غزة- الرسالة.نت
حذرت دراسة صدرت مؤخرا من المساعدات الدولية المقدمة للشعب الفلسطيني لارتباطها بالموقف السياسي الفلسطيني, وكشفت الدراسة التي أعدها مدير لجان الإغاثة الزراعية بقطاع غزة الباحث احمد الصورانى عن التحديات والمخاطر التي تعترى ذلك حيث أن الطابع العام للمساعدات المنوي تقديمها دوليا لقطاع غزة خلال السنتين القادمتين هو طابع اغاثي إنعاشي لا يمت بصلة لإعادة إعمار حقيقية للقطاعات المحتاجة كالزراعة والاقتصاد والإسكان.
مرهونة بأجندة
وبحسب الدراسة فان تقديرات المنظمات الدولية للخسائر والأضرار تمت بالأساس بمشاركة مجتمعية شكلية من المجتمع المحلي ، موضحة أن حالة التشرذم وعدم التنسيق فيما بين الجهات الحكومية وغير الحكومية الفلسطينية في توثيق الأضرار والاحتياجات تعرقل تحديد الأولويات بما يتفق مع الواقع والتحديات السياسية والاقتصادية ضمن خطة وطنية فلسطينية شاملة ومتكاملة.
ورأت الدراسة أن العديد من المنظمات الدولية التنموية أصبحت الآن تغير من صفتها التنموية، إلى اغاثية إنعاشية، بما يتلاءم مع أجندات التمويل المطروحة عالميا وإقليميا لغزة
وطالبت الدراسة من الكل الفلسطيني الحكومي وغير الحكومي الضغط على برامج تدخل تلك المنظمات ، من اجل إعطاء الأولوية لإعمار حقيقي وإعادة التأهيل وممارسة الضغط المنظم على الاحتلال الإسرائيلي ، من أجل إدخال المواد اللازمة لإعمار وتأهيل قطاع غزة ، بدلا من إضاعة الوقت والجهد والمال في وجهة غير المطلوبة حقيقية .
ووصفت الدراسة أهداف الاغاثة الراهنة المقدمة من المنظمات الدولية بالآنية التجميلية مؤقتة، مشددة على ضرورة تغيير وجهة وإستراتيجية الإغاثة الآن في غزة، من " قوت ولا تموت" إلى إستراتيجية "إعادة التأهيل والإعمار من منظور تنموي وطني يأخذ بالاعتبار معاناة ومآسي واحتياجات الناس الحقيقية .
تدفق المساعدات
وكشف الباحث الصورانى في دراسته أن قطاع غزة يشهد حاليا تدفقا غير مسبوقا لعشرات البرامج والمنظمات الدولية ، الإغاثية والإنعاشية ، والإنسانية ، وأخرى للطوارئ ، مقابل تراجع ملموس ومربك في مشاهد البرامج والمؤسسات الدولية التي تتبنى طرق وآليات التدخل ذات الطابع والصبغة التنموية أو حتى ذات العلاقة بمشاريع إعادة الإعمار والتأهيل
والمح الباحث إلى أن هذا الوضع نتج عنه حالة تنافسية وإرباك في الأدوار والتدخلات مابين المؤسسات الأهلية الفلسطينية والدولية ، وقال الصورانى " معظم المؤسسات الفلسطينية الأهلية مقبلة على أجندات عمل ، و(معارك) تحديد أدوار ومسؤوليات، تحدد فيها أشكال التدخل ومناهج طرق وأساليب العمل محليا " .
وأعرب عن خشيته من مخاطر التحاق أجندة المؤسسات الأهلية الفلسطينية بالأجندة المؤسسية الدولية وهو ما يعني إزاحة مشهد غزة وتحريكه نحو مربع الوصاية الإنسانية الدولية وقد يصل الأمر إلى أحد أشكال الوصاية السياسية" وتوقع الصورانى حدوث جملة تحولات إستراتيجية مؤسسية لدى القطاع التنموي المجتمعي الفلسطيني في مجمل الوطن الفلسطيني المفتت والمقسم ،
وبينت الدراسة أن أول مؤشرات هذا المشهد حدة التهافت على "سوق مقاولات" البرامج والمنظمات الدولية الإنعاشية والإغاثية في غزة، بأبخس الأثمان وأضافت "إن الجزء الأكبر من المنافسة تتمحور حول سياسات ومناهج وقيم ومعايير العمل البرامجي التي ستنعكس بالضرورة على مجمل المشاريع الجاري تنفيذها وتلك المنوي تنفيذها لاحقا .
ولفت الباحث إلى أن الخطورة في عدم التماس أي شكل حقيقي وواقعي من أشكال الشراكة المؤسسية أو التنموية أو الاغاثية المتوازنة ، التي يمكن أن تأخذ بعين الاعتبار الاحتياجات المحلية للفقراء والمتضررين والمقدرات والإمكانات والتطلعات الخاصة بالمجتمع المحلي ومؤسساته.
تحذير
وحذرت الدراسة بشدة مما وصفته بالمخاوف من ضرب وإضعاف الفعل المؤسسي المجتمعي وتشتيت قدراته ومقدراته وفقدانه للبوصلة والوجهة الحقيقية.
وربطت الدراسة بين ذلك وبين استمرار عدم التوافق السياسي والمجتمعي الفلسطيني لأنه يشكل خطرا وتهديدا حقيقيا لأي محاولة بناء شراكة مؤسسية اغاثية أو تنموية حقيقية بين الطرفين المحلي والدولي تعطي الأولوية للحاجات والأولويات المحلية الفلسطينية.
وكشفت الدراسة عن قصور وعجز المؤسسات الفلسطينية المحلية واعتبرت انه من المستحيل الحديث عن بناء شراكة إقليمية ودولية حقيقية ومتوازنة تسهم في تعزيز وحفز نقاط القوة والتأثير المؤسسي.
وقال الصورانى " إن أشكال وأطر الشراكة الموجودة حاليا لا تتعدى في كونها إطار العلاقات والاتصالات والتنسيق والتعاون الجزئي غير المتكامل وتبادل المعلومات العشوائي المربك وغير المنظم , وان هذا يحدث بالطبع في ظل غياب النهج السياسي الاستراتيجي الموجه لمجمل علاقات التعاون الفلسطيني محليا وإقليميا وعالميا .