حين كنا في العديد من المؤتمرات والمنتديات والملتقيات التي عقدناها في تونس المجيدة نطالب بفتح تحقيقات في الجرائم التي ارتكبها الصهاينة على الأرض التونسية بحق قادة ومناضلين فلسطينيين، كان أحد أهدافنا السعي إلى تحصين تونس من مخاطر تسلل الموساد الصهيوني لتنفيذ اغتيالات أو حياكة فتن، كما جرى مؤخرا في اغتيال المجاهد والعالم البطل محمد الزواري، وربما اغتيال آخرين قبله، للانتقام من الشعب التونسي الذي لا تجمع قواه وهيئاته النقابية والجمعوية على أمر كما تجمع على قضية فلسطين.
وليس صدفة أن يختار الموساد الصهيوني أيام احتفال التونسيين بالعيد السادس لثورتهم الرائدة والمظفرة لتنفيذ جريمته بحق الطيار المهندس الملتزم بالمقاومة الفلسطينية ،لأن العدو لا ينسى أن من أول الشعارات التي رفعها شعب تونس بعد الثورة "الشعب يريد تحرير فلسطين"، ولأن العدو يدرك أيضا أن التونسيين رغم كل ما بينهم من خلافات وصراعات رفضوا أن تستدرج بلادهم إلى المصير الذي عرفته دول عربية عزيزة وغالية، وأفشلوا بالتالي مخطط التدمير الذاتي والاحتراب الدموي والتفتيت المجتمعي والتقسيم الواقعي الذي تواجهه أقطار أخرى.
ليكن الرد التونسي على الجريمة الجديدة بالمزيد من التكاتف والتماسك والتمسك بالسقف الديمقراطي السلمي لكل ما بينهم من صراعات، ومعالجة قضاياهم الاجتماعية والاقتصادية بسرعة وحكمة، وصولا إلى تجريم التطبيع مع عدو لا يتوقف عن ارتكاب الجرائم بحق تونس وفلسطين ولبنان وسوريا والعراق وليبيا واليمن ومصر، وقبلها جميعا ضد الجزائر.
فلتفتح ملفات الجرائم الصهيونية على أرض تونس دون إبطاء، ولنتذكر مع اغتيال الزواري كل علماء الأمة الشهداء ممن اغتالهم العدو (وعملاؤه في كل أرض) لاسيما المئات من علماء العراق الأبطال.