أينما وليت وجهك في غزة فستصطدم بأزمة الكهرباء التي لطالما بلغت ذروتها صيفا وشتاء.
الظلام هنا يطغى على المشهد السياسي والاقتصادي والإعلامي، وقد نجحت خفافيش الظلام دفعنا الى الزاوية، فنبحث عما نحرقه... سواء إطار سيارة أو حاوية قمامة، وفي أحسن الأحوال نحرق أعصابنا تعبيرًا عن الغضب.
السر في نجاح أجنحة المكر، أنهم أشغلونا في أزمة هي في الأصل نتيجة لسلسلة طويلة من الأسباب التي فقدنا الإحساس بها مع شدة البرد، أو لضعف الرؤية وسط الظلام، فصرنا نتعثر ببعضنا، نتدافع، وندوس على أقدامنا، ثم نتصادم ونتشاتم.
هكذا نعيش حالة استنزاف وخسائر مركبة ومتراكمة بسبب الكهرباء، وأصبحت "مخاسر قوم عند قوم مكاسب"، أقلها ضرائب الوقود، وأرباح محطة التوليد، ولا تنتهي عند إخضاع إرادتنا لمنطق: "القوي عايب".
في غمرة البحث عن حلول الأزمة تتقدم الأفكار المجنونة على قاعدة المثل الشعبي: شريك الخـ... اخسر وخسّره"، واتباع سياسة حافة الهاوية، في ظل فشل الحلول العقلانية والسياسية.
في لحظات الضيق يمكن إخلاء الطريق لأصحاب الفكر الثوري، بحيث يتلقى الجميع صفعة تذكرنا أننا لا زلنا في حالة تحرر وطني وشعبنا يخوض معركة تحدٍ وصمود.
لقد وقعنا جميعا في فخ السلطة، وأصبحنا معلقين وليس أمامنا حتى فرصة التراجع والاستسلام لأن الخيارين مكلفان، وعلى رأي المثل: دخول الحمام مش زي خروجه "، وأصبحت حاجة لتراجع أصحاب الرؤى الإدارية السلطوية البيروقراطية التي تخدم السلطة وكيانها وبقاءها أكثر من تلبية حاجات المواطنين.
المفارقة الغريبة أن دولًا كبيرة ووازنة تعلن حالة الطوارئ أمام أزمات أمنية او اقتصادية، بينما في حارتنا الصغيرة نتمسك بالإرث الإداري والقانوني منذ زمن الانجليز والدولة العثمانية، في حين أننا نعيش طارئين على هامش الزمن والواقع.
آن الأوان لحل المشاكل بأسلوب الرزمة وليس الترقيع، وإعادة صياغة السلطة في ثلاثة قطاعات رئيسية: الأمن والتعليم والصحة، وصولا لحل أزمة الكهرباء.
وأهم توصية في مرحلة الحلول الثورية، تفعيل أهم وأخطر سلاح نواجه به أعدائنا... انه سلاح العدل لمواجهة الظلام... وتذكروا... "الناس على دين ملوكهم".