بالذهاب الى المنطقة الوسطى في قطاع غزة، ستكتشف علاوة عن طيبة قلب أهلها وملقاهم، أنها أراضٍ شاسعة تجمع الطبيعة الخلابة والمواقع الأثرية القديمة التي تعاني من قلة الاهتمام والتي تعرضت للنهب الإسرائيلي قبل وخلال الانتفاضة الأولى!
سميت مدينة دير البلح قديما بــ" الداروم" بمعنى الدير الجنوبي في اللغات السامية القديمة، أما تسميتها الحالية فهي نسبة لكثرة النخيل فيها.
وقد لعبت المدينة دورا مهما اثناء الحروب الصليبية حيث كانت احدى المدن الرئيسية في مملكة بيت المقدس الصليبية التي ضمت القدس وعكا ونابلس وكان فيها قلعة مشهورة اسمها عموري على اسم ملك القدس الصليبي في عام 1173-1163م.
ولقد احتلت دير البلح في العصر الصليبي أهمية بالغة لأنها كانت محطة مهمة من محطات البريد على الطريق الواصل بين القاهرة ودمشق ويقطعها خط السكة الحديدة الذي كان يصل بين غزة والقاهرة والمعطل حاليا.
وتبلغ مساحة أراضي دير البلح حوالي 15 ألف دونم، ويوجد على شاطئها كثير من المواقع الأثرية، التي جرت فيها أعمال التنقيب والنهب اثناء الاحتلال منها: مقبرة دير البلح، وتل الرقيش، وأرض البركة، وتل القطيف وغيرها.
وتشتهر الدير، حسب دليل وزارة الثقافة المصور، بمجموعة من التوابيت المصنوعة على شكل إنسان، والتي يعود تاريخها إلى العصر البرونزي المتأخر والمنسوب إلى ما يسمى بملوك الفلسطينيين.
ويعود تاريخ المقبرة إلى الفترة ما بين القرن الرابع عشر قبل الميلاد و1200 قبل الميلاد.
وجدت التوابيت في مجموعات من ثلاثة أو أكثر، وتبلغ المسافة بين كل مجموعة وأخرى بين 3-4أمتار، واكتشفت في قبور محفورة من حجر الكركار أو الطين الأحمر الموجهة نحو البحر، ورافقها كميات كبيرة من الأواني المصنوعة من الألباست، ومنها من الفخار الكنعاني والمايسيني والقبرصي والمصري والتي كانت تستخدم قرابين للدفن.
ويشار إلى أن التنقيب في مقبرة دير البلح تم بين عامي 1972 و1982م لمصلحة دائرة الآثار في الجامعة العبرية بالقدس وجمعية استكشاف (إسرائيل).
ولكن المؤسف أن كل هذه الاثار غير موجودة الآن لأن كل المكتشفات معروضة الآن في متحف الروكفلر ومتحف (إسرائيل) في القدس.
وكان موشيه دايان قد نظم في عام 1971م حملة تنقيب غير شرعية عن الآثار في المنطقة قبل الانتفاضة الأولى، في وقت أقدمت فيه (إسرائيل) على سرقة معظم القطع الاثرية التي وجدت على شواطئ قطاع غزة، وقد ضم كل المكتشفات التي وجدها إلى مقتنياته الشخصية التي احتفظ بها حتى وفاته، وبعد ذلك بيعت جميع هذه المقتنيات التي تضم مجموعة كبيرة من آثار دير البلح من قبل ورثته لمتحف (إسرائيل).