الرسالة نت - باسم عبد الله أبو عطايا
أشعل "أسطول الحرية" شرارة الخلاص، والحديث عن إخمادها أصبح في عداد المستحيل ، فغزة اليوم توضع على راس الأجندة الدولية ، والحصار الذي استمر أربع سنوات لم يعد يستطيع العالم أن يغض بصره عنه ، فبعد أسطول الحرية لم يعد مقبولاً أن يقولوا لا نعلم أو لم نر أو لن نتدخل.
" إسرائيل" أصبحت اليوم مطلوبة لمعظم دول العالم بما فيها أمريكا التي قتل احد مواطنيها على متن الأسطول ، وأوربا التي سئمت العنجهية والعربدة الصهيونية التي ممارستها ضد "الحرية" ومن قبل تزويرها جوازات سفر غربية، فلم يعد بإمكانها القدرة على خداع مواطنيها أكثر أو الحديث عن الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان وغزة تحاصر ويقتل دعاة السلام الذين جاءوا كرسل ودعاة لرفع الحصار .
هذه الحقيقة أدركها الاحتلال وبدأ يشعر بأن العقد الذي أعدته كذبا وزورا حول حصارها لغزة استطاعت تركيا التي ربطتها علاقات إستراتيجية واقتصادية وتجارية وحتى عسكرية واستخباري مع " إسرائيل " فرط حباته، لتعلن في الوقت الراهن عدم قبولها عودة العلاقات إلى مستوياتها السابقة إلا بعد رفع الحصار عن غزة وان غزة كما اسطنبول كما أعلن رئيس الوزراء التركي رجب اردوغان .
وكذا دول كثيرة في أوروبا هددت "إسرائيل" بقطع العلاقات معها أن لم تستجب إلى الرغبة الدولية وبسبب عنجهيتها وعربدتها سواء في حربها على حماس أو اغتيالها وتزويرها في قضية المبحوح أو أخيرا قرصنتها في البحر وكانت إحدى هذه الدول ايرلندا .
** إعادة تقيم
على الفور وبعد التداعيات التي رافقت إحداث " القرصنة " ضد أسطول الحرية اجتمعت الحكومة الصهيونية على عجل من اجل إعادة تقيم الوضع في غزة فكان الاعتراف الأول " فشلنا " في مواجهة الأسطول ، وفشلنا في الحصار ، فشلنا في كسر حماس .
وهذا دعاها لإعادة النقاش ، ولأول مرة منذ أربع سنوات فى مستقبل السياسة الإسرائيلية مع قطاع غزة بعد الانفصال عنه عام 2005، وفرض حصار بري وبحري عليه منذ اختطاف الجندي الأسير "جلعاد شاليط" عام 2006.
وطرح وزير الرفاه الصهيوني "يتسحاك هرتسوغ"هذه القضية في بداية الجلسة, واقترح عدة آراء وأفكار لحل هذه المشكلة, وقال "لدينا مشكلة في كيفية منع تهريب السلاح إلى غزة عن طريق البحر, واعتقد أن سنضطر للتفتيش عن حلول لرفع الحصار ".
وأضاف : من البدائل التي سنضطر للبحث عنها زيادة حجم البضائع التي تمر عبر المعابر إلى القطاع ، وزيادة عدد الشاحنات الداخلة وبتنسيق دولي بهذا الشأن, لقد آن الأوان لرفع الحصار وإيجاد بدائل مناسبة عنه".
وبدوره طرح وزير المواصلات الصهيوني "يسرائيل كاتس" موقف آخر, وأكد خلال جلسة وزراء حزب الليكود أنه يجب فحص كيفية الخلاص وفك الارتباط عن غزة.
وقال كاتس "إن الصلة بين "إسرائيل" وغزة منذ الانفصال غير منطقية وغير صحيحة, ونحن لسنا هناك, لكننا نتحمل المسئولية عن الاوضاع هناك, إنها فرصة تاريخية من أجل قطع أي صلة بيينا وبين غزة, وعلى الأقل نشترط وضع رقابة لمنع دخول السلاح".
وأضاف "إن الحل وفق وجهة نظري تكمن في إيجاد حل لنقل البضائع المدنية عن طريق معبر رفح ومصر بالتعاون مع جهات دولية, والولايات المتحدة مستعدة لذلك".
تنازلات وتسهيلات
بدورها تحاول "إسرائيل" جاهدة إلا تخسر كل شئ دفعة واحده ، "فنتنياهو" ابلغ بلير نيته تقديم "تسهيلات" على الحصار .
الحديث دار حول "السبل الكفيلة بتقديم تسهيلات للسكان الفلسطينيين في قطاع غزة مع الحفاظ على عدم تقديم اي دعم لحركة (حماس)".
وكان وزير الخارجية الاسباني ميغيل انخيل موراتينوس أعلن الاثنين ان مجلس وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي سيحاول في 14 حزيران/يونيو في لوكسمبورغ، تقديم اقتراح مشترك بهدف رفع الحصار عن قطاع غزة.
واقترحت فرنسا الأحد ان يتولى الاتحاد الأوروبي مراقبة سفن البضائع التي ترغب في التوجه لغزة، وان يكلف الاتحاد الاوروبي بنقطة العبور في رفح.
وقال وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير "لقد تولينا في السابق معبر رفح. ويمكننا ان نقترح من جديد ان يراقب الاتحاد الاوروبي هذا المعبر بطريقة حازمة جدا".
واضاف كوشنير "يمكننا تماما مراقبة شحنات السفن المتجهة الى غزة. يمكننا القيام بذلك وسنقوم بذلك بكل سرور".
وتمارس على "اسرائيل" ضغوط دولية لرفع الحصار عن غزة وذلك بعد الهجوم الصهيوني الدامي على اسطول مساعدات انسانية في الحادي والثلاثين من ايار/مايو الماضي كان متجها الى القطاع.
وقالت وسائل اعلام عبرية ان الحكومة الكيان قد تضطر الى تخفيف حصار غزة وقد تسمح بوصول سفن المساعدات الانسانية اليه شرط ان تخضع لمراقبة دولية.
مساومة على الحصار
من المتوقع أن توافق "إسرائيل" على الاقتراح البريطاني الذي يتضمن تخفيف الحصار عن غزة مقابل اعتراف دولي بلجنة تحقيق داخلية حول اعتراض أسطول الحرية الذي كان يحمل مساعدات إنسانية إلى غزة.
وذكرت صحيفة الديلي تلغراف البريطانية في عددها الصادر صباح أمس الأربعاء أن بريطانيا أخذت على عاتقها مهمة مركزية بالتوسط في هذه الأزمة التي نتجت في أعقاب قافلة السفن إلى غزة نهاية الشهر الماضي.
ونقلت الصحيفة عن مصادر خاصة تأكيدها أن بريطانيا أعدت وثيقة تقترح فيها تخفيف الحصار عن قطاع غزة, بينما نفى مسئولون صهاينة أن يكون هناك أي صلة مباشرة بين نية تخفيف الحصار وتراجع نسبة التأييد الدولي لاقتراح سكرتير الأمم المتحدة بتشكيل لجنة تحقيق دولية.
في المقابل أكدت مصادر غربية أن الحديث يدور عن صفقة متبادلة, في حين أشار وزير الخارجية البريطاني "وليام هيغ" إلى أن الضغوط الدولية بتشكيل لجنة تحقيق دولية تراجعت بعد الإعلان عن تشكيل لجنة تحقيق داخلية بوجود مراقبين دوليين.
يشار إلى أن مكتب رئيس الحكومة الصهيونية يعرقل إلى الآن نشر بيان حول تشكيل لجنة تحقيق لفحص جوانب السيطرة على أسطول الحرية.
وحسب تأكيدات مصادر سياسية رفيعة فإن أحد أسباب العرقلة هو الحاجة لتنسيق مكانة اللجنة وتركيبتها مع الحكومة الأمريكية, علما أن اللجنة الوزارية السباعية ستجتمع صباح اليوم برئاسة " بنيامين نتنياهو" لإجراء نقاش حول هذه القضية.
وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية "فيليب كوراني" قد أكد أن اشتراك دولي في التحقيق سيكون مهما للصدق الذي يريد أن يراه الجميع, وحتى نستطيع فهم ماذا جرى الأسبوع الماضي بالضبط, ونحن ندير نقاشا مع الإسرائيليين وغيرهم حول مستوى المشاركة الدولية في هذا التحقيق.
" إسرائيل " بدأت تدرك جيدا إن ما كان بالأمس لا يمكن أن يستمر دوما إلى الغد وان تقديم تنازلات أصبح شيء حتمي إذا أرادت أن تحافظ على صورتها وعلى حلفائها الذين وفروا لها غطاء على مدار أكثر من ستين عاما والحقيقة إن غزة تنتصر من جديد في معركة أخرى وفى ساحة أخرى . والكيان الصهيوني سيفشل مرة أخرى .