قائمة الموقع

حمام السمرة.. جولة بين الأبخرة لاستنشاق عبق التاريخ

2016-11-17T08:04:24+02:00
الرسالة نت-رشا فرحات

اهتمت المنطقة العربية، وتحديداً الفلسطينية، بإقامة الحمامات العامة قديماً أو ما يعرف بالحمامات التركية حتى باتت عادة معروفة لدى الحضارات القديمة، وذلك انطلاقاً من العناية بأمور الطهارة ذات الأهمية في الشريعة الإسلامية لارتباطها الوثيق بأداء العبادات والشعائر الدينية.

وكانت الحمامات مشروعا جميلا ومصدرا لثراء الكثير من السلاطين والأمراء في الدولة العثمانية وما قبلها من الدول العربية والإسلامية، وفي مدن الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة ما زالت الحمامات باقية على حالها وعلى قدمها حتى اليوم.

ويعد حمام السمرة في غزة أحد هذه الحمامات التي تتحدث عن عراقة الإسلام في القدم وتاريخ طويل مليء بالنقوشات والزخارف، ما زال شامخا حتى اليوم، يؤدي وظيفته الأساسية، ويتهافت عليه أهالي القطاع من رجال ونساء.

وحسب المرشدة السياحية عبير الزهار التي رافقت الرسالة في زيارة إلى حمام السمرة، فقد قالت وهي تصف لنا المعلم المليء بالزخارف والذي ما زال بلاط أرضيته القديمة ثابتاً حتى الآن، وجدرانه برائحتها الطينية ما زالت واقفة على حالها تزداد قرباً من الزائرين كلما عتقت: "يقع حمام السمرة بحي الزيتون في غزة، ويعتبر أحد النماذج الرائعة للحمامات العثمانية في البلاد، وهو الحمام الوحيد الباقي لغاية الآن في مدينة غزة. روعي في تخطيطه الانتقال التدريجي من الغرفة الساخنة إلى الغرفة الدافئة إلى الغرفة الباردة والتي سقفت بقبة ذات فتحات مستديرة معشقة بالزجاج الملون يسمح لأشعة الشمس بالنفاذ لإضاءة القاعة بضوء طبيعي يضفي على المكان رونقاً وجمالاً هذا بالإضافة إلى الأرضية الجميلة التي رصفت بمداور رخامية ومربعات ومثلثات ذات ألوان متنوعة، وقد رمم الحمام مؤخراً وأصبح أكثر جمالاً وروعة".

وتضيف الزهار: لقد تنافس السلاطين منذ القدم على بناء الحمامات، وكانت تعتبر مصدر رزق ومال وفير بالنسبة لهم لكثرة زوارها، وتملكه اويس باشا والي دمشق في البداية الذي قام بعمارته وترميمه، ثم انتقلت ملكيته إلى ابنته أم أحمد باشا، ولقد عمل به مجموعة من اليهود والسامريون لذلك سمي بهذا الاسم حتى اليوم" حمام السمرة" نسبة لهم حتى انتهت ملكيته الى آل رضوان، العائلة التركية المعروفة، قبل أن تصبح المسؤولة عنه عائلة الوزير حتى يومنا هذا".

وتابعت: "يمكن أن تدخل إلى حمام السمرة من ممر ضيق ينزل بك إلى الأسفل قبل أن يصل بك إلى نافورة تتوسط بعضا من المقاعد الرخامية المفروشة بعناية ببعض الأقمشة والكسوة التاريخية الفلسطينية، وبنظرة سريعة إلى السقف ستجد فتحات للتهوية على الطريقة العثمانية القديمة، قبل أن تدخل إلى الحمام أو ما يسمى بالمغطس، وينقسم إلى قسمين، قسم بارد وآخر ساخن، وربما ينصحك العاملون هناك بالذهاب إلى الحمام في فصل الشتاء لتتحمل سخونة المكان والأبخرة المتصاعدة في كل مكان".

ولكن أجمل ما في التجربة هو أنك ستتعرف على الطريقة العثمانية في النظافة، والتي تعتبر طريقة علاجية أيضا يلجأ لها سكان القطاع من الرجال والنساء للعلاج والتدليك على يد نساء ورجال يعملون في الحمام لهذا الغرض.

كما أن الحمام الذي تصل مساحته ل 500 متر يعتمد في عمله على إشعال الحطب لتسخين المياه التي بدورها تمر عبر مجارٍ وممرات معدنية أسفل الأرضية للوصول إلى الأحواض، لذلك ربما ستشعر بسخونة أرضية الحمام ما أن تدخل إلى المغاطس المخصصة لذلك.

الحمام حسب أقوال العائلة يحتاج إلى عناية من الجهات الحكومية، ولم يحظ بأي فرصة للترميم والعناية، وهو تحفة تاريخية تحتاج للاهتمام لتقدر على البقاء.

اخبار ذات صلة