بعد المصادقة على نشره

تقرير شابيرا يظهر هشاشة المؤسسة الأمنية"الإسرائيلية"

نتنياهو
نتنياهو

الرسالة نت - مها شهوان- محمد عطا الله

وأخيرا، صادقت ما يسمى بـ "لجنة رقابة الدولة" التابعة للكنيست الإسرائيلي اليوم الأحد على نشر تقرير مراقب الكيان حول الحرب على قطاع غزة بكامله أمام الجمهور الإسرائيلي والمكون من 122 صفحة، حيث يستثني القرار فقرات وصفت ببالغة السرية وتحفظ جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" على نشرها تحت ذريعة مسها بالأمن الإسرائيلي.

واعتبر مسئولون إسرائيليون، منهم نفتالي بنيت زعيم حزب "البيت اليهودي" اليميني، إن نشر تقرير مراقب الدولة الإسرائيلي حول الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، سيكون بمثابة هزة أرضية أمنية.

وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية فإن التقرير، الذي لم ينشر رسميا بعد، يتناول أساسا خطر الأنفاق التي حفرتها حركة "حماس" أسفل حدود قطاع غزة مع "(إسرائيل)"، وأداء المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية "الكابنيت" قبل وخلال الحرب.

وتقول بعض التسريبات التي نشرتها وسائل إعلام، إنه يوجه انتقادات لكبار المسؤولين، وعلى رأسهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع الأسبق موشيه يعلون، وهنا يؤكد مختصون في الشأن الاسرائيلي، إن نشر التقرير يبرز هشاشة المؤسسة الامنية وتفرد نتنياهو في اقرار دون الرجوع للكابنيت الاسرائيلي.

تنافس وتربص سياسي

وقالت معاريف، اليوم الأحد، إن التقرير سينشر بعد أيام، بعد إطلاع المستويات الأمنية عليه؛ لإزالة الفقرات التي تضر بأمن الدولة، فيما طلب جهاز "الشاباك" وقتا أطول للاطلاع على التقرير، وإزالة أي معلومات أمنية قد تضر بأمن الدولة، قبل إعادة كتابة التقرير من جديد، وتسليمه لرئاسة الكنيست ورئيس لجنة رقابة الدولة.

فيما نقلت وسائل إعلام إسرائيلية، بما فيها "هآرتس"، عن بنيت قوله، "إن جمود التفكير في أوساط قادة (إسرائيل) هو السبب الجذري للإخفاقات الواردة في التقرير"، مشيرا إلى أنه يتعين على المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أن تغير النظرة اتجاه تحقيق انتصارات عسكرية واضحة ونهائية.

يعقب مأمون أبو عامر، المختص في الشأن الاسرائيلي أن ما نشر ليس بالضرورة هو الصورة النهائية فقد يكون مسودة يجري التعديل عليها، موضحا أن ما نشر جاء في صحيفة يديعوت أحرنوت التي يوجد بين "نتنياهو" ورئيس تحريرها خلافات كثيرة.

وما يؤكد قوله، فإن صحيفة "يديعوت احرونوت" الإسرائيلية، واسعة الانتشار، خصصت صدر صفحتها الأولى قبل أيام، لإبراز الخلافات التي سادت نقاشات "الكابينت".

وبحسب قول أبو عامر "للرسالة"، فإن ما ورد في التقرير يعد معلومات غير كاملة، خاصة أن ما جاء فيه من معلومات وصفت "بالهزة السياسية"، وذلك يوحي بأن الحكومة لاتزال تخفي معلومات خاصة فيما يتعلق بالأنفاق وعدم وجود خطة لمعالجتها.

ويصف المختص في الشأن الإسرائيلي، أن تقرير المراقب كشف عن حالة من التنافس والمزايدات والتربص السياسي بين أطراف الحكومة الإسرائيلية، على حساب تحقيق المصلحة العامة، ما يقدم انطباعا بأن نتنياهو لا يتخلى عن أسلوبه في المراوغة والمماطلة، ونزعته السلطوية في السيطرة على الحكومة مع شركائه من الأحزاب اليمينية حتى خلال الحرب.

ويتزامن تقرير مراقب الدولة مع تحقيقات تجريها الشرطة الإسرائيلية مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لتهم تتعلق بالفساد وتلقيه رشاوى مالية، وهو ما يهدد ببقائه على سدة الحكم في "(إسرائيل)".

وفي سؤال حول مدى تأثير التقرير على حياة نتنياهو السياسية، يرى أبو عامر أنه نجح في ايجاد سور واقٍ له من خلال وزير الدفاع ورئيس الأركان، بالإضافة إلى أنه ليس من مصلحة اليمين الاسرائيلي تقويض حكومة نتنياهو كونه لا يوجد بديل له في حالة إقصائه.

ولفت أبو عامر إلى أن نتنياهو سيمارس ضغوطا على مراقب الدولة لتأجيل نشر باقي التقرير، بذريعة أن نشره له تداعيات سياسية وأن مراقب الدولة عمله فني محض وليس سياسي.

التقرير ومواطن الخلل

وعلى عكس أبو عامر يؤكد الكاتب والمختص في الشأن "الإسرائيلي" أحمد فياض أن نشر باقي تفاصيل التقرير الذي يشير إلى إخفاقات سيؤثر كثيرا على المستوى السياسي والعسكري وسيعطي الجمهور فرصة لمعرفة كيفية جرى إدارة الحرب من القيادة، الأمر الذي سيساهم في تعرية بعض المسؤولين في الحكومة "الإسرائيلية".

وتوقع فياض في حديثه لـ "الرسالة" أن يكون التقرير سببا في الإطاحة بالائتلاف الحكومي وبنتنياهو وسيؤثر على شكل الحكم في "(إسرائيل)"، دون الإطاحة في الأحزاب اليمينية بصورة كاملة في غضون العام الجاري.

وأوضح أن ما يجري في الوقت الحالي من المستوى السياسي هو محاولة الهروب من المسؤولية وتحميل الإخفاق للمستوى العسكري الذي ذهب منذ انتهاء الحرب لسد الثغرات ومعالجة فشله عبر بناء الجدار الاسمنتي على حدود لمحاربة الأنفاق وبعض الإجراءات الأخرى.

ولفت فياض إلى أن القيادة "الإسرائيلية" ستمتص غضب الشارع "الإسرائيلي" وردة فعله حول نشر التقرير عبر إقالة بعض القيادات في المستوى السياسي والعسكري، مع الحفاظ على بقاء حزب اليمين المتطرف في الحكم.

واستبعد فياض أن يكون التصعيد من حكومة الاحتلال في الضفة الغربية أو الداخل المحتل له علاقة بخلط الأوراق بعد تسريبات تقرير "ِشابيرا"، مشيرا إلى أن السياسة العامة لدى (إسرائيل) ليس لها علاقة بالأحداث الجارية.

هزت صورة الاحتلال

ووفق تقرير نشره علاء الريماوي المختص في الشأن الإسرائيلي من مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني، ذكر فيه أن المعطيات التي سربت عن تقرير مراقب الدولة حول حرب غزة الأخيرة، هزت الصورة النمطية للمنظومة الأمنية والسياسية الإسرائيلية، وأشارت بشكل واضح للعوار الذي شابها من الجانب المهني، والعجز في مجاراة المقاومة الفلسطينية من الناحية العملياتية والفيزيائية.

وبحسب الريماوي، فإن التسريب الذي جاء من التقرير أوضح مواطن الخلل في عدة ملفات منها الفشل الاستخباري، حيث كشفت ظاهرة الأنفاق عوار المنظومة الأمنية الاسرائيلية، وضعف حركتها ورصدها للمقاومة، حينما تبين أن المعلومات المتوفرة عن امتداد الانفاق وعددها يساوي صفرا، برغم أن حجم العمل والترسانة المستخدمة لم تكن قليلة، إلا أن قدرة التضليل التي استخدمها القسام التي رافقت العمل وضعت الاستخبارات العسكرية والشاباك، في أزمة فشل لم تسجل عليها منذ قيامها.

ولفت الريماوي إلى أن ما سرب من التقرير ايضا يشير إلى عجز المؤسسة السياسية من إدارة عمل الكابنيت، فالمعلومة كانت تنحصر في يد نتنياهو ويعالون، وطريقة اتخاذ القرار لم تكن استراتيجية، الأمر الذي جعل صورة المؤسسة ضعيفة.

 

 

البث المباشر