لم تعد غزة معروفة بزهورها التي كانت تنتجها بالأطنان كل عام، وتجتاح أوروبا، كأحد أجود أنواع الزهور المنتجة في العالم.
فخلال الأيام الحالية تقلصت المساحة المخصصة لزراعة الزهور، ووصلت إلى نسبة 7.5%، ويرجع ذلك إلى شح المياه وعراقيل تصدير الزهور للأسواق الخارجية.
ولجأ العشرات من مزارعي الزهور لزراعة الخضراوات والفواكه التي يستطيعون بيعها في الأسواق المحلية دون الحاجة للتصدير عبر معبر "كرم أبو سالم" التجاري.
يذكر أن القطاع كان يزرع قبل 15 عاماً، أكثر من 500 دونم من الزهور بطاقة إنتاجية 55 مليون زهرة.
خسائر كبيرة لمزارعي الزهور
من جهته، ينظر المزارع عبد الله شعبان بحسرة إلى حقله المزروع بالخضار، بعد أن كان يكتسي، في مثل هذه الأيام من كل عام، بأنواع مختلفة من الزهور.
واضطر شعبان لتقليص المساحة المزروعة بالزهور داخل حقله الواقع في مدينة رفح، قبل عامين، من 100 دونم، إلى 10 دونمات فقط، إذ استغل المساحة المتبقية بزراعة الخضار.
ولجأ إلى تقليص المساحة، نظرا للخسائر الفادحة التي يتكبدها نتيجة الحصار (الإسرائيلي) المفروض على القطاع منذ عقد.
وكانت المساحات المزروعة بالزهور، في حقل شعبان، تشكل عبئا ماديا عليه، خلال السنوات السبعة الأخيرة، لقلة الإقبال على شرائها، الأمر الذي دفعه لتحويلها إلى مساحة تُزرع بالخضروات، الأقل تكلفة وأكثر ربحا.
وقال: "القيود المفروضة على تصدير الزهور إلى الخارج ومنعها تماما قبل سنوات، وقلة الإقبال المحلي على شرائها بسبب تردي الوضع الاقتصادي، أسباب تضاف لسابقتها".
وتحتاج مساحة 10 دونمات مزروعة بالزهور ما يقارب 1200 لتر مكعب من المياه الحلوة شهريا، والتي تكلّف حوالي 500 شيكل (إسرائيلي)، وهو ما كان يزيد أتعاب المزارع.
وكانت غزة تصدر ما يزيد عن سبعين مليون زهرة سنويا إلى أوروبا قبل العام 2005، حيث كانت الأسواق الأوروبية تعج بمئات الأنواع من الورود المزروعة في القطاع على مدار العام وخاصة في أيام المناسبات.
المياه والمعابر السبب
بدوره، قال مدير وحدة الإرشاد والري والتربة في وزارة الزراعة المهندس نزار الوحيدي، إن مساحة الزهور تقلصت إلى 37 دونمًا فقط في القطاع، يملكها عشرة مزارعين، ينتجون 40 ألف زهرة فقط للتسويق المحلي.
وأرجع الوحيدي في تصريح صحفي، أسباب تقليص المساحة، إلى حاجة الزهور إلى معدلات كبيرة من المياه العذبة وهي مشكلة يعاني منها القطاع بالأساس، إضافة إلى عراقيل تضعها سلطات الاحتلال خلال عملية التصدير، "حيث إن تأخير التصدير أو سوء التحميل لمدة ساعات يفسد المحصول ولا يقبل في الأسواق الأوروبية".
وأوضح أن الزهور نبتة حساسة تزرع داخل الدفيئات المغلقة لمواءمة الظروف المناخية لإبقائها حية، وأسمدة عالية الجودة، كما تحتاج إلى مدخلات أخرى مثل أدوات التعبئة والتغليف وبرادات الحفظ وهي مكلفة للمزارعين إن لم يجدوا الجهة الداعمة لهم.
وأكد أن وزارته تشجع بسبب أزمة المياه زراعة أصناف من الزهور القادرة على تحمل الملوحة والجفاف مثل الصبارات.
ومن أصناف الزهور التي تزرع في غزة، اللوندا والجوري والقرنفل العادي والقرنقل الأمريكي والخرسيوت والألمنيوم والجربيرا، وتباع جميعها في السوق المحلي، "وبأسعار أقل مما كانت تباع به عند تصديرها".
وتعد غزة، المدينة الساحلية بمناخها المعتدل، وتربتها الخصبة بيئة مثالية لزراعة الزهور بجودة عالمية منذ سنوات طويلة قبل الحصار (الإسرائيلي) المفروض عام 2006.
ولقت زهور غزة رواجا لافتا في الأسواق الأوروبية قبل رفع الدعم الهولندي لمزارعيه، وهي الخطوة التي مثلت ضربة قوية لزراعته، كما أن زهور غزة كانت تعاني من المنافسة الشديدة مع المنتجات الأخرى في الأسواق الأوروبية، والتي تباع بسعر أقل.