الرسالة نت- شيماء مرزوق
تحركات المصالحة التي ترعاها مصر تلقي استحسان وتفاؤل كبير بالنسبة للفصائل الفلسطينية بعد أن أصبح موضوع المصالحة على سلم أولويات الجميع, إلا أن الموقف المصري لا يزال يشوبه الغموض خاصة فيما يخص ملاحظات حماس على الورقة المصرية فتارة تقول القاهرة بأنها ستقبل بهذه الملاحظات وتارة أخري يخرج احمد أبو الغيط وزير الخارجية المصري ليؤكد بأن مصر لن تأخذ بأي من هذه الملاحظات, كما أن الحصار سيبقي مستمر حتى ترضخ حماس للشروط المصرية والدولية.
تناقض سياسي
لا رفع نهائيا للحصار عن غزة ما دامت سلطة «حماس» تحكمها، والمسـاعدات لا يجب أن تقود إلى تقوية الحركة. هذه فحــوى الموقف المصري، الذي أجمله المتحدث باســم الخارجية المصرية حسام زكي، في تصريحات صحفية مؤخراً, وفي هذا السياق أكد د. نعيم بارود أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الإسلامية على أن هذه هي ليست المرة الأولي التي يصدر فيها عن المستوي الرسمي المصري تناقضات فيما يخص قطاع غزة, موضحاً أن هذه التناقضات تدل على أن القيادة المصرية ليست على درجة عالية من الوعي والفهم والتنسيق فيما بينها فيما يتعلق بإدارة الأمور حيال ملف غزة, مضيفا :" الملف مشتت بين الداخلية والخارجية والأمن المصري.
ولفت بارود إلى أن مصر هي شريك أساسي في الحصار, موضحا أن إغلاقها لمعبر رفح سياسة مفتعلة لتضييق الخناق على حماس, لافتاً إلى أنها تعتمد على سياسة الضغط ولوي الأذرع في تعاملها مع ملف غزة.
ومن ناحيته اعتبر المحلل السياسي طلال عوكل أن الموقف المصري بعيد كل البعد عن التناقض السياسي, حيث أن مصر تريد من حماس التوقيع على ورقة المصالحة, وهي غير معنية بالطريقة المطلوبة للتعامل مع ملاحظات حماس لأنها تعتبرها شان فلسطيني, موضحاً انه من الصعب علي مصر القبول بملاحظات حماس حتى لا تظهر وكأنها تراجعت عن مواقفها و رضخت لمطالب حماس.
وشدد على أن المناقشات الآن لا تدور حول تعديل الورقة المصرية وإنما على أن يتفق الفلسطينيين فيما بينهم على ورقة إضافية ملحقة أو تعهدات خارج إطار الورقة المصرية.
تغيير الوضع القائم
وأوضح بارود على أن مصر هي جزء من النظام الدولي الذي يفرض الحصار ويرفض وجود حماس وهي تريد فرض هيمنتها من خلال الضغط على حماس للتوقيع على ورقة المصالحة دون الأخذ بعين الاعتبار ملاحظاتها عليها, مؤكداً على أن ملاحظات حماس واقعية ومنطقية وبحاجة لمن يدرسها من قبل الحكومة المصرية والتوصل معها لتفاهم وحلول وسطية.
ووافقه الرأي عوكل حيث نوه إلي أن مصر هي جزء من النظام الدولي الرافض للوضع السياسي القائم في قطاع غزة والذي فرض الحصار عليه لتغيير هذا الواقع, مضيفا :" الهدف الأساسي من الحصار هو الضغط على حماس للقبول بشروط الرباعية الدولية من اجل الانخراط في العملية السياسية, وهي أهداف لا تزال باقية, معتبراً أن المصالحة هي المخرج الوحيد لهذه الدوامة.
بدوره قال بارود "مصر تعتبر نفسها دولة قوية ووصية على قطاع غزة ومن غير اللائق بمكانتها القبول بملاحظات حركة حماس, وتريد فرض الورقة المصرية عليها بالقوة كما هي, كما تعتبر موافقتها على الملاحظات هو تنازل وخضوع لمطالب حماس".
كما لفت عوكل إلي وجود علاقة مباشرة بين المصالحة والحصار والعملية السياسية, حيث أن مصر مرتبطة باتفاقيات دولية ولها موقف واضح من المفاوضات والعملية السلمية, وهذا ما يضعها في حالة تناقض مع حماس, كما أن هذا التناقض يأخذ أشكال من التصعيد في كثير من الأحيان.
وأضاف بارود "الأزمة في غزة سياسية وليست إنسانية, وبالتالي الحل يجب أن يكون سياسي, إلا أن الدول العربية وقفت موقف المتفرج طوال سنوات الحصار وكأنها تعطي الضوء الأخضر لأميركا وإسرائيل كي تتمادي في حصارها للقطاع, معتبراً أن دخول تركيا في اللعبة السياسية في الشرق الأوسط وإرسالها لقافلة الحرية أحرج النظام العربي ودفعه للتحرك والمطالبة بكسر الحصار, حيث أن زيارة عمرو مكوسي لغزة هو استجابة لهذا التحرك.
وأشار عوكل إلي أن الحصار السياسي سيبقي مفروض على غزة لان كل المطالبات التي تنادي برفع الحصار, تطالب بإنهاء الأزمة الإنسانية والغذائية والإبقاء على الحصار السياسي, مؤكداً أن رفع الحصار كلياً يتطلب مصالحة فلسطينية.
وابدي عوكل تشاؤمه من قضية المصالحة التي اعتبر أن كل المؤشرات تنفي وجود مصالحة قريبة حتى لو تم التوقيع على الورقة المصرية فلن يتم إنهاء الانقسام الذي حدث في العمق الفلسطيني.
تراوح مكانها
وكان المتحدث الرسمي بإسم حركة حماس أيمن طه اليوم أن ملف المصالحة الفلسطينية لا يزال يراوح مكانه ،وأن أخر تطوراته هو المقترح الذي قدمه رئيس الوزراء إسماعيل هنية للجامعة العربية.
وقال طه في تصريحات صحفية إن تأجيل وصول وفد منظمة التحرير لغزة لبحث الملف جاء بسبب الاعتداء الصهيوني على أسطول الحرية، معرباً عن ترحيب حماس البالغ به.
وأضاف:"مبادرة رئيس الوزراء والخطوات التي اتخذتها حركة حماس تدل وبشكل واضح على أن الحركة راغبة وبشكل لا يقبل التأويل أو النقاش باستمرار الحوار الوطني لإنهاء الانقسام الفلسطيني، ونحن نأمل أن تكون هناك خطوات عملية وراء هذا الحراك، كما نتمنى أن تتوج جميع هذه الجهود بخطوات عملية على الأرض، مع بحث جاد لملاحظات حماس على الورقة المصرية".