أيام قليلة، ويطوي العام 2016 آخر لحظاته، التي كانت حافلة بأحداث كثيرة شهدتها الولايات المتحدة الأمريكية، من توقيع اتفاقيات دولية لم تكن في الماضي مستساغة لكثير من المراقبين، إلى إجراء انتخابات رئاسية أفرزت نتائج صادمة لمراكز الأبحاث والمحليين والشعب الأمريكي، وصولا إلى العديد من أعمال العنف، ومظاهرات مناهضة للعنصرية، فضلا عن خسارة البلاد شخصيات بارزة غيّبها الموت.
أهم ما شهدته واشنطن خلال العام الحالي، كان الانتخابات الأمريكية التي فاز فيها المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، على منافسته الديمقراطية، هيلاري كلينتون، الأمر الذي أتى مخالفا لتوقعات كبريات المراكز البحثية في الولايات المتحدة، فضلا عن تشكيله صدمة للكثيرين من الأمريكيين والمراقبين الدوليين.
فوز ترامب، لم يكن بالحدث الذي مر بهدوء على البلاد، على غرار حملته الانتخابية، التي كشف فيها الرئيس المقبل عن رغباته بالتضييق على الأقليات وخاصة المسلمة منها، فبعد إعلان النتائج خرجت المظاهرات في بعض الولايات تنديدا بهذا الفوز.
ولكن رغم صدمة مراكز الأبحاث، والمراقبين الدوليين، ورغم كل الجدل المثار حول فوزه، سيتسلم ترامب منصبه بشكل رسمي في 20 يناير/كانون الثاني 2017، ليقود بلاده في مرحلة جديدة.
فوز الملياردير الأمريكي برئاسة البلاد، سبقته أحداث هامة في الولايات المتحدة، منها وقوع عمليات قرصنة إلكترونية متعددة، تم توجيه أصابع الاتهام فيها للخصوم التقليديين لواشنطن، الصين وروسيا وكوريا الشمالية، كان أبرزها إعلان شركة "ياهو" تعرض مليار من مستخدميها لعملية قرصنة، دون أن يتم الكشف عن الجهة المتورطة فيها.
ومن القرصنة الإلكترونية، إلى عمليات القتل الفعلي، إذ شهدت البلاد العديد من أعمال العنف، كان أبرزها، إقدام عمر متين، المواطن الأمريكي من أصل أفغاني، على أكبر عملية مشابهة من نوعها في 2016، متسبباً في مقتل 50 شخصاً وجرح 53 على الأقل، عندما فتح النار على مرتادي نادٍ ليلي للمثليين في مدينة اورلاندو بولاية فلوريدا.
ولم تقف أعمال العنف داخل حدود ولاية فلوريدا، إذ شهدت عدة ولايات تظاهرات عارمة، احتجاجاً على المعاملة العنصرية التي تمارسها الشرطة ضد الأقليات، وعلى رأسهم السود.
تظاهرات واحتجاجات، عمدت الشرطة في كثير من الأحيان إلى تفريقها بالقوة والعنف، تزامنا مع عمليات مسلحة متفرقة ضد عناصر الشرطة، لعل أبرزها مقتل 5 شرطيين، في مدينة دالاس بولاية تكساس، على يد القناص الأسود، المقاتل الأمريكي السابق، مايكة اكزافير جونسون (25 عاماً)، والذي كان قد خدم في أفغانستان، ليعود ويقتل لاحقا على يد الشرطة.
وقبل ذلك، افتتحت واشنطن عام 2016، باتفاق نووي مع إيران، شاركت فيه أيضا 5 دول كبرى، يتم بموجبه رفع العقوبات الاقتصادية عن طهران، في حال التزامها بالتخلص من برنامجها النووي العسكري، وهو اتفاق وعد ترامب بإلغائه.
وكذلك الموت الطبيعي، كان له الحصة البارزة في الولايات المتحدة خلال 2016، إذ خسرت البلاد، وفاة عدد من الشخصيات المعروفة، كان أبرزها، وفاة أسطورة الملاكمة العالمية المسلم، محمد علي كلاي، عن عمر ناهز 74 عاماً، والذي شارك بجنازته التي أقيمت في بلدته لويفيل، أكبر مدن ولاية كنتاكي، الآلاف والعديد من الشخصيات العالمية، كان أبرزها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وأنفق كلاي، الذي فاز ببطولة العالم في الملاكمة 3 مرات، حياته في مقارعة العنصرية في بلاده، إذ رفض في 28 أبريل/نيسان 1967، المشاركة في حرب فيتنام، فحكم عليه بالسجن 5 سنوات (لم ينفذها بسبب طعنه بالحكم)، إلى جانب غرامة مالية قدرها 10 آلاف دولار أمريكي، فضلا عن حرمانه من المشاركة في أي مباراة للملاكمة مدة 3 اعوام.
وفي هذا العام توفي أيضا، القاضي الأمريكي الشهير، انطوانين سكاليا، عضو المحكمة العليا (أعلى جهة قضائية في البلاد)، فلم تكن وفاته عادية، ولم تمر مرور الكرام في الولايات المتحدة، إذ تسببت في أزمة تمثلت في تعادل عدد الأصوات داخل الجهة المسؤولة عن تفسير القوانين والتشريعات وفقاً للدستور الأمريكي.
وكبرت الأزمة بعد رفض الأعضاء الجمهوريين في الكونغرس الأمريكي، قبول مرشح الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، القاضي ميريك غارلاند، ليكون خليفة لسكاليا، مفضلين تأجيل هذا الأمر لحين تسلم ترامب مهامه الرسمية كرئيس للبلاد.
وقبل أن يوشك العام على نهايته، فقدت واشنطن، جون غلين، عضو مجلس الشيوخ الأمريكي عن ولاية أوهايو، أول رائد فضاء أمريكي يدور حول الأرض، عن عمر ناهز 95 عاماً.
وللرياضة حصتها في أبرز الأحداث الأمريكية في 2016، إذ استطاع فريق "شيكاغو كبس"، بعد انتظار زاد عن 108 عام، تحقيق أول فوز عالمي ببطولة كرة القاعدة (البيسبول)، على فريق "كليفلاند انديانز" في بطولة العالم لهذا العام.
ورياضيا أيضا، تمكنت بعثة الولايات المتحدة الرياضية اليت شاركت في أولمبياد ريو لعام 2016 بالبرازيل، من الفوز بـ 121 ميدالية، بينها 46 ذهبية و37 فضية و38 برونزية.
أحداث ستطبع في ذاكرة الشعب الأمريكي، الذي يستعد لاستقبال عام جديد، قد يكون حافلا بأحداث مثيرة للجدل، أكثر من العام المغادر، وفق مراقبين أمريكيين ودوليين.
الأناضول