غزة/ مها شهوان
افترشت والدة الأسيرين ناصر وساهر أمان ارض الصليب الأحمر، وبدأت تبرق لولديها عبر إحدى الإذاعات الفلسطينية تهنئة بعيد الفطر، ولكنها لم تذكر اسمي ولديها لأن لسانها أبى ذلك أما عيناها فسمحتا للدموع بالانهمار.
***فلذة كبدها
وقالت أم الأسيرين بعد أن تمالكت نفسها: "أتذكر أبنائي في جميع المناسبات فلم يغيبوا عن ذاكرتي ولو للحظة واحدة، اذكرهم بالعيد حينما كانوا يصنعون جو من الضحك والمزاح"، مشيرة إلى أنها وعائلتها باتوا يستقبلون العيد بالدموع .
وعن أجواء العيد اوضحت ان جميع بناتها يقضين العيد وهن يبكين أخويهن ويأملن ان يتم الإفراج عنهما ليفرحن بهما، لاسيما بعد الوعود التي كانت تصدر مؤخرا للإفراج عن الأسرى.
يذكر ان ابنها الأسير ناصر يعاني من آلام بالمعدة كما اخبرها الصليب الأحمر لكنها لا تعلم شيئا عن حالته الصحية.
والى جانبها احتشد العشرات من ذوي الأسرى داخل الصليب الأحمر خلال اعتصامهم الأسبوعي لاسيما انه الأسبوع الأخير الذي يمكنهم ان يبرقوا بالتهاني لأبنائهم داخل سجون الاحتلال عبر الفضائيات والإذاعات المحلية بمناسبة عيد الفطر المبارك .
وفي ركن آخر من الصليب الأحمر جلست أم الأسير فارس بارود حاملة صورة والدها بيدين مرتجفتين محركة إياها تارة يمينا وأخرى شمالا لعل وسائل الإعلام تستطيع ان تلتقط لها صورة ليراها فارس وهو خلف قضبان السجن.
بمجرد ان سألت أم فارس بارود عن كيفية استقبالها للعيد دون فارس حتى أجهشت بالبكاء قائلة:" وين العيد بدون فلذة كبدي فارس ، عشرون عاما لم أذق طعم العيد ،فقدت بصري من كثرة بكائي على فارس ، ولا عيد بدون ابني" .
وتذكرت بارود ما كان يقوم به فارس استعدادا للعيد حينما كان يحضر الحلويات ويساعدها في تحضير كعك العيد الذي بات لا طعم له منذ ان اسر فارس ،مضيفة انه كان يساعدها في تنظيف وترتيب البيت ثم يستقبل الضيوف.
بينما والدة الأسير هاني داوود المحكوم بـ10سنوات قضى منها 4سنوات ، فلم تتذوق طعم العيد منذ ان اعتقل ،موضحة أنها وعائلتها لم يهنئوا بعيد من بعده فهم يقضون العيد في جو من النكد حسب قولها.
واعتبرت ان أكثر شيء يؤثر عليهم بالعيد جميع من يأتي لزيارتهم متفقدا هاني ،لاسيما أصدقاؤه الذين كانوا يصنعون في البيت جوا من الضحك والمزاح يشعرهم بأنهم في عيد.
يذكر ان عائلة داوود لم تتمكن بعد الحرب الأخيرة على القطاع من محادثة ابنها عبر الهاتف سوى مرة واحدة فقط ولمدة خمس دقائق ، لم تسلم من تشويش واضح ومقصود من قبل إدارة السجن، إضافة إلى أنهم محرومون من زيارته ولا يعلمون عنه شيئا.
***فرحة منقوصة
في حين اعتبرت والدة الأسيرين رامي و لؤي الزعانين ان الاحتلال الإسرائيلي حرمها من ابنيها في يوم واحد لتحرم من بهجة العيد وهما بعيدان عنها، مبينة ان فرحة العيد في بيتهم منقوصة رغم ما يأتيهم من زائرين للتخفيف عنهم .
وأضافت انه لا يوجد اتصال بينها وبين أبنائها وهذا ما دفعها للمجيء للصليب الأحمر علها تستطيع ان توصل تهنئتها لهم بالعيد عبر الإذاعات لتطمئنهم وتشعرهم بان لا عيد بدونهم ،مشيرة إلى ان ابنيها كانا في سجن واحد وهذا ما كان يهون عليها لكن مؤخرا وضع كل منهما في سجن بعيدا عن الأخر.
وتطمئن الزعانين على أبنائها من خلال أم أسير في الضفة الغربية تقوم بزيارتهم ، وحينما تنتهي الزيارة تتصل بالزعانين لتطمئنها على وضع أبنائها وما يحتاجونه من ملابس تقوم أم الأسير بتوفيرها لهم وتقديم ما يلزمهم من أكلات وحلويات للعيد.
وفي مشهد آخر انتظرت أخت الأسير محمد جابر في إحدى زوايا الصليب الأحمر تنتظر الدور لتبرق برسالة لأخيها عبر الإذاعة لتقول له بأنه لازال في الذاكرة .
وذكرت ان العيد وقلته واحد بسبب بعد أخيها، بالإضافة إلى ان والدها توفي قبل ان يفرح بمحمد وأمها المريضة التي لم تعد تقوى على الحركة .
وأشارت إلى أنهم في الأعياد يفتقدون محمد كثيرا ،لاسيما انه الوحيد الذي كان يشعرهم بجو العيد وذلك حينما كان يقوم بإعداد الحلويات.
وبعيون دامعة قالت: ننتظر منه مكالمة تلفونية بعدما ابلغنا الصليب الأحمر قبل فترة بأنه سيسمح لنا بمكالمته بسبب وفاة والدي لكنه حتى اللحظة لم يسمح له بالاتصال علما بان والدي متوفى منذ ثلاثة شهور.
وتأملت بان يتم الإفراج عن أخيها عبر صفقات تبادل الأسرى خاصة وانه من أصحاب الأحكام العالية .
ووصفت أم سمر زوجة الأسير علاء صلاح العيد في بيتها بأنه جو من الحزن والنكد رغم ما توفره لبناتها من مستلزمات للعيد، معتبرة ان العيد ليس لهم.
وقالت: مهما حاولت ان أقدم لبناتي وأقوم بدور الأبوين إلا ان حنان الأب ينقصهم ولا احد يستطيع تعويضهم إياه.
وتابعت:" أنا وابنتي الكبرى بتنا نتقبل الوضع لكن ابنتي الصغيرة تقضي العيد بالبكاء رغم ما يتوفر لها من ملابس وحلوى كباقي الأطفال إلا أنها ترفض ذلك مرددة :بدي بابا".
أوضحت أم سمر بأنها في إحدى المرات ضجرت من ابنتها وقالت لها:" اعتبري أباك شهيدا"، لافتة إلى ان ابنتها تقبلت ذلك واستسلمت للأمر،لكنها حينما رأت عددا من الأسرى يفرج عنهم باتت تتحسس منتظرة بشوق يوما بعد الآخر خروج والدها ليكون معها بأقرب فرصة.
وهكذا سيستقبل ذوو الأسرى عيد الفطر المبارك ككل عام بفرحة منقوصة ،فلا طعم لكعكهم وحلوياتهم ، ولا أجواء للفرح والسعادة بل أجواء يعمها البكاء والحزن راجين ربهم ان يفك اسر أبنائهم آملين بان يقضوا العيد القادم بصحبتهم.