الضفة الغربية- الرسالة.نت
بالقوة.. أو "الخاوة" وبالتهديد والوعيد.. ستقدم استقالتك وتتنازل عن حقوقك وتوقع على ورقة تثبت ذلك.. حتى لا تعود لتطالب بشيء في المستقبل.. وإياك إن لم تلتزم بقرار الفصل، سيكون السجن والضرب مصيرك.
هذا ما تتبعه أجهزة عباس مع الموظفين المحسوبين على حركة حماس، في المؤسسات الحكومية والخاصة على حد سواء. بل أنها لم تقتصر على الموظفين، فسياسة الفصل طالت قادة اختارهم الشعب عبر صناديق الاقتراع في انتخابات المجالس البلدية، وآخرين ممن يشهد لهم الناس وكل من عرفهم في المؤسسات الخيرية المختلفة.
فصل تعسفي
وأخيرا.. وليس آخرا، كان الحدث في مدينة قلقيلية المحتلة، هذه المدينة التي انتخب مجلسها البلدي بكافة أعضائه ورئيسه من حركة حماس، لتكتسح الحركة المقاعد الخمسة عشر في الانتخابات الأخيرة.
فقد قامت عناصر كبيرة من أجهزة عباس بمحاصرة مبنى بلدية قلقيلية، وقاموا باقتحامها، وإقالة مجلسها المنتخب، وتعيين لجنة من حركة فتح للإشراف على البلدية، في تحد صارخ لكل القوانين وإرادة الأهالي والشعب، الذين انتخبوا من رأوه صادقا وأمينا على شعبه.
لكن قرار إقالة المجلس لم يكن مفاجئاً، حيث تم فصل ثلاثة من أعضاء مجلس البلدية على خلفية انتمائهم، ومنعهم من مزاولة عملهم داخل البلدية قبل شهور، كما تم توجيه تهديدات واضحة لرئيس البلدية وجيه قواس، إلى أن تم تنفيذ قرار فصل المجلس أكمله، وتعيين لجنة فتحاوية.
أسلوب همجي
وكان أهالي قلقيلية قد استهجنوا قرار الإقالة بحق من انتخبوهم ليمثلوهم في مجلس البلدية، والطريقة التي قامت بها أجهزة عباس بتطويق البلدية وإغلاق الطريق.
إحدى الموظفات التي تعمل في مكتب قريب من مبنى البلدية قالت لـ "الرسالة.نت" :"تفاجأنا صباح السبت 12-9 باقتحام عشرات السيارات الخاصة بالأجهزة الأمنية التي طوقت المكان وملأت شوارع المدينة، وترجل عناصر الأجهزة واقتحموا البلدية ومنعوا أي أحد من الاقتراب".
وتضيف:"علمنا فيما بعد أنه تم إصدار قرار بإقالة مجلس البلدية، رغم عدم انتهاء فترة خدمته، وهذا ما استهجنه الناس وكل من كان حولي، إضافة إلى استهجانهم للطريقة الهمجية التي جاؤوا بها إلى مبنى البلدية".
انقلبت الموازين
وفي مدينة نابلس، والتي فازت حركة حماس في انتخابات مجلس البلدية فيها ب13 مقعدا مقابل 2 لحركة فتح، أضحت أمور البلدية تسير بأوامر ورغبة العضوين من حركة فتح "الأقلية بالمجلس".
حيث أكد أحد موظفي البلدية لـ"الرسالة.نت":"أن عضوي فتح ينفذان ما يحلو لهما ويصدران الأوامر للموظفين، في حين أن أعضاء حركة حماس مغيبون بشكل كبير عن أية فعاليات".
ويضيف: "أعضاء حركة حماس، مهددون دائما بالفصل والاعتقال، والى الآن أحد أعضاء مجلس البلدية معتقل لدى أجهزة عباس منذ شهور طويلة، وعضو آخر اعتقل وتم تعذيبه بشكل وحشي على أيدي المحققين، دون مراعاة لمكانته وموقعه في البلدية".
ولم تقتصر عمليات الفصل والإقصاء على المجالس البلدية، حيث طالت هذه السياسة المؤسسات الخيرية التي تعمل منذ سنوات طويلة في أيد أمينة وتحت إشراف أعلام من وجوه الخير والإصلاح.
ففي مدينة نابلس أيضا.. تم فصل وإقصاء أعضاء لجنة الزكاة، والتي كانت مكونة من عدد من المشايخ ووجوه الإصلاح، ممن يعرفون بالسيرة والسمعة الحسنة والأمانة وحب الخير، وتم استبدال اللجنة المشرفة على الزكاة بأخرى من حركة فتح.
حيث أضحت لجان الزكاة بأيد معروفة بعدم أمانتها وسمعتها التي لا تصل إلى مستوى تحمل الأمانة، مما دفع غالبية المؤسسات والأفراد والأغنياء ورجال الأعمال إلى عدم التعامل مع هذه اللجنة، وعدم إيصال أي مبالغ إليها.
ثقة معدومة
أحد موظفي الزكاة في نابلس يقول لـ"الرسالة.نت": "في الأعوام التي سبقت تشكيل اللجنة الحالية من فتح، كنا في شهر رمضان لا ننام من كثرة الأشغال، ومن كثرة المواد والطعام والتبرعات التي تصل إلى الزكاة لتوزيعها على الفقراء والمحتاجين، لكننا الآن نجلس دون عمل في مكاتبنا، لا تصلنا أية مساعدات إلا فيما ندر".
ويرجع الموظف السبب إلى عدم ثقة الناس باللجنة الحالية التي تم تعيينها من قبل حكومة فياض، فالناس يعرفون من الأمين من غير الأمين، على حد قوله.
ويضيف: "الفقراء هم أكثر المتضررين بسبب هذه السياسة، فالافطارات الجماعية في رمضان كانت تقام على شرفهم، وكنا نوزع الوجبات والحلويات ونوصلها إلى بيوتهم، ونرى الفرحة في عيونهم، كنا في كل يوم نذبح عدد من البائح لموائد الإفطار ووجبات الفقراء والمحتاجين، لكن الآن كل هذه الأمور اختفت، وأصبح من يريد تقديم زكاة ماله في الغالب يوصلها بنفسه للعائلات المحتاجة، أو يقوم بإرسالها للمشايخ اللذين كانوا يعملون في لجان الزكاة وهم بدورهم يوصلونها لمن يعرفوهم من الفقراء".
وضمن سياسة الفصل الوظيفي، وخلال شهر رمضان خاصة، كثفت "حكومة" فياض من قرارات الفصل الوظيفي على خلفية الانتماء الوظيفي لعشرات الموظفين في سلك التربية والتعليم، والذي كانوا قد توظفوا بعد اكتمال شروط التوظيف، واجتيازهم للامتحانات المقررة وحصولهم على مراتب متقدمة.