"صديق الأمس عدو الغد" مقولة شهيرة يتجسد معناها واقعا في نماذج حية تشهدها الساحة الفلسطينية، يقع ضحيتها كل من يفكر أن يُدلي بكلمات أو معلومات من شأنها كشف أي مستور، خصوصا إن كان يتعلق برأس السلطة الفلسطينية ومؤسساتها.
آخر أولئك كان الوزير السابق رياض الحسن، الذي كان مسئول الإعلام في السلطة ورئيس وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية "وفا"، بمجرد نشره مقالا حمل عنوان "المسكوت عنه في غزة" تضمن اعتراضا على سياسات إدارة الوكالة التابعة لمنظمة التحرير برئيسها الجديد أحمد عساف، وإقرارها فصل عدد من موظفي قطاع غزة، بحجة عدم تواجدهم داخل القطاع.
الحسن الذي تقلّد هذه المناصب عام 2013، وصل إلى سن التقاعد مطلع العام الجاري، لتوصف السنوات التي ترأس الوكالة خلالها بأنها شهدت "حرب إقالات" ضد عدد من المدراء السابقين الذين عيّنهم سابقه في إدارة إعلام السلطة ياسر عبدربه، وآخرهم كان أحمد زكي مدير عام إذاعة صوت فلسطين.
اعتقال الحسن من قِبل جهاز المباحث التابع للسلطة أثار جدلا واسعا وتراشقا إعلاميا، فشخصيات عدة سخّرت أقلامها للدفاع عنه وفضح ملفات راكدة داخل أروقة هيئة الإذاعة والتلفزيون، وآخرون انشغلوا بإيجاد مسوغات لاعتقاله، رغم كونه وقع في ظروف غامضة وأثناء محاولته السفر نهاية سبتمبر المنصرم.
"الرسالة نت" حاولت رصد كل ما يلفّ الموضوع وأجملت أبرز قضايا الفساد التي أثيرت حوله، بالإضافة إلى ملفات أخرى طفت على السطح في معمعة الخلافات التي أثارها اعتقال الوزير السابق، تزامنا مع ورود تقارير تؤكد تدهور وضعه الصحي بسجون السلطة لكِبر سنه.
سقطة كبيرة
في المقال الذي اعتبرت وكالة "وفا" أنه يحمل "اتهامات وأباطيل مزكومة برائحة الجهوية والتحريض"، عرض رياض الحسن قصصاً لموظفين في الوكالة بغزة قررت الإدارة الجديدة إيقاف رواتبهم بحجة أنهم غادروا القطاع للإقامة في مصر أو بلدان أخرى، واشترطت عودتهم للقطاع لإعادة الراتب إليهم.
أثبتت الوثائق أن أكثر من 15 موظفا بدرجة مدير ومدير عام يجلسون في بيوتهم ولهم أموال وشركات، وأخرى تحصل على علاوة قبل تعيينها، وآخرون يحصلون على رواتب وعلاوات غير مستحقة، وغيرهم يُسجلون كمراسلين في الخارج رغم عدم مغادرتهم فلسطين.
وغير استطراد الحسن في مقاله بأن هذا القرار مخالف للقانون والمنطق، فإنه استعرض تفاصيل خاصة بحالات محددة من هؤلاء الموظفين الاثني عشر دون ذكر أسمائهم، كان أبرزهم موظفٌ قال عنه الحسن بأن "أجهزة أمن حماس اعتقلته عام 2009 عدة مرات وعادت لملاحقته عام 2010 ولم يجد مناصا إلا التسلل خلسة إلى مصر عبر الأنفاق، حيث رتب أوضاعه واستقدم زوجته لتعيش معه في القاهرة براتبه المتواضع".
الرواية المذكورة كذّبها موظفٌ سابق في "وفا" ويدعى شجاع الصفدي -فُصل منها عام 2008 مع ستة من زملائه في غزة دون أن تبرر إدارتها آنذاك وحتى اليوم سبب قطع رواتبهم بشكل مفاجئ-، والذي أكد بأن الموظف المذكور في مقال رياض الحسن غادر عبر معبر رفح بشكل طبيعي.
الصفدي اعتبر في حديثه لـ"الرسالة نت" مقال رياض الحسن بمثابة "سقطة كبيرة"، وأن بعض ما جاء فيه معلومات مغلوطة، مؤكدا أنه يمتلك تاريخ ووقت مغادرة الموظف المذكور في مقال الحسن عبر معبر رفح البري وبختمٍ من إدارة المعبر، متسائلاً: "كيف لمطلوب ومطارد أمني أن يغادر غزة عبر معبر رفح الذي تتولاه حكومة حماس في غزة!".
وعن مرات اعتقاله وملاحقته من أجهزة حكومة غزة، أكد الصفدي أن الموظف المذكور بمقال الحسن اعتُقل مرة واحدة فقط، ويقول الصفدي: "لدي تأكيد أيضا بأن هذا الرجل اعتُقل مرة واحدة فقط ثم خرج بشكل طبيعي"، في تكذيب واضح لما ذُكر في مقال الحسن، وهذا فقط يخص قصة واحدة مما ذُكر فيه!.
وقف راتب الصفدي وستة من زملائه، تبين فيما بعد -وفق قوله- أنه كان نتيجة تقارير كيدية رفعها أحد الموظفين بناءً على ما أسماها الصفدي "خلافات تافهة" دارت بينهم أثناء دوامهم في الهيئة العامة للاستعلامات، والتي ضُمّت إلى "وفا" فيما بعد.
المثير في الأمر أن صاحب هذه التقارير الكيدية التي سُربت مراسلاته مع إدارة الوكالة برام الله فيما بعد، هو ذاته الشخص الذي دافع عنه رياض الحسن في مقاله نتيجة قرار الإدارة الجديد لـ"وفا" برئاسة أحمد عساف بفصله، بحسب ما يؤكد الموظف السابق الصفدي.
ومن جانب آخر، أشار الصفدي إلى نقطة هامة تطلبت تسليط الضوء عليها، حيث أن اسمه وأسماء زملائه المفصولين عام 2008 ما زالت موجودة في صفحة ديوان الموظفين العام عبر الانترنت، ويظهر عبره أنهم على رأس عملهم رغم انقطاع رواتبهم منذ حوالي 9 سنوات، متسائلاً: "أين تذهب رواتبنا إذن؟!".
مشكلتهم مع الحسن
الإعلامي الفلسطيني عبد السلام أبو ندى، موظف سابق في تلفزيون فلسطين، من أشد المدافعين عن قضية رياض الحسن والمطالبين بالإفراج عنه، قال في حديثه لـ"الرسالة نت": "إن اعتقال الحسن مخالف للقانون"، مشددا على أن "التجربة الإعلامية الفلسطينية لم تشهد رجلا إداريا وإعلاميا كرياض الحسن"، وفق قوله.
الحسن الذي تقلّد هذه المناصب عام 2013، وصل إلى سن التقاعد مطلع العام الجاري، لتوصف السنوات التي ترأس الوكالة خلالها بأنها شهدت "حرب إقالات" ضد عدد من المدراء السابقين الذين عيّنهم سابقه في إدارة إعلام السلطة ياسر عبدربه، وآخرهم كان أحمد زكي مدير عام إذاعة صوت فلسطين.
وأكد أبو ندى أنه يمتلك وثائق تثبت أن الحسن كان يرفض قطع راتب أيٍ من موظفي "وفا"، بل وضع قانونا للوكالة وموظفيها، يعتبر من أفضل القوانين لإنصافه جميع الموظفين في الوكالة -وفق قوله-.
بعد اعتقال الحسن كتب عبدالسلام أبو ندى مقالا بعنوان "شو قصتـ(هم) مع رياض الحسن" تطرق فيه لعدد من القضايا الساخنة ومجّد فيها برياض الحسن ومواقفه، وكشف خلاله عما اعتبرها أسباب اعتقال الحسن، كرفضه تولي منصب رئيس هيئة الاذاعة والتلفزيون عام 2008 بشكل قاطع، لتوكل مهامها لياسر عبدربه، إضافة لكونه "يعرف ما خفي ولم يُكتب في التقرير الرئاسي الوزاري الذي فضح بعضا من فساد رأس هيئة الإذاعة والتلفزيون بتاريخ 29/6/2008".
ومما ذكره أيضا رفض الحسن بيع قناة (الفلسطينية) ثلاث مرات ممن سُجلت باسمه رسميا رغم أنها ملك لحركة (فتح)، وإجباره على توقيع اتفاق شرائها الأخير لصالح هيئة الاذاعة والتلفزيون، وبدل أن تكون الهيئة هي من اشترت أصبحت الهيئة مرهونة لمن سُجلت (الفلسطينية) باسمه!.
أبو ندى الذي أكمل مقاله بقضايا يقول إن الحسن يعرف عنها الكثير مما "يمس فساد من يريدون خطف الاعلام الفلسطيني"، برر في حديثه لـ"الرسالة نت" صمت الحسن عنها خلال فترة توليه إدارة الوكالة بـأنه "كان في موقعه الرسمي، رغم أنه لطالما كانت له آراؤه الواضحة والصريحة في الكثير من القضايا، وضد أي شيء يراه غير سليم على المستوى الإداري أو المهني".
فوق القانون
تكشّف ملفات راكدة تخص الوكالة والقائمين عليها، دفع معدّ التحقيق إلى السؤال عن شرعية تعيين المتحدث باسم حركة فتح أحمد عساف، خلفاً لرياض الحسن، كمشرف عام على الهيئة العامة للتلفزيون ورئيساً لمجلس إدارة "وفا"، فكان جواب الإعلامي أبو ندى أن "قرار الإعلام الرسمي بيد منظمة التحرير التي تمتلكه، وهو من أدواتها ولديها الحرية في وضع من تراه كفؤا لتولي قيادتها".
"الرسالة نت" توجهت بهذا السؤال أيضا إلى الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة "أمان"، الذي ثمّن قرار مجلس الوزراء بشأن منع الموظفين من العمل خارج إطار الوظيفة، فحاورت الدكتور عزمي الشعيبي مستشار مجلس الادارة لمكافحة الفساد.
الشعيبي أشار إلى إيجابية القرار، متسائلا في ذات الوقت: "هل ستكون الحكومة قادرة على تطبيقه فعليا؟"، معتبرا أن ذلك سيشكل تحديا كبيرا أمامها، ومن المتوقع أن يُطبق على صغار الموظفين فحسب.
في الوقت ذاته، أشار الشعيبي لـ"الرسالة نت" إلى أن الحكومة تفاجأت بالأرقام التي زودتها بها "أمان" حول ازدواجية الوظيفة في هيئة الإذاعة والتلفزيون وغيرها من المؤسسات الفلسطينية وأبرزها الجامعات.
ونفى الشعيبي وجود أي نوع من أنواع الشفافية أو النزاهة في هيئة الإذاعة والتلفزيون، موضحا أنه ومنذ أن كان عضوا في المجلس التشريعي من عام 1996 وحتى 2006، أُعدّت العديد من التقارير التي كانت تشير بشكل واضح إلى انعدامهما في الهيئة، مؤكدا أنها لا تتعرض للرقابة أو المساءلة بأي شكلٍ كان.
وأضاف أن جيشا من الموظفين في الهيئة لا مبرر لوجودهم، إنما يتم توظيفهم شكليا في الهيئة لاسترضائهم -وفق قوله-، في حين أنهم لا يعملون فيها بشكل تام، وأن العديد من موظفيها ليسوا أصحاب كفاءات في المجالات التي تحتاجها الهيئة.
وفي السياق أضاف: "كل استطلاعات الرأي والفحوصات التي تتم على المحطات الفضائية والوسائل الإعلامية، لا تشير إلى أن أدوات الإعلام الرسمي للسلطة -ورغم كل ما يصرف عليها من مبالغ طائلة-تعتبر من الوسائل التي يعطيها المواطن الفلسطيني أولوية في السمع أو المشاهدة".
اعتقال الحسن من قِبل جهاز المباحث التابع للسلطة أثار جدلا واسعا وتراشقا إعلاميا، فشخصيات عدة سخّرت أقلامها للدفاع عنه وفضح ملفات راكدة داخل أروقة هيئة الإذاعة والتلفزيون، وآخرون انشغلوا بإيجاد مسوغات لاعتقاله، رغم كونه وقع في ظروف غامضة وأثناء محاولته السفر نهاية سبتمبر المنصرم.
وتابع أن "جزءًا كبيرا مما يُصرف على الإذاعة والتلفزيون تبديد للمال العام ولا يعطي نتائج بقيمة ما يموّله الشعب الفلسطيني وما يدفعه المواطن إلى خزينة السلطة على شكل رسوم وضرائب".
حديث الشعيبي أثار تساؤلا حول تبعية الهيئة ومؤسسات إعلام السلطة وما إذا كانت تخضع فعليا للمراقبة سواءً إداريا أم ماليا، وهو ما أجاب عليه الدكتور غسان الخطيب، مدير المركز الإعلامي الحكومي سابقا، والذي أكد أن هيئة الإذاعة والتلفزيون كانت دائما خارج صلاحيات الإعلام الحكومي وخارج إطار وزارة الاعلام، وتتبع للرئاسة بشكل مباشر.
وبالعودة للحديث عن موظفي هيئة الإذاعة والتلفزيون، فقد علمت "الرسالة نت" من مصدر خاص يعمل في الهيئة طلب عدم ذكر اسمه، أنها تضم أكثر من 650 موظفا بالضفة المحتلة والقدس، بالإضافة إلى 850 آخرين في قطاع غزة يعمل منهم فعليا حوالي 100 موظف، بينما يتقاضى الباقون رواتبهم دون أي أعمال تُذكر.
وكشف المصدر أن هيئة الإذاعة والتلفزيون لا تضم سوى مديرين عامّين، أحدهما مدير عام الهندسة وقد تم إقصاؤه، والآخر مدير عام الشؤون الإدارية والمالية، فيما بقية المدراء جميعا "مكلّفون"، وهو ما فيه انتقاص للحقوق وحرمان من الدرجات أو التدرج الوظيفي.
ويؤكد المصدر ما سبق ذكره من انعدامٍ للرقابة والمساءلة في أي جانب من جوانب العمل داخل أروقة الهيئة، مشبها الوضع داخلها بأنه "كالغابة.. فيها البقاء للأقوى فقط"، مختصرا حال هيئة الإذاعة والتلفزيون بأنها برأس دون أجنحة، لا يعمل أحد فيها ضمن مسمىً رسمي، وأن الجميع معرضون للإقصاء أو الاستبدال في أي لحظة.
وحول موازنة ومصاريف هيئة الإذاعة والتلفزيون، أشارت الأرقام الصادرة عن وزارة المالية في تقريرها نصف السنوي لعام 2016 الجاري، إلى أن مصروفات هيئة الإذاعة والتلفزيون حتى منتصف العام بلغت 60 مليون و800 ألف شيكل، منها 7 مليون لوكالة "وفا" وحدها.
ووفق ما نشرته "وفا" في بيانٍ لإدارتها مؤخرا، فإن إجمالي موازنتها يبلغ 20 مليون و84 ألف شيكل سنويا، منها 14 مليون و403 ألف شيكل تُصرف كرواتب وأجور، في حين أن 4 ملايين و146 ألف شيكل مصاريف تشغيلية، وحوالي مليون ونصف مساهمات اجتماعية.
تلويح بفضائح
أحد أبرز الوجوه التي وقفت لتدافع عن قضية رياض الحسن أيضا، كان عدلي صادق عضو المجلس الثوري لحركة فتح والسفير السابق بالسلطة، والذي هدد عبر "فيس بوك" في تعليقه على أحد منشورات الإعلامي عبدالسلام أبو ندى المنددة باعتقال الحسن منتصف أكتوبر الماضي، قائلا: "إذا ما خرج رياض الحسن سأنشر قصة فواتير الإعلامية أميرة حنانيا في عرب أيدول 2014، ورفض رياض الحسن صرفها وتمسكه بموقفه باعتبار الفواتير فسادا، وموقف رئيس السلطة الذي أمر بسجن رياض".
هذا التهديد جاء استكمالا لما علّق به صادق بأن "هؤلاء الذين يعتقلون رياض الحسن فاسدون وأوساخ، وقد امتنعنا عن كتابة قصص الفساد التي تدخل رياض الحسن لإحباطها، لأن الشلة التي اشتغلت عليه وفيها امرأة، مقربة من عباس وبالتالي عباس مسؤول، وإنني على يقين أن كل هذه (السفالات) سترتد وبالا على أصحابها".
مع ذلك، لم يمضِ يومٌ على هذا التهديد حتى تبعه بيانٌ مقتضب من عدلي صادق بأنه سيؤجل نشر ما أسماها بدلائل "بطلان أسباب الاعتقال الحقير الغادر للأستاذ رياض الحسن"، بحجة تلقيه "نداءات ورجاء" ممن أزعجهم التهديد وجعلهم يتحسسون رؤوسهم، واتصالات عبر طرق مختلفة ومن جهات عدة.
لم تُغير شيئا
كل ما سبق طرحه يعيد إلى الذاكرة ما نُشر عبر وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي من وثائق تُظهر فسادا بأشكال مختلفة في وكالة "وفا"، كان أول ناشريها الناشط الفلسطيني المعروف فادي السلامين، قبل حوالي عام.
وثائق السلامين عرضت أوجه فساد في الوكالة وبالأسماء، من ضمنهم السيدة ناهد خالد الحسن شقيقة رياض، والتي أثبتت الوثائق أن الوكالة قامت بتسكينها كمديرة مكتب القاهرة عام 2009، رغم أن الوكالة لا تمتلك مكتبا في مصر أصلا، وتتقاضى راتب مدير دون أي يعلم أحد أين هي أصلا.
وأثبتت الوثائق أن أكثر من 15 موظفا بدرجة مدير ومدير عام يجلسون في بيوتهم ولهم أموال وشركات، وأخرى تحصل على علاوة قبل تعيينها، وآخرون يحصلون على رواتب وعلاوات غير مستحقة، وغيرهم يُسجلون كمراسلين في الخارج رغم عدم مغادرتهم فلسطين.
وثائق السلامين استدعت عددا من موظفي الوكالة إلى الإدلاء بكل ما يرونه داخل أروقتها من ظُلمٍ أو فساد، حيث يقول السلامين في حديثه لـ"الرسالة نت" إنه بات يتلقى العديد من الرسائل من موظفين ومقربين من إدارة "وفا" تُثبت وجود فسادٍ كبير في أروقتها، بمختلف أنواعه سواءً أكان إدارياً أم مالياً.
شيء مما جاء في هذه الوثائق أكده الموظف السابق شجاع الصفدي، الذي التقته "الرسالة نت"، موضحا أن من أوجه الفساد التي كان يشهدها أثناء عمله منح ترقيات "غير مستحقة" لبعض الموظفين، في حين أن آخرين من السابقين والمؤسسين في الهيئة ما زالوا حتى اليوم رؤساء أقسام لا يتم ترقيتهم، رغم أن سنوات خبرتهم أكثر بكثير من غيرهم ممن تمت ترقيتهم.
وبالعودة للسلامين فإنه يؤكد أن هيئة الإذاعة والتلفزيون ووكالة "وفا" ملك عام للشعب الفلسطيني، ومن حقّ أي مواطن فلسطيني مساءلتهم عّن كيفية صرف أموال الشعب، والتأكد من عدم التلاعب فيها، خاصة إذا كان لديه وثائق تثبت ذلك صادرة من قلب الوكالة وتعبر عن رغبة موظفيها في مكافحة الفساد داخلياً.
ورغم مرور أكثر من عام على نشر هذه المعلومات الموثقة بالأرقام والبيانات، إلا أن ذلك لم يغير في واقع الأمر شيئا، وبقيت فضائح هيئة الإذاعة والتلفزيون ووكالة "وفا" تطفو على سطح اهتمامات الساحة الفلسطينية بين الفينة والأخرى، ليبقى التساؤل اليوم قائما حول ما إذا كان سينتهي هذا المسلسل أم ستبقى رئاسة السلطة تتحكم بكل شيء وفق "الأهواء والمزاجات" وسيبقى المستفيدون يغطون على فضائحهم.