يسرح المزارع أبو خالد القرا صبيحة كل يوم، لري أرضه الواقعة شرق مدينة غزة خانيونس، على الحدود مع الأراضي المحتلة، رغم تعرضه لمضايقات الاحتلال التي قد تودي بحياته.
ويروي القرا رحلته من أجل لقمة العيش، والتي تكون مغموسة بالدم، حيث أودت بحياة صديقه المزارع الذي استشهد بعيار ناري من الاحتلال أثناء عمله بأرضه قبل عامين.
وقال: "أعلم جيدا أنني قد أذهب للعلم في يوم ما ولا أعود، فقوات الاحتلال تطلق النار بشكل شبه يومي تجاهنا، وكثيرا ما نضطر لمغادرة أرضنا دون عمل حتى لا نصاب برصاص الاحتلال".
ويعمد الاحتلال لتجريف أرض المزارع القرا، في كل اجتياح للمنطقة، لتعود زراعتها مجددا، وهو ما يكلفه أموالا باهظة لا يقوى عليها، ولا يجد من يساعده ويدعمه.
حرق المحاصيل
وعلى جانب آخر، تعمد قوات الاحتلال، لرش المبيدات السامة والتي تحرق المحاصيل على الحدود، لقتل الأشجار، وهو ما يفقد المزارعين ثمارهم ويكبد خسائر كبيرة.
وتأتي الخطوة (الإسرائيلية) برش المبيدات، والمتكررة للعام الثاني على التوالي بذريعة الحفاظ على الرؤية الأمنية على طول الحدود ومنع التسلل وهو ما يرفضه المزارعون ويعتبرونه مبررا إضافيا لتدمير اقتصادهم.
وقال المزارع أبو عادل النجار، إن الطائرات (الإسرائيلية) حرقت محاصيل مزرعته البالغة 12 دونما، وهو ما أدى لتكبده خسائر كبيرة لينتهي الموسم دون حصاد.
وأوضح النجار أن جميع المناشدات التي وصلت الاحتلال من الصليب الأحمر والمؤسسات المعنية بالزراعة، لوقف رش المبيدات القاتلة، لم تجدِ نفعا، وضاعفت من متاعب المزارعين الذين يتعرضون للخطر أثناء زراعة أراضيهم الحدودية.
وتمتاز المناطق الحدودية شرق القطاع، أنها مناطق خصبة تنبت فيها العديد من المحاصيل الزراعية حيث تمتاز بزراعة السبانخ والفول بالإضافة إلى القمح والشعير.
بدوره، ذكر المهندس وائل ثابت مدير عام وقاية النبات بوزارة الزراعة في غزة، أن الاحتلال يرش المبيدات على الشريط الحدودي وبالتحديد مناطق الوسطى وخانيونس والشمال.
وقال ثابت إن رش المبيدات أدى إلى اتلاف المحصولات الورقية مثل السبانخ والملفوف، مشيرا إلى أن وزارته توجهت بعدة رسائل عبر الصليب الأحمر والمؤسسات الدولية ولكن دون جدوى.
وأوضح أن الاحتلال يتذرع بدواعٍ أمنية في القضاء على المزروعات القريبة من الحدود، ويعمل على إبقاء المناطق مكشوفة على بعد مئات الأمتار.
وأشار ثابت إلى أن رذاذ المبيدات المنقولة عبر الطائرات تصل لأكثر من كيلو، وهذا يؤدي إلى حرق المحاصيل على الشريط الحدودي ويؤدي لخسائر فادحة للمزارعين.
وتجدر الاشارة إلى أنها ليست المرة الأولى التي يقضي فيها الاحتلال على المزروعات من خلال رش المبيدات، حيث يواصل بين الفترة والأخرى القضاء عليها.
ويشكل الشريط الحدودي لقطاع غزة من شماله لجنوبه ثلث المساحة الزراعية في القطاع، خاصة المنطقة التي تقع شرق شارع صلاح الدين التي تعتبر السلة الغذائية للغزيين، حيث تتركز الزراعة في تلك الأماكن نظرا لخصوبتها.
إجراءات عملية
وفي تصريح صحفي، دعا الخبير البيئي الدكتور عقل أبو قرع إلى اتخاذ اجراءات عملية لحماية المحاصيل والنظام البيئي على حدود قطاع غزة، من المبيدات التي ترشها الطائرات (الاسرائيلية) على المناطق المحاذية.
وطالب أبو قرع أن يتم إجراء الفحوصات سواء لعينات من المحاصيل أو من المزروعات التي وصلتها المبيدات أو لعينات من التربة والمياه في المنطقة المرشوشة، وذلك للتأكد من نوعية المبيدات التي جرى رشها ومستوى تركيزها، ومن ثم اتخاذ الاحتياطات والإجراءات العملية والقانونية اللازمة.
وأوضح أن خطورة وجود هذه المواد في المنطقة وبشكل عشوائي، ليس فقط على الحيوانات والطيور ولكن من الممكن أن تصل إلى أيادي الأطفال، وما لذلك من عواقب وخيمة قد تؤدي إلى وفاتهم نتيجة تناول هذه المواد أو حتى استنشاقها، والتي من المحتمل أن تكون مبيدات أعشاب سامة.
وتعتبر مبيدات الأعشاب التي يرشها الاحتلال مواد كيميائية تقضي على المجموعة الخضراء للنبات، كذلك لها دور كبير في عدم إنبات البذور فيما بعد لو زرعت في التربة.