قائمة الموقع

مقال: القدس والدّاخل المحتلّ بين منع الأذان وتغوّل الإستيطان

2016-11-19T08:03:07+02:00
إيمان المتسهل
بقلم : إيمان المتسهل

يرغبون بمنع رفع الأذان في مساجد القدس والداخل الفلسطيني المحتلّ، يرغبون بإسكات أصوات المآذن أن يُذكر فيها اسم الله ورسوله. كان هذا هو المشروع الذي وافقت عليه اللجنة الوزارية الصهيونية يوم الأحد المنصرم والذي قدّمه أعضاء من حزب "الليكود" و"البيت اليهودي" و"إسرائيل بيتنا".

وينصّ المشروع على منع رفع الأذان وتشريع البؤر الاستيطانية "غير القانونية" في القدس والداخل المحتلّ، وبذلك سجّل زعيم حزب "البيت اليهودي" المتطرّف "نفتالي بينيت" كرة في مرمى خصومه وضرب عصفورين بحجر واحد في نفس الوقت.

 فرغم أن رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو كان قد طلب من وزراء حزب الليكود عدم التصويت لصالح مشروع البؤر الإستيطانية، وذلك خوفا على مستقبل المستوطنات كما قال، حيث كان ينتظر التنسيق وأخذ المشورة مع الإدارة الأمريكية الجديدة بزعامة الحليف الجديد دونالد ترامب، إلاّ أن وزراءه تجاهلوا طلبه ومرّروا القرار ممّا دفعه هو أيضًا إلى التصويت إلى جانبهم لصالح القرار. كما صوّت لصالح المشروعين مُعظم الوزراء من حزب الليكود و إسرائيل بيتنا والبيت اليهودي ممّا أثار غضب عضو الكنيست من كتلة "المعسكر الصهيوني" تسيبي ليفني وزعيم حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان والمستشار القانوني للحكومة "أفيحاي مندلبليت" الذين اتخذوا موقفا براغماتيا ورأوا بأنّ تمرير مشروع البؤر الإستيطانية الجديدة سيضرّ بإسرائيل ويلحق بها العديد من المشاكل، خاصة أن هذا المشروع يخالف مبادئ القانون الدولي ويعرقل الطلب الذي قدمته إسرائيل إلى محكمة العدل العليا بتأجيل إخلاء بؤرة "عامونا" الإستيطانية.

إلّا أن الإختلاف والتراشق بالتهم بين زعماء الأحزاب والكتل السياسية في الكنيست حول تمرير مشروع البؤر الإستيطانية الجديدة كان مجرّد تفاصيل صغيرة وخلافات تافهة بين زعماء فرّقتهم المصالح الحزبية الضيقة بينما جمعتهم وحدتهم العنصرية ومشاريعهم الوطنية الواسعة، فبينما اختلف قادة الأحزاب السياسية الصهيونية على شرعنة البؤر الإستيطانية لأسباب مختلفة إلاّ أنهم اتفقوا على قرار منع رفع الآذان في مساجد القدس والداخل المحتلّ بدعوى أنها تصدر ضجيجا يزعج المستوطنين الصهاينة ويقضّ مضاجعهم.

ردود الفعل العربية والإسلامية تجاه المشروع الصهيوني بمنع رفع الآذان في القدس وأراضي 48 كانت متفاوتة القوة.

 وما نراه أن القرار قد أدّى إلى استنكار واسع في فلسطين و بعض دول الطوق وبعض المؤسسات الإسلامية، حيث أصدر الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين يوم الثلاثاء 15 نوفمبر 2016 بيانا ندّد فيه بقرار منع رفع الآذان عبر مكبرات الصوت في داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة والقدس والمسجد الأقصى ودعا العالم العربي والإسلامي إلى رفض هذا القرار العنصري وتحمّل مسؤولياته، كما شهد البرلمان الأردني في جلسته التي عُقدت من أجل مناقشة بيان الحكومة الأردنية الجديدة برئاسة هاني الملقي جدلا واسعا وغضبا عارما حول القرار الصهيوني العنصري، حيث رفع النائب الأردني نبيل الشيشاني الآذان تحت قبة البرلمان مما دفع وزير الخارجية الأردني ناصر جودة إلى إصدار بيان يندد فيه بالقرار الصهيوني بمنع الآذان في القدس دون ذكرٍ للداخل المحتلّ وهو ما أثار غضب بقية النواب ودفع رئيس البرلمان الأردني إلى إفراد جلسة مخصصة لمناقشة القرار الصهيوني بمنع الآذان في القدس وإصدار بيان تنديد بالقرار.

 وهنا يبقى السؤال مطروحا حول ردود الفعل الرسمية للجهات العربية والإسلامية الأخرى تجاه هذا القرار الصهيوني الخطير والمستفزّ لمشاعر المسلمين في فلسطين وخارجها بمنع رفع الأذان في المسجد الأقصى والقدس والداخل المحتلّ الذي يفترض على الجهات العربية على الأقل التحرّك لمنع تطبيق هذا القرار في المسجد الأقصى باعتباره وقفا إسلاميا كما أكدت اليونسكو على ذلك. فالفصائل الفلسطينية وخاصة المقاومة منها، حركة حماس والجهاد ولجان المقاومة وكذلك وزارة الشؤون الدينية على لسان وزيرها يوسف إدعيس، اتفقت كلها على إدانة القرار الصهيوني ورفضه رفضا مطلقا وطالبت بمنع تطبيقه والتحذير من عواقبه الوخيمة، إلّا أن السؤال الأهمّ يبقى مطروحا حول تفاعل السلطة الفلسطينية مع هذا القرار الخطي. فهل ستذبّ عن حياض الأقصى وتدافع عن حرمة بيوت الله وتمنع تطبيق القرار الصهيوني الذي يسعى إلى تكميم صوت الأذان في المسجد الأقصى المبارك والقدس الشريف والداخل المحتلّ؟ أو أن هذا القرار لا يعنيها ولا يحرّك لها ساكنا خاصة في ظل الظروف التي تعيشها السلطة من انفلات أمني وشرخ وتصدّع وانشقاقات داخلية وصراعات دموية بين أجنحتها التي تطاير منها ريشها وبان لحمها الدامي بفعل الاقتتال بين ميليشيات عباس ميليشيات دحلان؟

 

اخبار ذات صلة