قالت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا إن استمرار إغلاق السلطات المصرية لمعبر رفح البري يعد انتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني ويشكل جريمة حرب.
وأضافت المنظمة في تقرير لها وصل لـ"الرسالة نت" نسخة عنه اليوم الخميس، أن حصار القطاع منذ أحد عشر عاما، والذي فرضته حكومة الاحتلال "الإسرائيلي" في أعقاب الانتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006، تسبب في إغلاق كافة المعابر، ومنع جميع أشكال التنقل والنقل من وإلى قطاع غزة إلا في أحوال استثنائية.
وأصدرت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا اليوم تقريرا حول استمرار السلطات المصرية إغلاق معبر رفح الأمر الذي يؤدي إلى تفاقم معاناة المواطنين في قطاع غزة نتيجة حرمانهم من حق أساسي هو حق التنقل بحرية.
وأوضح التقرير أن السلطات المصرية لعبت دورا أساسيا في تشديد الحصار بعد منتصف عام 2007 من خلال إغلاق معبر رفح، الذي يعتبر المنفذ الوحيد لتنقل سكان القطاع من وإلى العالم الخارجي، حيث أن القاعدة التي تحكم المعبر منذ ذلك الحين هي الإغلاق والاستثناء هو فتحه لدواعي إنسانية.
وأشار إلى أن الحصار الوحشي الذي تفرضه حكومة الاحتلال بالتعاون مع السلطات المصرية خلف آثارا كارثية خاصة على القطاع الصحي، والإنتاجي، والحياة المعيشية للمواطنين، مما دفع بالمؤسسات الدولية بالتصريح بأن الحياة في قطاع غزة باتت غير ممكنة مع استمرار ذلك الحصار، حيث أكد تقرير المكتب الإقليمي للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية في قطاع غزة الصادر في 27 آب/ أغسطس 2012، أن "غزة لن تكون مكاناً ملائماً للعيش في 2020".
وبين التقرير أنه خلال العام 2016 حُرم ما يقارب 2 مليون فلسطيني من حقهم في حرية التنقل والسفر من وإلى قطاع غزة عبر معبر رفح، بينهم (30000) على الأقل بحاجة ماسة للسفر بحسب هيئة المعابر (مرضى، طلبة، مواطنون يعملون بالخارج).
وذكر التقرير أنه خلال العام 2016 فتح المعبر لمدة (41 يوم فقط) تمكن خلالها 26431 مواطنا من مغادرة قطاع غزة عبر معبر رفح الحدودي وقامت السلطات المصرية بمنع 2097 مواطنا من السفر وإعادتهم إلى القطاع دون ذكر الأسباب، أما عدد القادمين الذين وصلوا الصالة الفلسطينية فبلغ 16406مواطنا.
ولفت إلى أن إغلاق معبر رفح البري بشكل شبه دائم أدى إلى إعاقة التحاق الآلاف من الطلبة الفلسطينيين بجامعاتهم خارج قطاع غزة، وحرمانهم من مواصلة دراستهم، كما مُنع المئات من سكان القطاع من السفر خارج الوطن لتلقي العلاج، خاصة المرضى بأمراض مزمنة كالسرطان، الذين هم بحاجة إلى السفر بشكل دائم، مما أدى إلى وفاة عدد كبير من المرضى.
وأضاف التقرير أن إغلاق المعبر قد تسبب في فقدان العديد من المواطنين الفلسطينيين لوظائفهم وأعمالهم وإقامتهم في الخارج، حيث يوجد مئات الحالات من الذين يعملون في عدد من الدول، وحينما جاءوا لزيارة أقاربهم في القطاع لم يتمكنوا من العودة لعملهم بسبب إغلاق المعبر، وأصبحوا مهددين بفقدان وظائفهم وإقاماتهم.
وكشف التقرير أن الإغلاق التعسفي المستمر للمعبر فتح أبوابا للسوق السوداء في تنقل المواطنين عبر ضباط مخابرات وجيش من الجانب المصري بعد التنسيق معهم من قبل سماسرة فلسطينيين حيث يتم التنسيق بشكل سري لقاء مبالغ مالية تصل إلى 5000 آلاف دولار أمريكي، بحيث يتم إبلاغ الشخص بموعد سفره بناء على فتح المعبر، فيتوجه إلى المعبر، وينتظر كغيره، ليصل اسمه ضمن الكشف، ويستقل حافلة خصيصاً تسمى "حافلة التنسيقات".
وحوى التقرير شهادات حية لمواطنين فلسطينيين توضح طبيعة رحلة السفر إلى قطاع غزة وبالعكس عبر معبر رفح، كما توضح حجم المعاناة التي يلاقيها المواطنون خلال تلك الرحلة والتي غالبا ما يتخللها الانتظار الطويل والإهانات إضافة إلى التفتيش المتكرر على الحواجز طوال الرحلة من المعبر إلى مطار القاهرة أو بالعكس.
وأكد التقرير على أن استمرار السلطات المصرية في إغلاق المعبر هو اعتداء على حقوق أساسية أهمها حق كل شخص في التنقل واختيار مكان إقامته الذي يتفرع عنه حقوق أساسية عديده لا يمكن المساس بها في أي ظرف.
ودعا التقرير السلطات المصرية إلى فتح معبر رفح البري بشكل دائم لتمكين السكان من السفر في كلا الاتجاهين حيث أنه هو المنفذ الوحيد لسكان قطاع غزة للعالم الخارجي، والالتزام بالقانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف التي تمنع التعاون مع قوات الاحتلال في فرض عقوبات جماعية على السكان المحميين وتوجب على الدول الأطراف مساعدة السكان المحميين وتقديم كافة أشكال الدعم للتخفيف من وطأة الاحتلال.
وطالب التقرير المجتمع الدولي اتخاذ إجراءات جادة من شأنها إلزام الحكومة المصرية فتح معبر رفح البري بشكل دائم فمن غير المقبول أن تكون القاعدة العامة الإغلاق والاستثناء هو فتح المعبر.
كما طالب التقرير المحكمة الجنائية الدولية الإسراع في بحث الشكوى التي قدمتها المنظمة حول الحصار المستمر الذي تفرضه الحكومة المصرية على القطاع على اعتبار أن الأفعال التي تقوم بها هي من قبيل جرائم الحرب المنصوص عليها في المادة السابعة من اتفاقية روما المنشئة للمحكمة الجنائية الدولية.
ويعتبر معبر رفح البري المنفذ الوحيد لسكان غزة إلى العالم، والذين يبلغ عددهم نحو مليوني نسمة.