك للشعب، هي ملك لي ولك لأننا جميعا ننتفع بها، والاعتداء عليها هو اعتداء على ملك عام، وهو في الوصف القانوني جريمة يحاسب عليها القانون بالتعويض والحبس.
آلمني كثيرا ما سمعت وبُلغت به أن هناك من قام بالاعتداء والتخريب في ممتلكات عامة وفي مستشفى الشفاء، وفي قسم الاشعة الحديث!، والسؤال من المتضرر هل الاطباء حتى لو كانوا مقصرين؟، هل الطواقم الطبية المختلفة من فنيين وممرضين َومساعدين متضررة من هذا التخريب الذي حدث ؟، المتضرر الوحيد هم المرضى وهؤلاء المرضى هم أبي أو ابوك، أمي أو أمك، أخي وأخوك ابني أو بنتك، جاري وجارتك، ألسنا جميعا متضررين من هذه الافعال العدوانية والتي قد تكون في لحظة غضب أو ألم على مريض نتيجة فهم مغلوط من تقصير، وحتى لو هناك تقصير هل تكسير الزجاج وتكسير الابواب والنوافذ سيحل مشكلة أو يتسبب بضرر للمقصر.
وهل الاعتداء على الاجهزة الطبية او العاملين في المستشفى يمكن أن يعيد الصحة للمريض؟ أَم أنه يزيد الامر تعقيدا ويربك العمل ولا يحقق المرجو من الاعتداء ولا يلفت الانتباه بل يجلب الاذى للجميع وفي نفس الامر لن يؤثر على الاداء الطبي للمريض الذي لا ذنب له نتيجة انفعال المرافق له وما نتج عن انفعاله من اعتداء مدان ومجلب للعنات التي تقال في السر والعلن.
نعم قد يكون من يرافق المريض في حالة من القلق والاضطراب أكثر من المريض نفسه، ولكن هذه الحالة ليست مبررا للخروج عن المألوف وارتكاب افعال مؤذية سواء تخريب الممتلكات العامة داخل المستشفى أو التلفظ بألفاظ نابية لا تليق أن تخرج على لسان شخص محترم متزن، لأنه كما قلنا لن يغير ذلك كله من الامر شيئا.
الكلام الطيب والخلق الكريم هو خير من الخروج عن المألوف والتصرف بشيء ضار على أكثر من صعيد، على صعيد الشخص نفسه والذي قد يعرض نفسه للمحاسبة والتي قد تصل إلى الاعتقال والتغريم عن الاضرار التي أحدثها في الممتلكات العامة، فالحليم من يملك نفسه عن الغضب وهذا هو ميزان القوة والرجولة وليس الانفعال الضار بالنفس وبالغير.
هناك تقصير لا ينكره أحد وهو ناتج عن اسباب متعددة بعضها متعلق بالظروف والاوضاع التي يعيشها قطاع غزة ومنها ناتج عن محدودية الاجهزة مقابل الاعداد الكبيرة من المرضى والمراجعين، ومنها متعلق بسوء الادارة ومنها ما هو متعلق بسوء المعاملة من قبل المسئولين والعاملين في الاقسام المختلفة والذي يعود إلى تركيبة الشخص النفسية أو ناتج عن ضغط العمل، وهذا يتحاج من الصحة معالجة هذه الامور والعمل على التخفيف منها على المواطن المضغوط من كثير معاناة يومية يتعرض لها على الدوام.
مطلوب أن يعذر بعضنا البعض وأن نتعاون سويا وألا نكون معيقين للعمل ولا نكون مقصرين في الاداء، وأن نعالج الامور بحكمة عالية وتعقل يجنبنا الضرر بأنفسنا وبالغير كان شخصيا أو اعتباريا.
وعلينا أن نرسخ مبدأ أن نحترم بعضنا ونعذر بعضنا البعض وأن نعالج مشاكلنا بالحوار والمنطق لا بالقوة والعنف، فنحن جميعا نعيش حالة من الضغط النفسي وإن اختلفت الاسباب الطبيب قبل المريض، والمرافق قبل المساعد.
ثقافة الاعتداء على الممتلكات العامة يجب أن تتحول إلى ثقافة الحفاظ عليها فهي وجدت لتخدمنا جميعا والاعتداء عليها هو اعتداء على المجتمع بأكمله.