قائد الطوفان قائد الطوفان

الفراغ السياسي والأمني يدفع مصر لتولي ملف غزة مجددًا

صورة
صورة

الرسالة نت- محمود هنية

قررت القاهرة، رمي العصا بعيداً عن منطق تعاملها مع قطاع غزة، والبحث عن رؤية جديدة تعالج فيها مرحلة الخلاف السابق، وما نجم عنه من تداعيات على الموقف والدور والسياسة، سواء كان في غزة أو حتى في المنطقة الشمالية لسيناء، والتي وصل فيها صناع القرار المصري لقناعة تقر بوجود حاجة لغزة في إحداث نهضة تنموية فيها.

ووفق المعطيات المصرية، فإن القاهرة بصدد اتباع سياسة التنمية بدلاً من المعالجة الأمنية، في سبيل إنهاء الصراعات القائمة في المنطقة الشمالية لسيناء، في ظل قناعة المسؤولين بأن غياب الحالة التنموية فيها وفر بيئة خصبة للإرهاب والتطرف، وأوجد ظواهر أمنية معقدة.

على الصعيد السياسي، أدركت القاهرة كذلك، وفق مسؤولين أمنيين وسياسيين التقوا بشخصيات فلسطينية شاركت في الوفود الفلسطينية الأخيرة في مؤتمرات عين السخنة، أن غياب الدور المصري الرسمي في رعاية الملفات الفلسطينية وتحديدا في غزة التي تشكل عمقا أمنيا لها، أوجد فراغًا دفع بعديد الأطراف الدولية والإقليمية إلى اللعب فيها.

على صعيد الموقف السياسي المصري، بدا تجاوز الشرعيات والمرجعيات الفلسطينية خطًا أحمرًا، لا سيما وأنه لا يلتقي سياسيا مع خصمها المحصور لوقت قريب بحركة حماس، قبل اتساع دائرة الخصومة لرئيس السلطة محمود عباس، والتي شملت أفرادًا من داخل البيت الفتحاوي، وهو ما أحدث تبدلا في الموقف ودفع بها إلى إحداث اختراق داخلي في ساحة غزة ولعب دور، لا يصطدم مباشرة بالموقف الرسمي للسلطة ولكنه يتجاوز رغباتها بإبقاء الحظر في العلاقة مع غزة.

هنا يشير النائب في المجلس التشريعي أشرف جمعة، إلى أن جميع ما سبق قد تعتبر دوافع منطقية في تبدل الموقف المصري، سيما وأن القنوات التي تتولى مسؤولية العلاقة بين غزة ومصر لديها رؤية مختلفة في التعامل مع مشهد غزة.

بداية التبدل كان في تهدئة إعلامية بين الوسائل الإعلامية المصرية وحماس، وفق ما أشار إليه بشير نافع الكاتب والباحث الإستراتيجي، الذي كشف عن وعود ثقيلة قدمتها مصر لحماس قبل عام تقريباً مقابل ترتيبات أمنية معينة، تعثر العرض وقتها ولكن لم ينته.

وعاد الطرح المصري يتجدد بعد فشل جهود الرباعية العربية في التوصل لمصالحة فتحاوية داخلية، وقررت مصر أن تبدأ بإحداث اختراق في الساحة الفلسطينية، من خلال استقبال وفود سياسية ورجال أعمال وإعلاميين للتعرف على احتياجات غزة، وشرح الرؤية المصرية الجديدة.

توافق الطرفان لاحقًا على تشكيل لجان اقتصادية مشتركة، لبحث أزمات غزة، فيما يقول أسامة كحيل رئيس اتحاد المقاولين بغزة، إن هناك اتفاقات ستعلن قريباً بين الطرفين.

ثم أعقبها استضافة مصر وفد من الجهاد الإسلامي، وأعلنت القاهرة رغبتها عن استقبال وفد فصائلي فلسطيني لإعادة تفعيل ملف المصالحة، غير أنها بانتظار انعقاد المؤتمر العام لحركة فتح، كما يقول جمعة لـ"الرسالة".

وبحسب معلومات للرسالة، فإن القاهرة بصدد عقد لقاء قريب مع حماس، دون الإفصاح عن موعد محدد، بعد اجتماع سيتم بين الجهاد الإسلامي وحماس ليضعها في صورة لقاء القاهرة.

ومن بين التفاصيل التي تعهدت مصر النظر إليها في المرحلة المقبلة، وكشفت عنها مصادر لـ"الرسالة"، زيادة كميات الكهرباء الواردة لغزة من مصر بزيادة مئة ميجا وات تقريبًا، وبناء مستشفى تخصصي في العريش وتبادل الخبرات الطبية بين مشافي القطاع ومصر.

وأبدت مصر رغبتها إقامة منطقة تجارية من خلال إعادة تأهيل معبر رفح وإقامة فندق للمسافرين فيه، وفتح طريق لإدخال المواد والاحتياجات التي يحتاجها القطاع.

وقد أكدّ عبدالغفار شكر رئيس حزب التحالف الاشتراكي اليساري، أن استضافة القاهرة للوفود الفلسطينية، يأتي كمقدمة وتمهيد لاستئناف الدور المصري في رعاية المصالحة الفلسطينية الداخلية وعودة الاهتمام بالقضية.

وقال شكر لـ"الرسالة"، من القاهرة، أن الانفتاح الرسمي المصري سيكون مع جميع القوى والفصائل الفلسطينية، ولن يستثني أحدًا، وفق المعلومات التي وصلت له. وأوضح أن الجهد المصري سيتركز على إجراء المصالحة الفلسطينية الداخلية وتقديم تسهيلات للفلسطينيين.

ودعا شكر السلطة الفلسطينية إلى مراعاة ظروف الناس في غزة، والتجاوب مع الجهد المصري؛ " لأن خلاف الأولويات والأهداف بين السلطة وشعبها سيكون ضارًا لها". وطالب باستمرار الضغط على السلطة من أجل القبول بمصالحة فتحاوية داخلية أولا ومن ثم إجراء مصالحة وطنية فلسطينية شاملة، وهي الرؤية التي تقدمت بها الرباعية العربية ورفضها أبو مازن.

البث المباشر