قائمة الموقع

قضم الأظفار بالأسنان.. تهدئة للأعصاب أم بحثًا عن الكمال؟

2016-11-20T15:46:01+02:00
نيويورك- الرسالة نت

يلاحظ أن بعض الناس ممن يقضمون أظفارهم باستخدام أسنانهم، عندما تسألهم عن السبب، يُرددون عبارات، مثل: «أقضم أظفاري منذ فترة أطول من أن أتذكرها»، أو «أفعل ذلك تلقائيًا»، أو «حاولت الإقلاع عن تلك العادة، لكنني فشلت»؟

لكن الإجابة على هذا السؤال، تبدو أكثر تعقيدًا مما كنا نعتقد؛ فلا يزال العلماء يبحثون وراء السبب الفعلي لهذه العادة، لكنهم في المقابل يعرفون أن حوالي من 20% إلى 30% من الناس، يقضمون أظفارهم، وأن 45% من هؤلاء، هم من المراهقين.

ليس توترًا

اعتقد البعض في البداية أن الأمر مرتبط بالتوتر والقلق، ولكن أظهرت الأبحاث أن هذا ليس صحيحًا بالضرورة، فالناس يقضمون أظفارهم أيضًا عندما يشعرون بالملل، والجوع، والإحباط، أو يتعاملون مع المهام الصعبة، لكن السبب الذي قد يكون غريبًا، هو أن بعض الناس يعضون أظفارهم عندما يشعرون بالارتياح!

وفي كثير من الأحيان قد يُصاب الشخص الذي اعتاد قضم أظفاره، لكن هذه العادة في المقابل، قد تُعطيه إحساسًا بالراحة. تقول «تريسي فوس»، أستاذ مشارك في الطب النفسي بكلية الطب في جامعة كاليفورنيا: إن «هذا الأمر صحيح بالفعل»، فهي أيضًا من هؤلاء الأشخاص المعتادين على قضم أظفارهم، وتُؤكد على أنها تقوم بذلك؛ لأنها تحب ذلك: «أشعر بالاسترخاء عندما أفعل ذلك».

وأشارت تريسي فوس، إلى أن النظريات التي تربط قضم الأظفار بالإحساس بالمتعة، قد ذكرتها بعض الدراسات التي أُجريت على فئران مُختبر؛ إذ تكشف هذه الدراسات أنه عندما أعطى الباحثون للفئران موادًا كيميائية تقلل من الإحساس بالألم، تسمى الإندورفين، فإن تبرجهم أصبح أقل بشكل واضح. ونقصد بالتبرج هنا، الحركة التي يقوم بها الفئران لتهذيب وتنظيف وجوههم باستخدام أيديهم، كما في الصورة التالية:

في المقابل، إذا أعطى العلماء هؤلاء الفئران ـ بعد ذلك ـ مواد كيميائية تنهي عمل الإندورفين المُسكّن، فإن معدل قيامها بعملية التبرج هذه تصبح أكثر. ويبدو أن هذا السلوك يشير إلى أن فكرة التبرج التي يقوم بها الفأر، ممتعة بالنسبة إليه، وعلى ذلك استُنتج أنه عندما يقرض الإنسان أظفاره، فإن هذا السلوك يمنحه شعورًا بالمتعة؛ كون قضم الأظفار شكلًا من أشكال التبرّج.

الكمال التام

إذا كان قضم الأظفار بالفعل، مثل التبرج بالنسبة إلى الفئران، فإنّ ذلك قد يُفسّر السبب وراء قضم الناس لأظفارهم خلال المواقف العصيبة، ليشعروا بالراحة ويهدئوا عصبيتهم.

وهذه النظرية تدعمها أيضًا بحوث اُجريت مُؤخرًا، ربطت قضم الأظفار بفكرة «الكمال التام». تقول هذه الأبحاث: إن الذين يقضمون أظفارهم أشخاص باحثون عن الكمال، والمقصود بهؤلاء، الذين يفرطون كثيرًا في عملية التخطيط، ويشعرون سريعًا بالإحباط؛ إذا لم يكونوا على الوضع المثالي المطلوب.

يقول «كيرون أوكونور»، أستاذ الطب النفسي في جامعة مونتريال: إن قضم الأظفار قد يساعد هؤلاء الناس على تهدئة الشعور بالملل أو الشعور بالتهيّج، مُؤكدًا أن الكمالية (البحث عن الكمال التام) هو عامل كبير في التسبب بمشكلة قضم الأظفار هذه.

من جهة أُخرى، أظهرت دراسات أن عملية قضم الأظافر قد تكون مجرد ممارسة مورثة جينيًا؛ فقرابة ثلث الأشخاص المعتادين على قضم أظفارهم، لديهم فردٌ أو أكثر في أسرهم يمارسون نفس العادة، وفي هذا قال «شاري ليبينر»، أستاذ مساعد في طب الأمراض الجلدية بكلية طب وايل كورنيل: إنه «عند النظر في التوائم المتماثلة، فإنه من الشائع جدًا أن كلا الطفلين يكونون ممن يقضمون أظفارهم كثيرًا.

ليس من الواضح لماذا يبدأ موضوع قضم الأظفار في سن مبكرة، ولكن قد يكون السبب أنه من السهل للأطفال الوقوع في هذه العادة؛ لأن الجزء من الدماغ المسؤول عن اتخاذ القرارات، والذي يسمى بالفص الجبهي للقشرة، يكون لا يزال غير كامل أو ناضج.

الأطفال يطورونها سريعًا

وعدم اكتمال هذه المنطقة من الدماغ في السن المبكرة للأطفال، هو ما يجعلهم لا يهتمون بالناس من حولهم، فتجدهم يتناولون كل الحلوى بلا مشكلة، أو يضعون أصابعهم في أنوفهم في الأماكن العامة، أو غيرها من العادات السيئة؛ لأنهم لا يتأثرون بالضغوط الاجتماعية، ولا يعطونها أي اهتمام في تلك المرحلة.

وقال «تريسي فوس» عن ذلك: إن «الأطفال يفعلون كل أنواع الأمور التي نميل إلى القيام بها في داخلنا، لكننا بدلًا من ذلك نتفوه بكلمات الدهشة والتقزز ورفض هذه الأفعال»، مُضيفًا: «لدينا ونحن بالغون هذا الدماغ المكتمل الذي يمكنه أن يوقفنا عن وضع أصبعنا في أنفنا».

وفي عام 2012، قررت الجمعية الأمريكية للطب النفسي وضع قضم الأظفار وبعض السلوكيات الأخرى الخاصة بالتبرج أو الاهتمام بالزينة، ضمن قائمة السلوكيات ذات الاستمالة المرضية، مثل شد أجزاء الجلد الزائدة، وسحب الشعر، وتصنيف هذه الأفعال أنها تقع ضمن نطاق اضطرابات الوسواس القهري.

ويشمل الوسواس القهري هؤلاء الناس الذين يغسلون أيديهم مرارًا وتكرارًا، أو يصفون أحذيتهم بشكل شديد الترتيب، وبالإمكان القول: إن التبرج المرضي والوسواس القهري أمران متشابهان إلى حد ما، ففي كلتا الحالتين السلوك الطبيعي – مثل قضم الأظفار في هذه الحالة – يتحول إلى سلوك مفرط وزائد كثيرًا، ولكن بعض الأطباء النفسيين يختلفون مع قرار الجمعية الأمريكية للطب النفسي.

مشاكل صحية

وأيًا ما كان التعريف الطبي لقضم الأظفار، فإن فعل ذلك يمكن أن يكون له الكثير من العواقب الصحية غير المرغوب فيها، فمن جهة، قضم الأظفار مُضر للفم والأسنان، وقد يُؤدي بك إلى صرفك لآلاف الدولارات فواتير لعلاج الأسنان، على مدى حياتك.

من جهة اُخرى، المنطقة تحت الأظافر بمثابة مفرخة للبكتيريا، بما في ذلك بكتيريا إيشيريشيا كولاي، التي تدخل إلى الجهاز الهضمي فتتسبب في إمراضه.

ساسة بوست

اخبار ذات صلة