بات من الواضح ان ترامب سيحدث تغييرا واسعا في السياسة الامريكية والسلوك تجاه الخارج والداخل، ففوزه شكل صدمة تعاني منها أمريكا نفسها كما وضع كثيرا من الاستفهامات الداخلية والخارجية، خصوصا إذا ما عرفنا ان فريق ترامب المشارك في دعايته الانتخابية، والمثبت اخيرا في اركان حكمه ومفاصله الرئيسية أكثر تطرفا من ترامب نفسه، ومن غلاة الصهاينة في حكومة نتنياهو.
لخص ترامب استراتيجية حكمه في خطابه بالتخلص ومحاربة وتوحيد الجهود ضد التطرف الاسلامي، ولم يوضح ما هو التطرف الاسلامي بالضبط، لهذا قد تمتد هذه المحاربة لأي وجود اسلامي واي قوة او مظهر يدعو للإسلام، ولن يفرق ترامب بين وسطي ومتطرف، بين اخوان ونظام فهو يريد السيطرة وكسر الشوكة الاسلامية.
كفلسطينيين مطالبين بدراسة التحول الأمريكي بشكل متأنٍ وحكيم، ومحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان، فالانقسام والشناعة والترهل والتمزق والفساد والاستبداد والظلم والجشع، أغرى الاحتلال للفتك بنا ومنحه المبرر أمام العالم.
الاحتلال يستغل تطرف ترامب ويشجعه على تحدي الأمة، ويقلل من أي ردة فعل متوقعة تجاه أي سلوك عدواني ضد شعبنا وقضيتنا، فقد أرسل آفي ديختر رسالة لترامب يدفعه بها لنقل السفارة الامريكية وعدم التخوف من حماس، وهو بذلك يدفعه ويحرضه لنقل السفارة، من جهة ويحرض على حماس والجهاد والفصائل الفلسطينية من جهة أخرى، ويتباهى ديختر بقتل واغتيال الشيخ احمد ياسين من غير رد.
ويعتبر تفكير ترامب بنقل السفارة الأميركية إلى القدس في إطار سياساته المنحازة للاحتلال وإن تم تنفيذ ذلك فإنه يطلق رصاصة الرحمة على عملية التسوية التي تعتبر القدس فيها نهاية المطاف، ونقل السفارة هو بمثابة إعلان من قبل أميركا بأن القدس هي عاصمة للاحتلال.
وتجاهل ترامب للقضية الفلسطينية في خطابه تأكيد على ان الرجل حسم أمره لجهة منح إسرائيل كبرى صفقاته عبر تحقيق ما تريد من الاستيطان وتحويل القدس عاصمة للدولة اليهودية ومنح الفلسطينيين بعض الفتات وتحميلهم المسؤولية عن فشل التسوية إن كل ذلك سيضع القيادة الفلسطينية امام التفكير باستراتيجية جديدة للتأقلم مع الواقع الجديد الذي سيؤدي لضعف السلطة في الضفة، ما قد يشعل انتفاضة جديدة.
للعلم الرئيس ترامب لم يأت بمساعدة مباشرة من اللوبي الصهيوني وهناك تخوف من خطوات غير مضبوطة منه تجاه إسرائيل عبر طرح بعض القضايا التي يرفضها الإسرائيليون، ولكن أيضا هناك ما يقلق شعبنا من خلال تشكيلة فريقه الجديد المعروف أنه موغل بالتطرف والعداء للفلسطينيين.