نقرأ من مقطعي الفيديو اللذين نشرتهما كتائب القسام، رسالة واضحة بأن الجندي الأسير شاؤول أرون حي يرزق، وإن كان يبدو أنه مقعد على كرسي متحرك، غير أنه يتمتع بلياقة عقلية واضحة وأنه يعامل بصورة جيدة من خلال الاحتفال بذكرى ميلاده، فحياة شاؤول من مماته باتت واضحة وضوح الشمس ولم يتبقّ إلا أن يخرج برسالة خطية أو صوتية وهذا يعزز ما ذهبت إليه والدته بأن ولدها حي في أوقات سابقة. كما تضمن مقطع الفيديو رسالة أخرى بأن كتائب القسام تملك الكثير من أوراق القوة، في رحلة البحث عن إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، وأن ما تخرجه من إشارات ومعلومات ليست إلا جزءا بسيطا مما لديها، فقيادة القسام يبدو أنها واثقة وقادرة على إدارة ملف الأسير شاؤول بشكل جيد وبصورة واضحة، فيما أنها تدرك أن الطريق ليس سهلاً، حيث استمر ملف الجندي الأسير السابق لديها جلعاد شاليط، خمس سنوات ولكن في النهاية أذعن الاحتلال لها. فما يجري اليوم في طريق تحرير الاسرى الفلسطينيين عبارة عن حرب عقول وإرادات، وحرب نفسية تتقنها كتائب القسام وتجيد صياغتها بعناية، فهذه الرسائل ستعجل من فتح ملف أسرى الاحتلال لدى المقاومة، فانتقل الاحتلال من مرحلة الإنكار والتجاهل لوجود أسرى لديه بغزة، إلى مرحلة فتح الملف وأن الدليل على ذلك هو ما نوقش داخل أروقة حكومة الاحتلال عبر اجتماع الكابينت. فمجرد البدء بالحديث عن المفقودين الاسرائيليين باجتماعات الحكومة والكابينت، يعني أن القضية دخلت مرحلة جديدة من الحراك والحيوية، فقد حاول قادة الاحتلال سابقا تجاهل هذه القضية خلال العامين الماضيين في مسعى لدفع المقاومة للشعور بالضجر وإظهار ما لديها من معلومات حول الجنود أو تخفيض الثمن المتوقع أن يدفعه الاحتلال، وهو ما لم يحدث، كما حاول أيضا الوصول الى معلومات حول جنوده الاسرى باستخدام اساليبه الاستخباراتية سواء كانت عبر جهود بشرية من خلال العملاء أو ارسال مسئولين أوروبيين ودوليين للحديث مع المقاومة في هذا الشأن، أو حتى من خلال الجهد التكنولوجي والعسكري، غير أن هذه الجهود باءت بالفشل. وما أطلقه الكبينت من تهديد ووعيد لن يجدي نفعا خاصة مع وجود تجربة سابقة للمقاومة بهذا الشأن، اضافة الى وجود حاضنة شعبية مستعدة لتحمل التضحيات من أجل إنجاز صفقة مشرفة تنهي عذابات الكثير من الأسرى في السجون. فاليوم تتمتع المقاومة بخبرة جيدة في إدارة صفقات التبادل نظرا للجهد الكبير الذي بذلته لإنجاز صفقة شاليط والتي توجت في حينه مفاوضات ماراثونية استمرت لنحو 5 سنوات، ولهذا لا يمكن الحديث عن صفقة جديدة قبل تصويب الخلل الذي حدث بنكوص الاحتلال عن بعض شروط صفقة شاليط حينما أعاد اعتقال عشرات الأسرى المحررين وقام بتثبيت الاحكام السابقة التي صدرت بحقهم إبان الأسر.