لاعتبارات حزبية.. حكومة الحمد الله تحلّ مجالس محلية بالضفة

فايز أيوب الشيخ

شكك ساسة وقانونيون في نوايا حكومة الحمد الله من وراء قرارها حلّ ثمانية مجالس محلية بالضفة المحتلة، خاصة أن القرار جاء لاعتبارات تنظيمية، وضغوط من حركة فتح على الحكومة ضد بعض المجالس ورؤسائها.

وكانت الحكومة قررت في جلستها الأسبوعية الثلاثاء الماضي حلّ مجالس الهيئات المحلية لكل من طولكرم، وجنين، وقلقيلية، وقروي ياصيد، وقروي تياسير، ويطا، وإذنا، وصوريف.

ورفض موسى مخامرة رئيس بلدية يطا قرار الحكومة حلّ مجلس بلديته، معتبرا أنه "مخالف للقانون". وأكد أن المجلس البلدي سيتوجه إلى المحكمة العليا الفلسطينية لمقاضاة الحكومة.

وأوضح مخامرة أن أعضاء المجلس البلدي في يطا "وصلوا عبر صندوق الانتخابات، وهم مصرون على البقاء في مناصبهم التي وكلوا بها من قبل 120 ألف نسمة في يطا".

وقال: "اللجان تم تسويقها لوزير الحكم المحلي لاعتبارات تنظيمية وضغوط من فتح على الحكومة ضد مجلس بلدي يطا، الذي فاز في انتخابات ديمقراطية، وهو أمر مخالف للقانون".

ورغم أن النائب المستقل حسن خريشة، يرى أن القانون المعدل للهيئات المحلية عام 1996 يُمكن الحكومة من حل المجالس المحلية وإقالة رئيسها، إلا أنه اعتبر الأصل في ذلك الخضوع لإرادة الناخبين في اختيار مجالسهم المحلية بدلاً من سياسة التعيينات، مؤكداً أن السياسة الأخيرة المتبعة حالياً من الحكومة مرفوضة بالمطلق.

وذكر خريشة في حديثه لـ"الرسالة" أن قرار محكمة العدل العليا برام الله تأجيل الانتخابات المحلية كان بالأصل سياسياً، وجاء تمهيدياً لإلغائها، قائلا إن مزاعم إجرائها كان "بالون اختبار"، وحينما قررت حركة حماس المشاركة فيها تم تأجيلها.

وأضاف: "لقد استخدمت السلطة القضاء لوقف إجراء الانتخابات، ثم أقدمت على تأجيلها، ومن ثم حرمت غزة من ممارسة هذا الدور"، مشدداً على أهمية إجراء الانتخابات المحلية في الضفة وغزة والقدس بالتزامن.

يشار إلى أن آخر انتخابات محلية شهدتها فلسطين أجريت في أكتوبر 2012، واقتصرت حينها على الضفة المحتلة.

انتقائية حزبية

من ناحيته، يرى إبراهيم دحبور النائب عن كتلة التغير والإصلاح التابعة لحماس، أن القانون أقوى من قرار حكومة الحمد الله، على اعتبار أنه يُحول المجالس المحلية بعد انتهاء فترة الأربع سنوات إلى مجالس لتسيير الأعمال.

واعتبر دحبور في حديث مع "الرسالة" أن قرار الحكومة مخالف للقانون، وذكر أن هناك انتقائية حزبية في عملية تحويل بعض المجالس إلى لجان تسيير أعمال، واستمرار بعض المجالس الأخرى وكأنها منتخبة.

وحذر من أنه لا يجوز للحكومة أن تمارس هذه الانتقائية بأي شكل من الأشكال، "حيث إن الهدف من ذلك منح الحكومة حق التدخل في بعض المجالس في حال ظهور أي خلاف، وخاصة خلافا تنظيميا".

وقال: "نحن نعلم أن فتح هي التي شكلت المجالس في انتخابات عام 2012 بنسبة لا تقل عن 50 % بالتزكية، وبذلك وضعت الحكومة نفسها رهينة لخلافات تنظيمية تتبع فصيلا معينا، وأصبحت قراراتها مزاجية تتبع مزاج فلان أو الجهة الفلانية، في اتجاه عقاب بعض رؤساء المجالس أو المجالس التي لم ترض تنظيم فتح تحديدا".

وأكد دحبور في السياق على حق المواطن في ممارسة حقه الطبيعي، وإنفاذ إرادته في اختيار من يمثله بانتخابات هيئات المجالس المحلية، مشددا على وجوب أن تكون هذه المجالس بعيدة عن المناكفات السياسية والخلافات المتعلقة بالبرامج السياسية والفصائلية.

وأوضح أن التأثر الذي عاد على المجالس بالسلب هو بتأجيل الانتخابات المحلية من الحكومة، مشيراً إلى أن هذا التأجيل لم يكن له مبرر إداري ولا قانوني، وإنما هو مخالفة دستورية، وخاصة أن الكل الفلسطيني بقواه وفصائله وافق على إجراء هذه الانتخابات، وشارك فيها عبر تقديم مرشحين وقوائم.

سياسي بامتياز

أما من ناحية قانونية، فقد ذكر أحمد خالد أستاذ القانون الإداري، أن قانون الهيئات المحلية المعدل لسنة 1997 يعطي لمجلس الوزراء صلاحية حلّ بعض المجالس المحلية، منوهاً بأن هذا القانون صدر بعد الانقسام الفلسطيني، "بعد أن كان لا يستطيع مجلس الوزراء حل أي مجلس بلدي، ولا يستطيع وزير الحكم المحلي إقالة أي رئيس بلدية".

وأوضح خالد لـ"الرسالة" أن الإجراء قانوني من حيث المبدأ، لكن من ناحية ديمقراطية فإن النص القانوني غير منطقي، ولا يتناسب مع وجود الهيئات المحلية؛ لأن ذلك فيه تأثير على إرادة الناخبين بشأن خدماتي بحت، معتبراً أن تدخل الحكومة في حل هذه المجالس "سياسي"، وفيه تغليب على إرادة الناخبين.

ويرى خالد أنه من المنطق الإبقاء على المجالس الموجودة إلى حين إجراء الانتخابات، لأن البديل تعيين لجان، مشيراً إلى أنه من الأفضل أن تمارس المجالس القديمة لأنها في النهاية منتخبة حتى لو انتهت ولايتها.

وعبّر خالد عن أسفه لعدم تحديد موعد لإجراء الانتخابات المحلية بعد القرار الذي اتخذته المحكمة بتأجيلها، مؤكداً أن قرار التأجيل سياسي بامتياز، حيث كان من الأفضل أن تؤجل في كل الوطن أفضل من أن تجرى في الضفة دون غزة.

البث المباشر