قائمة الموقع

مدلك "حمام السمرة" ... صرخات تكشف آلام من يقع تحت يديه

2009-08-02T18:17:00+03:00

غزة- محمد أبو قمر

 

في تمام الخامسة والنصف مساء يفتح حمام السمرة أبوابه أمام الرجال، ويتردد الصغار والكبار طلبا للعلاج ، أو للتدليك والاسترخاء ، والبعض بناء على وصفة طبية ، وجزء كبير "لقطع الخوفة " بعد حرب رسخت مشاهدها الدامية في عقول المواطنين .

 

مدلك حمام السمرة "المداوي" يحاول تضميد آلام الناس ونزع الخوف من قلوبهم عبر خطوات علاجية ، و يستلقي الزائر على بطنه فوق قطعة من الرخام في احدى زوايا الحمام خصصت للتدليك ويباشر مختص العلاج الطبيعي بتدليك فقرات ظهره مستخدما زيت الزيتون.

 

وتتراوح شدة الآلام بين شخص وآخر فمنهم من يحتمل الاوجاع ، ومنهم من يكظم آلامه بالضغط على شفتيه ، وآخرون يعلو صوتهم بالصراخ من شدة الالم.

 

ويتجاهل المدلك صرخات من " يقع تحت يديه " على اعتبار أن ذلك من ضمن العلاج ، ثم ينتقل لتدليك الكتفين برفع اليدين لأعلى ورش الزيت عليهما والبدء بعملية "مساج" .

 

ويقول المدلك محمد أبو رجيلة أنه بإمكانه تشخيص حالة الزائر وكشف طبيعة ما يعانيه من المناطق التي يتألم منها ، حيث يعمل التدليك على تفتيح الشرايين المتسددة .

 

بعد الانتهاء من تدليك الظهر ينتقل الى القدمين بتمرير يديه "المزيتتين" على طول قدم الزائر وصولا الى أخمصها .

وينتقل المدلك الى بطن المتعالج حيث تتركز الشبكة اللمفاوية في منتصف البطن وتشتد الالام في تلك المنطقة مع تكرار ضغط يدي المدلك .

 

وتعد منطقة الرأس احدى النقاط التي يهتم المدلك بعلاجها حيث يعكف على طقطقة الجبهة الامامية وتدليك منطقة الفكين.

 

في حمام السمرة تتنوع المشاكل وتكثر الحكايات فقد تواجد شاب في العشرين من عمره وهو يتكئ على عكازين وتبدو عليه علامات الارتخاء، فهو بالكاد يستطع نقل قدميه على الارض ، وفي أغلب الأحيان يتكأ على الجدار للسير بعدما أجبره مدلكه الخاص على ترك عكازيه.     

وتعود معاناة الشاب الى عدة أسابيع عندما خلد الى النوم وهو يعاني من مشاكل اجتماعية فاستيقظ مشلولا بالكامل ولا يقوى على الحركة ولازم الكرسي المتحرك.

 

وقد عكف المعالج الذي تمكن ذوو الشاب من الوصول اليه " وهو رجل رياضي ملم بأساليب العلاج الطبيعي ويقدم خدماته كصدقة جارية دون مقابل"- عكف- على علاجه داخل حمام السمرة بالتدليك بالزيوت الطبيعية وخلطات الاعشاب .

 

ويقول المعالج: "بعد تدليك الشاب في المرة الاولى تمكن من ترك الكرسي المتحرك واستخدام عكازين ، وفي المرة الثانية طرأ تحسن على كمية الطعام التي يتناولها ، وسأحاول في المرة الثالثة ترك العكازين نهائيا".

واصطحب رجل أبناءه الصغار " لقطع الخوفة" بعد معاناتهم عقب الحرب الاخيرة والمشاهد المؤلمة التي لازالت راسخة في أذهانهم .

 

في غرفة البخار ترتفع درجة حرارة الرخام الذي يسير عليه المستحمون شيئا فشيئا ، وينتشر البخار في أروقة الحمام وتحت قببه الدائرية مما يساعد مسامات الجسد على إفراز كميات كبيرة من العرق تقضي على ما يعلق بالجسد من شوائب.

 

وفي زاوية داخلية من الحمام يتواجد " المغطس" وهو عبارة عن حوض صغير من الماء الساخن، تتراوح درجة حرارته بين 40 و50 درجة مئوية، يمكث فيه المستحم بضع دقائق مما يؤدي لفكفكة الجسم كما يقول مستخدموه .

 

ويعد حمّام السمرة المقام على مساحة 500 متر من أرض مدينة غزة القديمة، معلما تاريخيا ومزارا طبيا، ومتنفسا حيويا يلوذ به الكثيرون من أبناء قطاع غزة .

 

وعلى الرغم من قدم الحمام الذي يشير أحد النقوش بداخله إلى أن أول ترميم له يعود إلى بداية العهد المملوكي، عندما قام الملك سنجر بن عبد الله المؤيدي بتجديده عام 685هـ، فإنه اكتسب في السنوات الأخيرة شهرة كبيرة وإقبالا متزايدا من قبل الغزيين .

 

ويتكون الحمام المنخفض نسبيا مقارنة مع ما يحيط به من مبان حديثة، من عدة أقسام وفراغات، تبدأ بمدخل الحمام الذي يأخذ شكل السلم المنحني إلى أسفل، وتشرف نهاية المدخل على قاعة القبة الرئيسية التي تتوسطها نافورة مياه.

 

وتضم القاعة الرئيسية إيوانين، الأول تغلب المطرزات التراثية الفلسطينية على أوسدته وأسرته ويستخدم كاستراحة خارجية للمستحمين بعد الفراغ من الاستحمام، أما الإيوان الثاني فحول إلى كافتيريا للنزلاء تصطف على جنباته أباريق الفخار القديمة.

 

وتتصل قاعة القبة الرئيسية من الجهة الشمالية بممر يقود إلى حمام البخار الساخن والاستراحة الداخلية وغرفة التدليك.

 

 

اخبار ذات صلة