يشكل نجاح المجلس التشريعي في عقد جلسة بمشاركة 15 نائباً من حركة فتح وكتل برلمانية أخرى، للمرة الأولى بعد الانقسام الداخلي، إعلاناً للتمرد على استفراد رئيس السلطة محمود عباس بالقرار الفلسطيني وتغوله على السلطات التشريعية والقضائية.
ويبدو أن الجلسة التي عقدت أمس الأربعاء بمقر المجلس بغزة، شكلت حراكا جديدا، وتصديا لقرارات عباس المتسارعة، وستمهد لمرحلة جديدة في صناعة القرار الفلسطيني، لا سيما أنها ضمت أطيافا مختلفة من قادة الفصائل.
ومن المهم ذكره أن اللجنة القانونية في المجلس التشريعي أقرت في ختام الجلسة ببطلان قرارات الرئيس عباس في تشكيل المحكمة الدستورية ورفع الحصانة عن خمسة نواب.
وكان عباس أصدر قرارًا برفع الحصانة عن خمسة نواب من فتح هم محمد دحلان وشامي الشامي ونجاة أبو بكر وجمال الطيراوي وناصر جمعة وذلك تمهيداً لمحاكمتهم بتهم فساد وشتم وقذف.
ويمكن القول إن هذه الجلسة خطوة مهمة على طريق مواجهة استيلاء عباس على مؤسسات السلطة وإخضاعها لقراراته المتفردة، وأهوائه في محاربة خصومه السياسيين.
ويؤكد ذلك الكاتب والمحلل السياسي فايز أبو شمالة، معتبرا أن مشاركة 15 نائبا من حركة فتح إلى جانب نواب "حماس" هو بداية حراك برلماني فلسطيني وصوت قوي يرفض التبعية وتغول عباس على السلطة التشريعية والقضائية.
وأوضح أبو شمالة في حديثه لـ"الرسالة نت" أن هذه الجلسة خطوة أولى نحو إعلان التمرد ورفض التفرد بالقرار الفلسطيني ومؤسسات السلطة المختلفة، متوقعا أن تحمل الأيام المقبلة جملة من الحراك الداعم لهذا البرلمان كي ينزع التفرد من عباس، على حد قوله.
وأضاف "عقد جلسة طارئة هو بمثابة الاعلان عن رفض الخنوع والانتهازية التي يمارسها عباس تجاه نواب المجلس التشريعي ومؤسسات السطلة ككل". وتوقع أبو شمالة أن تدفع هذه الجلسة رئيس السلطة عباس لاتخاذ خطوات موازية مع الفصائل الفلسطينية، ويذهب للقاء قريب مع حركة حماس كي يفسد هذه المتغيرات البرلمانية.
ويتفق الكاتب والمحلل السياسي تيسير محسن مع سابقه، مشيرا إلى أن ما جرى سيترتب عليه موقف موحد من قبل كل الفصائل والقوى قد تدفع عباس للتفكير في إجراءاته الأخيرة.
وأكد محسن لـ"الرسالة نت" أن هذه الجلسة ستترجم قراراتها تجاه خطوات عباس وتطالبه بالتراجع عنها، وضرورة احترام حصانة أعضاء المجلس التشريعي التي منحها لهم القانون.
ولفت إلى أن عقد هذه الجلسة بمشاركة كتل برلمانية مختلفة يعكس تكاتفا جديدا من القوى الفلسطينية تفضح خطورة النهج السياسي الذي يخوضه عباس في إطار إدارته للشأن العام الفلسطيني.
ونوه محسن إلى أن تغول عباس على السلطة التشريعية وتعديه للحدود تجاه ما ينص عليه القانون الاساسي والقانون الناظم للمجلس التشريعي سيدفع النواب للمزيد من الخطوات لمحاولة وقف هذا التعدي على القانون.
وعلى كل حال فإن عقد جلسة بمشاركة نواب من حركة فتح ومن كتل برلمانية جديدة سيشكل تحدياً أمام استمرار عباس في التفرد بمؤسسات السلطة والقرار الفلسطيني.