إن قرار مجلس الأمن الدولي الذي يحمل رقم (2334) والذين يدين الاستيطان الصهيوني على أرضنا الفلسطينية ويطالب بوقفه، وحصل على أغلبية ساحقة – يعد انتصارا دبلوماسيا للفلسطينيين في المحافل الأممية، وجهدا دوليا لابد أن تبنى عليه جهود فلسطينية وعربية أممية من أجل مواصلة مواجهة الغول الاستيطاني ووقف جرائم سرقة الأرض الفلسطينية.
ردة فعل الكيان الصهيوني على هذا القرار الأممي هي ردة فعل طبيعية لأن الكيان يناصب العداء للمؤسسات المجتمع الدولي، حيث عبر رئيس الوزراء الصهيوني (نتنياهو) عن رفضه لهذا القرار، وأن الاستيطان سيتواصل رغم كافة القرارات الأممية التي اعتبرها (نتنياهو) حبرا على ورق.
إن هذا القرار الأممي لم يكن الأول الذي يناقش المستوطنات حيث تم مناقشة الاستيطان في مجلس الأمن في عام 1980م في قرار يحمل رقم 465، لكن هذا القرار يختلف عن السابق حيث أخذ مناقشة تفصيلية في جلسة مجلس الأمن، كما أن حجم التوسع الاستيطاني منذ بداية الألفية أكثر بكثير قبل 30 عاما حيث إن الكيان الصهيوني يعتمد أسبوعيا بناء مئات الوحدات الاستيطانية في القدس والضفة المحتلة، لذا لابد أن تأخذ قضية مواصلة بناء المستوطنات زخما وبعدا أمميا أكثر من ذلك، ولابد أن يتحول قرار ادانة المستوطنات إلى واقع عملي ملموس على الأرض وأن يتبنى مجلس الأمة بقوة قضية الاستيطان الوقوف في وجه الكيان من أجل وقف بناء مزيد من الكتل والبؤر الاستيطانية .
إن الأمم المتحدة اعتمدت هذا العام الكثير من القرارات الهامة الخاصة بفلسطين فقد اعتمدت في شهر ديسمبر الحالي خمسة قرارات جديدة متعلقة بفلسطين وتم التصويت لها بأغلبية ساحقة وهي قرار "تسوية قضية فلسطين بالوسائل السلمية "، وقرار حول الانتهاكات الإسرائيلية في القدس المحتلة ، وقرار حول "البرنامج الإعلامي الخاص الذي تضطلع به إدارة شؤون الإعلام بالأمانة العامة بشأن قضية فلسطين"، وقرار حول "اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف"، والقرار المعنون "شعبة حقوق الفلسطينيين بالأمانة العامة" (تحت بند قضية فلسطين)، وفي شهر نوفمبر الماضي اعتمدت اللجنة الرابعة التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة والمعنية بالمسائل السياسية الخاصة، وإنهاء الاستعمار، بأغلبية ساحقة ثمانية قرارات تتعلق ببند "وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى (الأونروا)، وقرار آخر يتعلق بـ "اللجنة الخاصة المعنية بالتحقيق في الممارسات الإسرائيلية التي تمس حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني، وغيره من السكان العرب في الأراضي المحتلة".
إن القرارات الأممية تحمل أهمية كبيرة للفلسطينيين وتسجل انتصارات على الساحة الدولية، ولكن لا يجب ان تبقى هذه القرارات دون قوة تلزم الكيان الصهيوني على تنفيذها أو تلزم الكيان الصهيوني على وقف جرائمه بحق الأرض الفلسطينية ووقف
ووقف بناء الثكنات الاستيطانية في القدس والضفة المحتلة.
ولابد أيضا تكثيف مقاومة الاستيطان في الضفة والقدس من خلال تكثيف المظاهرات ضد الاستيطان مواصلة دعم المزارعين وأصحاب الأراضي وضرورة العمل على تفعيل كافة القطاعات الفلسطينية في مواجهة جرائم الاستيطان.
يجب علينا استثمار الرفض الأممي والدولي لمواصلة بناء المستوطنات، واستثمار زيارات الوفود الأجنبية إلى أرضنا واطلاعهم على حجم جرائم المستوطنين على أرضنا وضرورة تفعيل وسائل التواصل الاجتماعي كافة من خلال نشر الصور والفيديوهات عن المستوطنات ونشر الإحصاءات والأرقام الخاصة بالبؤر الاستيطانية وتأثيرها الكبير على الطبيعة الجغرافية لأرضنا الفلسطينية.
إن مواصلة الكيان الصهيوني بناء البؤر الاستيطانية في الضفة والقدس المحتلة، يمثل الخطر الأكبر على الأرض الفلسطينية خاصة في ظل التنكر الصهيوني لكافة القرارات الأممية وفي ظل تكريس العنصرية الصهيونية في مواصلة هدم منازل الفلسطينيين وتهجيرهم منها، وهذا يتطلب منا جميعا توحيد جهودنا وخطاباتنا السياسية من أجل مواجهة المخططات الاستيطانية التي تستهدف أرضنا ومقدساتنا.