إلى حين تنفيذه

قرار مجلس الأمن بوقف الاستيطان.. "حبر على ورق"

غزة-نور الدين صالح

يشكّل تبني مجلس الأمن الدولي قرار وقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية "انجازاً وانتصارًا" للشعب الفلسطيني، في حين أنه يفتقد لتحديد الوقت الزمني لتطبيقه فعلياً على أرض الواقع.

وكان مجلس الأمن الدولي، قد أقرّ قبل عدة أيام بأغلبية ساحقة مشروع قرار لوقف الاستيطان (الإسرائيلي) في الأراضي الفلسطينية، وذلك بعد سحب مصر لمشروع القرار تحت ضغط من إسرائيل ومن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب.

ولأول مرة منذ 36 عاما، وافق 14 عضوا بمجلس الأمن على القرار، بينما امتنعت الولايات المتحدة وحدها عن التصويت.

ويأتي القرار كخطوة مهمة، تؤكد على حقوق الشعب الفلسطيني المنادية لإنهاء الاحتلال (الإسرائيلي) للأراضي الفلسطينية، لكن تبقى هناك بعض التساؤلات حول مدى إمكانية تطبيقه على أرض الواقع، خاصة في ظل عدم وجود قوى فاعلة حقيقية على الأرض وانشغال الدول العربية في هموها الداخلية.

ويُجيب المختص في الشأن الدولي د. مشير عامر، بأن القرار مهم في تأكيد حق الشعب الفلسطيني في أرضه المحتلة منذ عام 1967، مؤكداً أنه يأتي تأكيداً لفكرة تآكل صورة إسرائيل أمام المجتمع الدولي.

وأكد عامر في حديثه "للرسالة"، أنه لا توجد قوة فعلية على الأرض قادرة على تطبيق القرار ومنع الاحتلال من مواصلة الاستيطان، معتبراً القرار "حبراً على ورق، طالما لم يُنفذ على ارض الواقع "، وفق قوله.

وقال "لا يوجد أمل أن ينفذ القرار على أرض الواقع، وما يؤثر فعلياً هي المقاومة التي تشكل رادعاً حقيقياً لوقف الاستيطان"، مشيراً إلى وجود عشرات القرارات ومن بينها الداعية لوقف الاستيطان "لم تُنفذ من قبل " موضحا أنه يمكن الاستفادة من القرار إذا أُحسن استخدامه، وذلك من خلال الذهاب للمحكمة الجنائية الدولية.

من جانبه يؤكد غسان دغلس مسؤول ملف الاستيطان شمال الضفة، أن القرار "خطوة إيجابية وهامة ووضع إسرائيل في الزاوية، مستدركاً "لكن يحتاج ذلك إلى خطوات عملية وتنفيذ على أرض الواقع.

وبيّن دغلس في تصريح لـ "الرسالة"، أن عدم وجود آليات لتنفيذ القرار الأخير يعني أنه سيكون "فاشلاً"، ولن يحقق أي تقدم، ولن يضغط على الاحتلال لوقف الاستيطان أو حتى إزالة البؤر التي أنشأها على الأراضي المحتلة بالضفة والقدس.

وتوّقع أن تشهد المرحلة المقبلة المزيد من التصعيد من الحكومة الإسرائيلية المتطرفة، التي أخذت الضوء الأخضر من الإدارة الأمريكية لمزيد من التصعيد ضد الفلسطينيين وسرقة أراضيهم وحقوقهم.

بدورها، طالبت حركة حماس بتحويل قرار مجلس الأمن الدولي الذي يطالب (إسرائيل) بوقف بناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية إلى خطوات عملية.

وأكد حازم قاسم، المتحدث الرسمي باسم الحركة في تصريحات صحفية، على ضرورة تحويل هذا القرار إلى خطوات عملية ليس لوقف الاستيطان وحسب، بل لإزالة كل الاحتلال وما يتعلق به.

تهديدات ترامب

ويبدو أن القرار سيبقى معلناً مع وقف التنفيذ إلى حين انتهاء ولاية الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وتسلّم دونالد ترامب ولايته، وهو ما ينذر بعدم تنفيذ القرار خاصة بعد التهديدات التي أطلقها الأخير عقب القرار.

وكان الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، عقب على قرار مجلس الأمن المناهض للاستيطان في تغريدة عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، قد قال: "إن الأمور ستختلف بعد 20 يناير (موعد تسلمه للسلطة)"، في إشارة إلى رفضه للقرار.

يذكر أن، ترامب دعا في وقت سابق إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، إلى استخدام حق النقض (فيتو) ضد مشروع القرار. الأمر الذي لم يتحقق خلال التصويت.

وبالعودة إلى عامر، فإنه استبعد تطبيق القرار، خاصة بعد تهديدات ترامب "لذلك يجب ألا نعوّل على القرار كثيراً"، وفق تعبيره.

وأشار إلى أن الولايات المتحدة من اشد المناصرين لمواصلة بناء البؤر الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية.

وفي السياق ذاته، حذر دغلس، من خطورة التصريحات التي ألقها الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، مؤكداً أن القرار حال عدم تنفيذه "سيكون فاشلاً".

وقال دغلس، إن تصريحات ترامب تؤكد على وقوفه ومساندته المطلقة للاحتلال وحكومته المتطرفة في بناء المزيد من الوحدات الاستيطانية على الأراضي الفلسطينية المحتلة والاحتفاظ بما سرق من أراضي.

معاقبة نتنياهو

ومن الدلائل على عدم إمكانية تطبيق القرار على أرض الواقع، امتناع الولايات المتحدة عن استخدام (الفيتو) ضد القرار، في إشارة إلى معاقبة الولايات المتحدة "لإسرائيل" بسبب تردي العلاقة في الفترة الأخيرة بين الجانبين.

وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، إن الخطوة الأميركية تمثل واحدة من اللحظات الأبرز التي تميز إدارة أوباما، مشيرةً إلى أن خطوة أوباما تكشف عن مدى عداوة إدارته لإسرائيل، وإن أوباما تمكن في النهاية من معاقبة إسرائيل بطريقة لم يسبقه إليها أي رئيس أميركي.

ونبّه عامر، إلى ضرورة عدم إعطاء أهمية أكثر مما يستحق، مشيراً إلى أنه يأتي في حالة "جكر" من أوباما لنتنياهو، موضحا أن أوباما أراد إيصال رسالة في نهاية حكمه "أنه سعى للسلام" ويعارض فكرة الاستيطان

البث المباشر