حذر المؤرخ المقدسي الدكتور جمال عمرو من تصاعد وتيرة الاستيطان ومشاريع تهويد مدينة القدس المحتلة بعد فوز دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، منبهاً في الوقت ذاته أن سلطات الاحتلال أعادت تنشيط مشروع بناء 6 آلاف وحدة استيطانية بعد قرارات اليونسكو القاضية بإسلامية المسجد الأقصى المبارك وعدم علاقة اليهود به.
وأخطرت سلطات الاحتلال، مؤخراً، خبير الخرائط والمؤرخ المقدسي الدكتور جمال عمرو بهدم منزله الموجود في حي البستان والذي يعود إلى العصر العثماني، وذلك في سياق سعيها المحموم إلى تهجير المقدسيين وإبعادهم عن المدينة بحجج كثيرة.
واعتبر د. عمرو في حوار مع الرسالة، أن قرارات اليونسكو الأخيرة كانت حافزاً للاحتلال للانتقام والاستفراد بالقدس في ظل غياب التحرك والاستثمار للقرارات الدولية، مشيرا إلى أن اتفاق أوسلو يكبل أي خطوات في صالح المدينة وسكانها.
وتعليقاً على إخطاره بهدم منزله، قال د. عمرو: "إن ذلك يأتي في سياق المحاولات المستمرة لإفراغ المدينة من سكانها الأصليين بحجة التراخيص"، مبيناً أن منزله بالإضافة إلى 88 منزلًا آخر في حي البستان يعودون إلى ما قبل وجود الاحتلال الذي يطالب بالترخيص.
الاحتلال يسعى لإزالة كل ما هو قديم وقانوني في القدس
واعتبر أن إجراءات الاحتلال "ظلم بائن بهدف تلمودي، وهو إنشاء حديقة الملوك في الحي"، مبيناً أن الإجرام وصل حد إجبار المقدسي على هدم منزله بيده مع دفع غرامة مالية للمخالفة وتغريمه ثمن إزالة الركام. ويخطط الاحتلال لهدم 20 ألف بيت مقدسي بهدف القضاء على الأثار الإسلامية في المدينة.
وبحسب عمرو فإن منزله يعود إلى الحقبة الأردنية ومن العام 1954، ولا يحق للاحتلال المطالبة بترخيصه، وتابع قائلا" احتلال غير مرخص يطالب بهدم منازل مرخصة". وأشار إلى أن عمليات هدم المنازل تمثل "إجراءات سياسية عقابية سيوجهها كما المقدسيين بالتقاضي في سبيل تأجيل القرار قدر المستطاع وإظهار وجه الاحتلال القبيح للعالم"، موضحا أن الاحتلال يمنح فرصة للتقاضي لسحب مال المقدسي ومن ثم يهدم المنزل.
يشار الى ان الاحتلال وأجهزته لطالما لاحقوا عائلة الدكتور عمرو، وأبعدوه وزوجته عن القدس القديمة والمسجد الأقصى المبارك لفترات متفاوتة ومتجددة، فضلاً عن منعهم من السفر خارج الوطن
سبباً للثأر
وحول قرارات اليونسكو الأخيرة والتي قضت بعدم وجود أي ارتباط بين اليهود والمسجد الأقصى وحائط البراق، قال عمرو: "القرار مهم وقد جاء تأكيد للمؤكد، فالله هو من أعطى المسلمين الحق في الأقصى، وأهمية القرار أنه جاء في وقت الانقسام الفلسطيني، وفي وقت تراجعت فيه القضية الفلسطينية على أجندة الدول العربية والعالم، لكن العرب اعتادوا إضاعة الفرص".
واستدرك: "حذرنا أكثر من مرة أن الاحتلال سيتخذ من قرارات اليونسكو سببًا للثأر والاستفراد بمدينة القدس"، مضيفاً أن "القرار سيكون وبالا وكارثة على الأقصى لأن العرب فرحوا به لثلاثة أيام فقط دون تحريك أي ساكن بالمدينة".
وبحسب المؤرخ عمرو فإن الاحتلال اعتبر أن القرار الحافل بالمطبات حسب وصفه يمس بكرامته ووجوده، لذا سعى إلى الرد عليه قبل أن يستفيق المسلمون من فرحتهم به، حيث بدأ بعدة مشاريع فورية أهمها "وجه القدس أجمل" بهدف إلغاء الشكل الإسلامي والحضاري للمدينة، حيث تبلغ قيمتها 2.5 مليار دولار، وتقام على 750 دونمًا من بلدات وأحياء القدس، وتمتد من دير ياسين حتى مقر الكنيست الإسرائيلي.
ولفت إلى أن الاحتلال أعاد تنشيط مشروع بناء 6 آلاف وحدة استيطانية بعد قرارات اليونسكو، موضحاً أن المشروع جمد في وقت سابق كمرحلة أولى من مشروع 2020 والذي يضم 55 ألف وحدة استيطانية، موضحاً أن الاحتلال يسعى إلى بناء كنيس جوهرة القدس و"الذي سيخطف الأنظار من قبة الصخرة"، وفق تخطيطه.
وأضاف عمرو أن "السلطة الفلسطينية مكبلة باتفاقية أوسلو التي تؤكد على التنسيق الأمني، فالاحتلال عمل على إلغاء جميع بنودها ما عدا التنسيق الأمني"، مبينا أن أي تحرك للاستفادة من قرارات اليونسكو سيكبلها الاتفاق. وقال: "نحن أمام كارثة محققة خاصة أن أوسلو كارثة على الشعب الفلسطيني فهي التي دمرت القدس".
أوسلو تعيق أي تحرك لاستثمار قرارات اليونسكو
ويعتقد عمرو أن انتخاب دونالد ترامب لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية سيتسبب بمزيد من الدمار والتهديد للمدينة، لاسيما أنه وعد بنقل السفارة الأمريكية لمدينة القدس المحتلة، داعيا الفلسطينيين إلى التوحد لمواجهة تلك المخاطر.
وتساءل: "كيف سيدافع الفلسطينيون عن أرضهم وهم لم يستطيعوا إنجاز انتخابات بلدية"، وتابع قوله: "في حال لم تكن كل المخاطر السابقة سبباً للحل الفلسطيني كيف سيكون المستقبل؟!".
وقال عمرو: "المقدسيون صامدون على أرضهم، لكن الكارثة لمن راهن على نتائج الانتخابات الأمريكية من أبناء جلدتنا"، مضيفا "(اسرائيل) استبقت النتائج الأمريكية بعشرين ساعة، وطردت المندوب الفرنسي الذي كان يعمل على التحضير لمؤتمر التسوية، فلا مؤتمر ولا مفاوضات، وترامب رجل شديد الولاء للصهيونية والدولة العبرية".