قائد الطوفان قائد الطوفان

قاسم: الجو العام بالضفة قائم على البلطجة من أمن السلطة

البروفيسور عبد الستار قاسم
البروفيسور عبد الستار قاسم

غزة- شيماء مرزوق

 

لا تتوقف الاعتقالات في الضفة الغربية ليس ضد المقاومين وناشطي الفصائل فقط وإنما ضد كل من يخالف السلطة الفلسطينية الرأي ويعبر عن توجهاته التي لا تتفق معها، ويمكن القول إن البرفيسور عبد الستار قاسم الأكاديمي والكاتب والمحلل السياسي من أكثر الشخصيات التي تعرضت لانتهاكات واضحة من ملاحقة واعتقال ومحاكمات، خاصة وهو صاحب آراء جريئة وقوية ينتقد فيها ممارسات السلطة والرئيس والأجهزة الأمنية. 

وقد جرى خلال الأسبوع الماضي تجديد الاستدعاء والمحاكمة لقاسم على خلفية تصريحات صحفية كان قد تحدث خلالها عن انتهاكات السلطة للقانون.

الرسالة حاورت قاسم لتوضيح تفاصيل المحاكمة والاعتداء الذي تم عليه حيث قال "المحاكمة الهزلية التي جرت معي تعكس ضعف السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية التي تخشى أي انتقاد أو صوت مخالف لها"، مؤكداً أن هذه السلطة هشة إلى درجة كبيرة تجعلها تستنفر كل أجهزتها الأمنية والقضائية ضد شخص خالفها في وجهة النظر.

وانتقد قاسم موقف الفصائل الفلسطينية التي التزمت الصمت أمام ما تعرض له من تنكيل واعتداء وإهانة، معتبراً أن الفصائل لا تتحرك ضد السلطة إلا إذا كانت الاعتقالات موجهة لأبنائها وهو ما يشكل إشكالية كبيرة تدفع السلطة نحو مزيد من التغول على المواطنين الفلسطينيين.

القضاء في الضفة مسيس بالكامل ويسير على هوى قادة السياسية

وفي تفاصيل ما جرى معه أثناء المحاكمة أكد قاسم أن القضية التي يجري محاكمته عليها حالياً ليست جديدة وتعود لبداية العام 2016 حينما ظهر في مقابلة تلفزيونية تتحدث عن الأوضاع الفلسطينية وتحدث خلالها عن انتهاك القوانين الفلسطينية من رئيس السلطة محمود عباس.

وبين أنه ينتهك القانون الثوري لمنظمة التحرير الخاص بالتخابر مع الاحتلال، إلى جانب انتهاكه للقانون الذي ينص أن مدة الرئيس أربع سنوات في حين تجاوز وجوده على رأس السلطة العشرة سنوات.

وتابع الأكاديمي الفلسطيني "تلفزيون فلسطين التابع للسلطة خلال حلقة تلفزيونية اتهمني بأنني أدعو لقتل الرئيس وقادة الأجهزة الأمنية الفلسطينية، وذلك دون مراعاة أدنى أصول المهنية الصحفية التي تقضي استضافتي وتوضيح وجهة نظري".

وأضاف أنه أوضح وجهة نظره في التصريحات التي صدرت عنه على صفحات الإنترنت، لافتاً إلى أن عباس انتهك قانون منظمة التحرير الذي شارك في وضعه، ويجري تطبيقه على المواطنين البسطاء فقط.

التهم تعكس ضعف السلطة القائمة على قوة الاحتلال

وبين أنه بعد عدة أيام جرى اعتقاله من الشرطة الفلسطينية التي اعتدت عليه ورفضت أن يجري اتصالات بعائلته، حيث وجهت ثلاثة تهم رئيسة له وهي النيل من هيبة الدولة وترويج أخبار كاذبة وقدح مقامات عليا.

وقال قاسم "كان ردي على كل الاتهامات واضحاً فنحن أمام حكم ذاتي وسلطة بلا هيبة فكيف أنال ممن لا هيبة له؟، كما أن هذه الدولة ليست موجودة أصلًا".

وتابع " تهمة ترويج أخبار كاذبة المقصود بها الحديث عن احباط السلطة 200 عملية ضد الاحتلال وهذا ما صرح به مسئول المخابرات ماجد فرج وهو تصريح موثق مع مجلة أمريكية وليس خبرًا كاذبًا".

واعتبر الكاتب والمحلل السياسي أن تهمة قدح مقامات عليا والمقصود بها أبو مازن تؤكد الظلامية التي تعيشها هذه السلطة خاصة أن عباس يعتبر مغتصب للسلطة لأن مدته الرئاسية انتهت منذ أكثر من ستة سنوات.

وشدد على أنه بناء على هذه التهم جرى توقيفه خمسة أيام، سبقت جلسة المحاكمة التي جرى تأجيلها.

السلطة نجحت في إشاعة الرعب وربط المواطنين بمصالحهم على حساب المصلحة الوطنية

وبين قاسم أن النيابة حضرت الجلسة الأخيرة التي جرت في شهر ديسمبر الماضي وطلبت التأجيل لجلب الشهود وإحضار خبير في الجرائم الإلكترونية.

وكانت محكمة "الصلح" التابعة للسلطة الفلسطينية في مدينة نابلس أرجأت الأربعاء الماضي، المحاكمة حتى نهاية شهر كانون ثاني/ يناير المقبل.

وأضاف الأكاديمي الفلسطيني، أن قاضي المحكمة، التي تُعقد للمرة الأولى للنظر في التهم الموجهة إلي، أرجأ الجلسة عدة ساعات لإحضار شهود النيابة، إلا أنه اضطر لتأجيلها حتى نهاية يناير الجاري.

وفي تعليقه على تفاصيل المحاكمة قال البرفسور قاسم " أنا من أكثر المثقفين الذين تعرضوا لانتهاكات واعتداءات وملاحقة واعتقال نتيجة الانتقادات التي اوجهها للسلطة ولرئيسها وأجهزتها الأمنية دون أن أجد تضامنًا كافيًا معي".

مجلس القضاء الأعلى غير شرعي لأنه جرى تعيينهم من عباس الفاقد للشرعية

وأضاف قاسم أن التهم الموجهة إلية تؤكد أن السلطة الفلسطينية تعيش في زمن العصور الوسطى الظلامية، كما تعكس ضعف هذه السلطة القائمة على قوة الاحتلال، معرباً عن أسفه لصمت الشعب الفلسطيني على الإجراءات التي تتخذها والاعتداءات دون أي وقفة شعبية.

ولفت الأكاديمي وأستاذ العلوم السياسية إلى أن السلطة نجحت في دب الرعب في قلوب المواطنين وربطهم بمصالحهم الخاصة على حساب المصلحة الوطنية سواء الرواتب أو أمنه الشخصي، على غرار ما فعلت الأنظمة العربية مع شعوبها.

وانتقد موقف القضاء المسيس الذي بات يعمل تحت إمرة عباس والأجهزة الأمنية، قائلاً "كان الأولى بالقاضي أن يرفض القضية ويحاكم عباس الذي ينتهك القانون وليس أنا".

ويستذكر قاسم حادثة جرت سابقاً تعكس تسييس القضاء حينما فضح قبول رئيس الحكومة ورئيس جامعة النجاح رامي الحمدلله لطالب راسب في التوجيهي في كلية الهندسة، حيث جرى اعتقال قاسم بدلاً من التحقيق في المسألة.

واعتبر قاسم أن القضاء الفلسطيني في الضفة الغربية بات مسيسًا بالكامل ويسير على هوى قادة السياسية وأصحاب المصالح، لافتاً إلى أن مجلس القضاء الأعلى والمدعي العام والقضاء غير شرعيين لأنه جرى تعيينهم من عباس الذي بدوره فاقد للشرعية.

الفصائل لا تتحرك ضد السلطة إلا إذا كانت الاعتقالات موجهة لأبنائها

واعتبر أن الجو العام السائد في الضفة الغربية هو البلطجة والعربدة وحكم "الزعران" الذين باتوا يتحكمون بالناس لأنهم يملكون المال ويتحكمون بأرزاقهم.

وحول توقعاته للوضع الفلسطيني خلال العام الجديد اعتبر قاسم أن كثيرًا من الملفات الفلسطينية ستبقى تراوح مكانها خاصة الانقسام الفلسطيني.

وقال "الانقسام الفلسطيني سيبقى طالما بقي اتفاق أوسلو لأن الانقسام مكتوب في بنود الاتفاق ومن وافق عليه كان يدرك أنه سيقود الوضع لانقسام حاد، ولولا الاحتلال في الضفة الغربية لشهدت اقتتالًا داخليًا دمويًا".

وفيما يتعلق بملف خلافة عباس أكد أن الفتحاويين من ينشغلون بهذا الملف لأنه من غير المسموح أن يكون البديل من خارج فتح، معتبراً أنه يجب على جميع الفصائل أن تبحث بجدية مسألة خلافة عباس وأن تطرح منافسين له وألا تكرر الخطأ الذي جرى في العام 2005 عندما رفضت المشاركة في الانتخابات الرئاسية وسمحت لعباس بالوصول للرئاسة بسهولة، مؤكداً أنه لو كان هناك منافسون أقوياء من الفصائل لما استطاع أن يصل للمقاطعة.

وشدد قاسم أنه سيكون أحد مرشحي الانتخابات الرئاسية التي يجب أن تجري في أسرع وقت لاختيار رئيس الشعب الفلسطيني، وعدم السماح لأحد بفرض رئيس على الفلسطينيين.

البث المباشر