"الاستيطان".. الوصفة السريعة لانعدام الأمن

الاستيطان في الضفة
الاستيطان في الضفة

الرسالة نت- ترجمة خاصة

مزيد من الاستيطان يحقق مزيدا من الأمن.. تلك المعادلة التي ما فتئت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تسعى إلى تحقيقها، ورغم اكتساب هذه السياسة كثيرا من التأييد المتزايد بين أفراد المجتمع الإسرائيلي، إلا أنه لا يوجد إجماع كامل عليها داخل المجتمع نفسه، ذلك أن هناك من يشكك في جدوى هذه السياسة في تحقيق الأمن.

الأمر يتعدى التشكيك ليرقى إلى درجة التأكيد أن قضم الأراضي المحتلة لصالح المستوطنات يحمل في طياته مزيدا من الخطر على أمن دولة الاحتلال، ذلك أن بناء تلك المستوطنات في المناطق المحتلة بهدف صبغها بالصبغة الإسرائيلية تقوم على العداء والتفوق ووضع الفلسطينيين تحت الحكم العسكري هي فكرة قبيحة وغير مستدامة، كما يقول الكاتب الإسرائيلي ألون مزراحي، في مقال له على موقع +972 Magazine الإسرائيلي المناهض للاحتلال.

ويمضي مزراحي بالقول إن نموذج الفصل العنصري الذي تشكله تلك المستوطنات القائم على منح المستوطنين اليهود امتيازات كبيرة على حساب الفلسطينيين لن يحظى بفرصة للنجاح، وستكون أول ضحاياه الإسرائيليون أنفسهم واليهودية، لأن من شأن ذلك أن يعمق الكراهية والخوف ضد الفلسطينيين، وسينشأ بعد ذلك جيل من الجنود والمستوطنين يؤمن بالكراهية والخوف سبيلا للمحافظة على الاستيطان والاحتلال.

ويرى مزراحي أن العالم منح إسرائيل الحق في الوجود بسبب عدالة قضيتها–حسب زعمه- ولكن العالم الآن لا يرى في المستوطنات قضية عادلة.

ويمثل تصويت مجلس الأمن الأخير ضد الاستيطان قرارا تاريخيا –كما يصفه مرزاحي- فهو يحترم الأمم المتحدة ومجلس الأمن، ويدعم الإسرائيليين الذين لا يريدون المشاركة في اضطهاد الفلسطينيين.

ويصف الكاتب الإسرائيلي التحالف الذي يسعى إليه نتنياهو مع الرئيس الأمريكي المنتخب بأنه خطوة متسرعة سوف تربط مصير إسرائيل برجل لا يمكن التنبؤ بأفعاله ويفتقر إلى كثير من الدعم بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، كما يحظى بقائمة طويلة من الأعداء ويستمد دعمه من العناصر المتطرفة من الأمريكيين. إن الاعتماد على رجل مثل ترامب يعني انخراط إسرائيل في القضايا الخلافية والحزبية.

الاعتماد الإسرائيلي على ترامب ودعمه، خاصة تعهده بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس قد يؤدي إلى اندلاع انتفاضة ثالثة، كما ورد في مقال آخر على موقع فورين بوليسي، للكاتب حسين ايبيش.

ويصف الكاتب هذا التعهد بأنه يمثل نهاية للسياسة الخارجية الأمريكية التقليدية ومصدرا للقلق، خاصة أن الرئيس المنتخب لا يبدو أنه سيتراجع عن اتخاذ هذا القرار خلافا لسابقيه الذين أصدروا مثل ذلك التعهد لكن التأجيل كان مصيره نظرا لتعارضه مع مصالح الولايات المتحدة.

ويعطي تكرار ترامب تعهده بنقل سفارة بلاده إلى القدس الانطباع بأنه جزء من تحول في السياسة الأمريكية باتجاه اليمين الإسرائيلي المتطرف، خاصة بعد تسمية ديفيد فريدمان الذي يحظى بتاريخ طويل من التصريحات المتطرفة حول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والداعمة للاستيطان في الأراضي المحتلة.

ويحذر الكاتب من أن تنفيذ ترامب لتعهده بنقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس سيسبب انفجار الغضب الفلسطيني واندلاع العنف، نظرًا لأن القدس مدينة ذات أهمية كبيرة للفلسطينيين والإسرائيليين.

ويشير الكاتب إلى أن سبب اندلاع الانتفاضة الثانية كان انتهاك حرمة القدس والمسجد الأقصى وما يمثلانه من رمز ديني وسياسي ووطني وإثني.

ويختم مرزاحي بالقول: "إن الشراكة مع ترامب قد تنتهي بخطأ فادح لليمين الإسرائيلي، نحن على يقين أن معارضة الاستيطان لم تتأثر بالحرب الباردة، ولا بسقوط الاتحاد السوفييتي كما لم تتأثر القفزة الاقتصادية في الصين، ولا بالربيع العربي، ونحن على يقين أنها لن تتأثر بوصول ترامب للسلطة".

البث المباشر