قائمة الموقع

الجزيرة تنبش باغتيال النايف والرسالة تعيد رواية الشهود

2016-11-03T15:04:45+02:00
الشهيد عمر النايف
الرسالة نت – محمود هنية

لا تزال رائحة دم الشهيد عمر النايف حيّة تنبعث من أقصى القارة العجوز، رغم كل المحاولات الرامية لدفن قضيته مع جثمانه الذي وري التراب قبل عدة أشهر، والجهود التي بذلت لإخفاء معالم الجريمة في مسرح الاغتيال داخل مقر سفارة السلطة الفلسطينية في صوفيا.

قناة الجزيرة القطرية، وعقب مرور 11 عامًا على اغتيال النايف، تزيل الركام عن وجه الحقيقة المخفية، بواسطة مراسلها الحربي الفلسطيني تامر المسحال في برنامجه الجديد "مافي خفي اعظم، في محاولة منه لكشف بعض الاسرار وتسليط الضوء على معطيات الإدانة لكل الأطراف المتهمة بالتورط في الاغتيال.

"سقوط في حرم السفارة" عنوان استقصائي الجزيرة، الذي يبحث فيه المسحال عن خيوط، تتعلق بحادثة الاغتيال وطبيعة الظروف التي عاشها النايف قبل اغتياله في مقر السفارة، وفصول عملية اغتياله، وصولا الى كشف عمل لجنتي التحقيق التي شكلت للتحقيق بالجريمة، واخفاء التقرير الطبي المتعلق بوفاته، وفق تقديرات مسؤولين في الجالية الفلسطينية بصوفيا.

وطبقًا لاعلان الجزيرة فإنها ستنشر وثائق وتسريبات للمرة الأولى، تكشف فيها حقائق جديدة حول وفاة عمر النايف.

جريمة النايف دفعت صحيفة الرسالة من قبل للبحث عن تفاصيل جريمة الاغتيال، لا سيما وأن مسرح الجريمة كان شاهدًا على جريمة أخرى عام 2013م، عندما أخبر السفير احمد المدبوح وزير الخارجية رياض المالكي بوجود وفد من حركة حماس في صوفيا، وشرع الأخير بإجراء اتصال مع وزير الخارجية البلغاري آنذاك نيكولاي ملادينوف؛ ليهدده بقطع العلاقات وانهاءها، في حال لم يطرد وفد حماس المكون من (صلاح البردويل-إسماعيل الأشقر- مشير المصري- شرحبيل غريب).

وروى الدكتور صلاح البردويل القيادي في حماس خلال تحقيق أجرته الرسالة، شهادته، إذ أكد أن قوات خاصة من الامن البلغاري هاجم الفندق الذي اقام فيه الوفد ليلا، وقام بخطفهم وترحيلهم عبر المطار ليتجهوا الى تركيا، كل ذلك تم تحت صمت وتواطؤ السفارة.

وتواصلت الرسالة منذ اللحظة الأولى لوقوع الجريمة مع أصدقاء واقارب النايف، لتقف على تفاصيل مثيرة نشرتها آنذاك، حول سلوك السفارة ضد النايف، بدءً من ممارسة التضييق عليه وتهديده ومنعه من لقاء عائلته، وصولا الى الدعاية التي ادعتها السلطة، عندما اقدم وفد أمنى الى داخل السفارة قبل استشهاده بثلاثة أيام وقام بتفتيش المكان بالكامل بذريعة وجود قنبلة في مقرها، وفق ما كشفته زوجة النايف آنذاك للرسالة.

وأخبر عمر زوجته، وجود شك لديه بمؤامرة تدور حوله، خاصة وأن خبر العثور على قنبلة لم ينشر، كما لم يتخذ السفير أي إجراءات لوقاية عمر وكأن شيئا لم يحدث، واكتفى بتهديدها بأن تقنع زوجها بالخروج من السفارة خلال 24 ساعة والا فسيخرجه بالقوة.

كان حمزة  شقيق عمر، أول الشخصيات التي تواصلت معها الرسالة عقب استشهاد أخيه، ليكشف آنذاك عن آخر اتصال اجراه مع شقيقه قبل اغتياله بساعتين، مشيرا إلى أن الشهيد تحدث عن ضغوط غير عادية تعرض لها من السفير الفلسطيني في بلغاريا لمغادرة السفارة.

وقال حمزة ، إن الاتصال الاخير الذي جرى مع عمر كان الحادية عشر مساء، وقد ابلغه شقيقه بـ"انه في سجن اشبه بالسجن الاسرائيلي".

وأضاف حمزة " حدثني أخي أن السفير يمارس عليه ضغط شديد جدًا للخروج من مقر السفارة الذي اعتصم فيه حتى قبل استشهاده بعدة ساعات، فيما فرض قيودًا مشددة على زيارة زوجته له قبل استشهاده باسبوعين".

واشتكى الشهيد عمر من حرمان السفير له باللقاء مع عائلته بشكل مفتوح كما كان، وقيدت الزيارة مرتين فقط في الأسبوع كان آخر لقاء قبل استشهاده بايام.

وبيّن حمزة أن اخيه قال له في الاتصال الاخير " سأبقى هنا وسأعتبر نفسي في سجن اسرائيلي والله المستعان".

من جهتها، قالت زوجة النايف، إن سفير السلطة رفض التعاون مع المحامية شارلوت كيتس، التي جاءت إلى صوفيا لمقابلة عمر قبل اغتياله والاطلاع على أوضاعه، مضيفة "كلما طلبنا أي شيء كان يتصرف بطريقة غير أخلاقية وغير إنسانية، ووصلت به الوقاحة إلى أن يمنع عمر من زيارة طبيب، وكان يهددني باستمرار أنه سوف يمنعني أنا أيضاً من دخول السفارة إذا تواصلت حملة التضامن مع عمر".

 

وتكشفت خيوط الجريمة، أكثر عندما كشف سعدي عمار صديق عمر المقرب والذي تناوب مع شقيقه في المبيت داخل مقر السفارة، إذ اكدّ للرسالة، أنه اتفق مع مسؤول المخابرات داخل السفارة "ممدوح.م"، ان يبقى داخل السفارة بجانب عمر الى حين يعود سعدي من سفره، ليتفاجأ ليلة اغتيال عمر، أن هذا المسؤول الأمني غادر السفارة متجها الى تركيا، بذريعة تكليفه بمهمة عاجلة من وزارة الخارجية.

وأكدّ عمار لـ"الرسالة نت "، أن طاقم أمن السفارة أقدم على نقل عمر وهو مسجى بدمائه على الأرض، وحاول تغيير ملامح مسرح الجريمة؛ لإبعاد الشبهة عنه، وابقاءه ينزف دمًا لمدة تزيد عن ثلاث ساعات، مشيرا الى ان مسؤول المخابرات في السفارة "م.م"، غادر المقر وسافر ليلة الجريمة دون ابلاغ احد وترك عمر وحيدًا في المقر، ما يزيد من شكوك تورط السفارة في عملية الاغتيال.

وأشار الى أن صديقه -الشهيد عمر-أسّر له اثناء مبيته المتكرر معه داخل مقر السفارة ، بأن بعض الشخصيات التي تعمل في السفارة مرتبطة بالموساد، وكان يرسم له "نجمة داوود"، في اشارة الى ان هناك "خيانة لدى هؤلاء المرتبطين مع الاحتلال".

وأضافت النايف أن الأطراف المتورطة في عملية اغتيال زوجها حاولت بكل جهد دفن قضية عمر، من خلال التأخير والمماطلة في عملية التحقيق.

وأشارت إلى وجود اتفاق بين السلطة وبلغاريا وإسرائيل، لدفن قضية اغتيال "عمر" وعدم إظهار نتائجها، وذلك لإخفاء معالم الجريمة وعدم توريط أنفسهم فيها، مشيرة إلى أن لجنة التحقيق التابعة للسلطة غادرت بلغاريا دون تسليم أي تقرير حول اغتياله.

 واكدت أن اللجنة الأخيرة التي شكلتها السلطة لم تمارس دورها ولم تجرِ أي تحقيق مع أفراد السفارة خاصة المتورطين في عملية الاغتيال.

وأضافت أن اللجنة تعمدت تجاهل جناة ومتورطين في الجريمة، ولم تحقق معهم حتى اللحظات الأخيرة.

وتعمدت كل الأطراف بما فيها السفارة  الى إخفاء موعد ارتكاب الجريمة، لكن وفق المعطيات التي توفرت للرسالة، فإن مسؤول في السفارة كان اول من جاء اليها، ووجد عمر جثة ملقى على ارض السفارة، ليتصل مسؤول بالسفارة بسعدي عمار ويخبره أن صديقه استشهد.

ومباشرة تواصل عمار مع عائلة الشهيد النايف، لتصل زوجته الى مسرح الجريمة الساعة الثامنة صباحا تقريبا، ووجدته قد فارق الحياة.

وبحسب سعدي، فإن المسؤول في السفارة وجد النايف على قيد الحياة، ليتذرع أنه كان يخشى عليه من الاعتقال في المستشفى، ليرتقي عمر دون أن تقدم له أي مساعدة طبية، ونقل الى المستشفى الساعة 12 ظهرًا، كما تقول زوجته للرسالة.

وما لبثت أن حصلت الرسالة على تفاصيل جديدة من إبراهيم محي الدين أمين سر حركة فتح السابق في صوفيا، تتعلق بأن البلغار اجروا تشريحًا للجثمان بعد اشهر من احتجاز جثمان عمر، وقد رفضت صوفيا تسليمه الا مقابل دفنه مباشرة، ولم يتحقق ذلك الا بعد اشهر من استشهاده.

وقال محي الدين لـالرسالة"، " عندما تسلمنا شهادة الوفاة من البلغار ذكر فيها كل التفاصيل دون ساعة الوفاة فقد كانت مشطوبة، وقد تم تسليم الشهادة اثناء عملية التشييع، فيما رفض البلغار تسليم تقرير الوفاة، وقالوا إن عملية تسليمه لن تتم قبل عام".

في هذه الاثناء كانت السلطة قد شكلت لجنة تحقيق برئاسة تيسير جرادات وكيل وزارة الخارجية، وهو احد المتهمين في الأصل بتوجيه رسائل للسفير لاخراج عمر من السفارة، كما تقول عائلته.

هنا كشف هاني الثوابتة عضو اللجنة المركزية العامة للجبهة الشعبية، عن تفاصيل ما حدث في لجنة التحقيق المتعلقة بـالكشف عن استشهاد المناضل عمر النايف في بلغاريا.

وقال إن اللجنة اجتمعت لصياغة تقرير يتضمّن اتهامات واضحة للسفارة والسفير ووزارة الخارجية الفلسطينية بالتقصير والتورط في اغتيال النايف.

وأضاف "أثناء عملية الصياغة تلقى رئيس اللجنة تيسير جرادات وكيل وزارة الخارجية، اتصالا من وزيره رياض المالكي، وعاد ليقول إن صيغة التقرير بحاجة إلى تعديل، وهو أمر رفضه مندوب الجبهة الشعبية وشقيق الشهيد عمر-كاشف-".

وأوضح الثوابتة أن الرفض جاء لأن "التقرير اعتمد على شهادات أخذت من عائلة الشهيد وأعضاء يعملون في طاقم السفارة، وكلها تؤكد تورط وتواطؤ السفارة في عملية الاغتيال"، وفق قوله.

وتابع أن "التلاعب في التقرير؛ يهدف لتدليس القضية من الخارجية والمتهمين في عملية الاغتيال، كي تصبح اللجنة شاهد زور على هذه الجريمة"، مشيرًا إلى فشل اللجنة وإنهاء عملها وانسحاب الشعبية، وعائلة الشهيد منها.

وأكدّ الثوابتة، بموجب المعلومات والشهادات التي حصلت عليها لجنة التحقيق، وجود أصابع اتهام مباشرة للسفارة والسفير المذبوح في التورط بعملية الاغتيال، "خاصة وأنه-أي السفير-مارس ضغوطًا مباشرة على الشهيد وصلت إلى حد التهديد".

وحول تفاصيل مجريات التحقيق، بيّن أن أول سؤال طرحته اللجنة؛ هو كيفية دخول الجناة إلى مقر السفارة دون كسر أبوابها أو نوافذها، في الوقت الذي تجاهل فيه السفير توفير كاميرات أو وضع حراسة على السفارة".

وبيّن الثوابتة، أن سفير السلطة ترك الشهيد النايف مضرجًا بدمه ورفض طلب اسعاف، وبقي عمر ينزف من السابعة صباحًا حتى الثانية عشر ظهرًا مضيفًا "هناك عملية إعدام تمت بطريقة بطيئة للنايف".

وقال إن هذه الجريمة تفتح الباب واسعا أمام سؤالٍ حول فساد سفارات السلطة ودورها في تدمير القضية الفلسطينية.

وعقب فشل اللجنة الأولى شكلت لجنة ثانية، جلست شهرين كاملين، ثم كتبت تقريرًا لها وارسلتها لوزارة الخارجية، فيما تقول زوجة النايف إن اللجنة أبلغتها بأن صدور التقرير سيستغرق شهرين وربما أكثر، و"هو دليل على وجود تعمد في التسويف".

ولفتت إلى أن لجنة التحقيق الأولى التي شكلت في قضية اغتيال زوجها "غير متخصصة" للتحقيق في قضية من هذا النوع، وتجاهلت أدلة تدين تورط السفارة الفلسطينية ببلغاريا في عملية الاغتيال.

وأضافت النايف لـ"الرسالة نت"، أن اللجنة آنذاك استمعت وشاهدت الكثير من الحقائق التي تثبت بالدليل القاطع تورط السفارة الفلسطينية بحادثة اغتيال الشهيد عمر، "لكنها تجاهلتها ولم تدين السفارة رغم أن الحقائق التي عرضتها لهم أثارت استغرابهم".

وجددت تأكيدها على أن عملية اغتيال زوجها ناجمة عن صفقة تمت بين السلطة واسرائيل وبلغاريا وبطريقة مدروسة بين الأطراف الثلاثة، للتخلص منه، مقابل حصول السلطة على الأموال.

ونبهت النايف إلى أن السلطة تعمل على تصدير رواية بأن زوجها انتحر، لتخليص نفسها من الجريمة التي تورطت فيها، و"حاولت تسويف الوقت لكي تضمن تغير ملامح الشهيد وعدم المقدرة على فحص جثته".

وأكدّت النايف أن المسؤول الأمني في السفارة، ترك زوجها ليلة استشهاده وغادر إلى أنقرة، دون أن يخبر العائلة كما جرت العادة من قبل ما يعطي شكوكًا واضحة حول تورط أشخاص من السفارة في عملية الاغتيال.

وبينت أن العائلة تملك وثائق وشهادات ورسائل تبين حجم الضغوطات التي تعرض لها عمر أثناء وجوده في السفارة، موضحة أن عائلة النايف مصممة أكثر على إجراء التحقيق حتى نهاياته، وتابعت القول: "يجب التحقيق مع سفير السلطة في بلغاريا أحمد المدبوح والمتورطين في عملية الاغتيال".

أمّا سعدي، فأكدّ السفير المدبوح يحاول اقناع السفراء ان الجريمة ناجمة عن محاولة انتحار ، وليست عملية اغتيال متعمدة.

 

اخبار ذات صلة