ستحتار عندما تراقب الساحة الفلسطينية التي يبدو أنها مقبلة على تغييرات مهمة، خاصة بعد الأنباء التي تتناقلها وسائل الاعلام حول تحسن العلاقة بين حركة حماس ومصر والتي ستنعكس عن تحسين أوضاع قطاع غزة وخاصة ازمة معبر رفح والذي يفتح أبوابه منذ أسبوع بشكل متواصل في سابقة نوعية منذ عام 2013.
ودون شك تشكل هذه المتغيرات مصدر خطر لدى رئيس السلطة محمود عباس الذي يرى في أي تحسن لأوضاع غزة عزل له وسحب لملفات غزة من يده خاصة بعد المؤتمر الذي عقد في القاهرة والذي يرى فيه البعض إعلانا مصريا رسميا للقيادي المفصول محمد دحلان.
يحاول عباس تفادي الأزمة بالبحث عن ساحات جديدة، وهذا ما يفسر الزيارة المفاجئة التي أعلن عنها لكل من تركيا وقطر.
وتتناقل وسائل الاعلام أخبار الزيارة التي ينوى رئيس السلطة تنفيذها الأسبوع الجاري، والتي تبدو وكأنها محاولة استباقية منه لقطع الطريق على دحلان، حيث من المتوقع أن يلتقي أبو مازن الرئيس التركي ثم يتوجه لقطر للالتقاء بقيادة حركة حماس لبحث سبل المصالحة الوطنية وانهاء الانقسام.
وبحسب السفير الفلسطيني في أنقرة فائد مصطفى، فإن الزيارة تكتسب أهمية كبيرة في هذه المرحلة الدقيقة من مسيرة القضية الفلسطينية على ضوء التطورات والآفاق المحلية والإقليمية والدولية، وستكون هذه التطورات على أجندة البحث.
وأضاف أن الرئيس عباس سيتوجه الأربعاء لقطر في زيارة رسمية يلتقي خلالها أمير قطر الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني لبحث التطورات على الساحة الفلسطينية.
ورجح مصدر فلسطيني أن يجتمع الرئيس عباس بقيادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) المقيمة في الدوحة.
يذكر أن العاصمة القطرية استضافت سلسلة لقاءات واجتماعات بين ممثلين عن حماس وفتح بالدوحة في مارس/آذار ويونيو/حزيران الماضيين بحثت آليات تحقيق المصالحة بين الجانبين وإنهاء الانقسام.
وكان الجانبان قد عقدا لقاءات في 7 و8 فبراير/شباط الماضي بدعوة من قطر سعيا للاتفاق على تنفيذ تفاهمات سابقة، وقد أعلنت الحركتان بعد ذلك توصلهما إلى ما وصفتاه بـ "تصور عملي" لتحقيق المصالحة، إلا أن فتح عادت وألغت الاتفاق بعدما واجهت ضغوطا مصرية تمنعها من اجراء أي اتفاق خارج مصر.
وتبدو هذه الخطوة متوقعة في ظل الأزمة التي يعانيها عباس مع الجانب المصري إلى جانب التسهيلات التي يشاع بأن قطاع غزة سيشهدها خلال الفترة المقبلة، حيث يحاول عباس سحب البساط من تحت أقدام دحلان، وعدم تمكينه من الرجوع للساحة الفلسطينية من ورقة تسهيلات غزة.
كما أن شعور عباس بخسارة الساحة المصرية لصالح دحلان بشكل واضح خاصة عقب المؤتمر الذي عقد في العين السخنة والمعروف بأنه يتبع لدحلان، سيدفعه لمحاولة البحث عن ساحات أخرى لا تقل أهمية وربما يكون ذلك من دوافع زيارة قطر وتركيا، خاصة أن الرباعية العربية التي مصر جزء منها حتى الآن، غاضبة من عباس لرفضه المتكرر اجراء أي مصالحة مع دحلان او ترميم أوضاع حركة فتح لتصبح قوية في مواجهة حماس.
هروب عباس نحو المصالحة مع حماس ليس جديدا فهي ورقة يستخدمها كلما شعر بأنه يمر بمأزق مثلما جرى عندما تأزمت علاقته مع الاحتلال الإسرائيلي أو توقف المفاوضات، أو للهروب من مصالحة دحلان.
حماس تدرك جيداً ان عباس لم يذهب يوماً للمصالحة الوطنية عن قناعة أو حرصاً على المصالح الفلسطينية، وانما بدافع الإشكاليات التي يقع فيها او للتلويح بورقة حماس في وجه خصومه، لذا فهي تعي أن أي محاولة للمصالحة تجري حالياً سيتملص منها بمجرد أن يتخلص من المأزق الذي يمر به.
تجارب عباس السابقة مع حماس على مدار السنوات الماضية بدءاً من اتفاق القاهرة 2005 وحتى اتفاق الشاطئ 2014، تؤكد ما سبق كونها بقيت حبراً على ورق.
ربما يحاول عباس من خلال الالتقاء مع قادة حماس أن يظهر للجميع وتحديداً دحلان أن علاقته بحماس جيدة وأنه ما زال المتحكم بالوضع الفلسطيني الداخلي والمتحكم بكل الملفات الداخلية.
ولا يمكن الاستهانة بذكاء عباس الذي دائماً ما يرمي بفشله على الآخرين ويظهر أنه ليس المسؤول عن الحالة التي وصل إليها الوضع الفلسطيني، لذا سيطرق من جديد باب حماس وربما يبدي ليونة في مواقفه ويقدم الوعود التي ستذهب أدراج الرياح كما جرت العادة.