هنا بيروت... حيث تغادر وفود الفصائل الفلسطينية بعد المشاركة في اللجنة التحضيرية لمناقشة فرص عقد المجلس الوطني، وهناك في موسكو يجتمع ممثلو نفس الفصائل لمناقشة جهود المصالحة الوطنية هذه المرة تحت الرعاية الروسية، الى باريس التي تحتضن مؤتمرا دوليا تمت صياغة بيانه الختامي قبل أن تجتمع 70 دولة بمشاركة فلسطينية ومقاطعة اسرائيلية لدراسة افق مشروع التسوية السياسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وفي الطريق نمرُّ على الفاتيكان وقد رفع الرئيس محمود عباس علم سفارة فلسطين، ولم يلبث حتى يطير الى عاصمة جديدة.
هذا الحراك الفلسطيني الحافل خلال أسبوع نموذج يذكرنا بالرحالة المغربي ابن بطوطة الذي يعتبر من أكثر الشخصيات التاريخية التي ارتبط اسمها بالترحال والسفر والغامرات، لكن يبدو انه لن يتفرد بهذه الصفات أمام منافسة ابن بطوطة الفلسطيني، الذي يحمل القضية الفلسطينية، ويجول بها العواصم والأمصار يعرضها للتبني او يتسول بها الدعم.
ابن بطوطة المغربي تمكن من تحطيم الرقم القياسي في المسافات التي قطعها خلال سفره وترحاله؛ بينما يحطم ابن بطوطة الفلسطيني الرقم القياسي في عدد جلسات ومؤتمرات ومفاوضات المسيرة السياسية، وحوارات المصالحة الوطنية، التي عقدت في أراضي أبناء يعرب وصولًا إلى بلاد السند والهند، وطافت بلاد الزنج وبلغت عواصم بني الأصفر.
نظّم ابن بطوطة العديد من القصائد الشعرية في مدح ملوك وأمراء الأمصار التي زارها، وكانت هباتهم مصدرًا يساعده على مواصلة رحلاته وأسفاره.
أما ابن بطوطة الفلسطيني، فقد باع واشترى بالقضية الفلسطينية، ناضل وهادن وتلقى مئات المبادرات السياسية، والقرارات الدولية، والوثائق العلنية والسرية، ومسح جوخ لملوك وقادة الأمصار التي حط بها، ونظم آلاف بيانات التأييد والمساندة، وأصدر ملايين تصريحات الشجب والاستنكار، وتنقل من هذا الحلف الى ذاك، ومن ذاك الحضن الى تلك الرعاية.
ألّف ابن بطوطة المغربي كتاباً يروي تفاصيل رحلته حول العالم ووضعها تحت مسمى "تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار".
اما ابن بطوطة الفلسطيني فيمكن ان يؤلف كتبا يروي فيها صولاته وجولاته، إخفاقاته وخيباته، ويضعها جميعا في سلسلة تحت مسمى:"تيتي تيتي زي ما رحت زي ما جيتي".