مع كسر سكان قطاع غزة حاجز المليوني نسمة أواخر العام الماضي 2016، وأمام تقديرات الأمم المتحدة أن الزيادة قد تقفز بحلول العام 2030 الى نحو 3,5 مليون نسمة، في ظل الخصوبة الغزاوية العالية، رغم كل ما تعرض له القطاع من حروب وضغوط بيئية ونفسية جراء الحصار وملحقاته، رغم كل ذلك تبرز معضلة الأرض التي يسكنها ويزرعها ويستثمرها المواطن.
المؤشرات الخطيرة الحالية والمستقبلية ذات العلاقة بين الأرض والانسان تتزايد في قطاع غزة البالغ مساحته 360 كيلومترا مربعا، ويعتبر من أكثر بقاع الأرض ازدحاما بالسكان، حيث يسجل لكل كيلومتر مربع 4661 فردا، حسب تقرير صادر عن جهاز الإحصاء الفلسطيني 2016، بينما تتعرض الأراضي العامة سواء حكومية او الوقف لعمليات قضم داخلي، من قبل أصحاب اليد الطولى وهم الشريحة الأكبر، او مواطنين لجئوا اليها بحثا عن زاوية في الوطن تسترهم وهم قلة.
موجات التعديات على الأراضي الحكومية والوقفية ليست جديدة، وهي مستمرة منذ سنوات خلت في كنف مختلف الحكومات الفلسطينية، لكنها باتت ظاهرة في زمن الحصار والانقسام، وتصاعد اشكال "السلبطة" على قفا الوطن والاستقواء بالموقع والتنظيم، وملاحف من السير الذاتية لتضحيات يرى أصحابها انه آن الأوان قبض ثمنها بالتراضي او عنوة.
وأمام سياسات التراخي والتسويف الحكومية والتشريعية والتنظيمية سابقا وحاضرا فإن كل مواطن او مسئول يستولي على قطعة ارض او وقف بمثابة خازوق دق ولن يقلع، ولن تردعه الإخطارات الورقية ولا الفتاوى الفقهية، ومع الزمن سيتحول الحق العام الى خاص، وأي محاولة لاستعادته سترتد باعتبارها انتهاكا انسانيا ووطنيا.
كما ان سياسة الاستقواء الحكومي والتنظيمي على مواطنين ضعفاء، وتفعيل قانون: "اللي ملوش ظهر ينضرب على بطنه"، يجعل الجهات الرسمية شريكة في استباحة أراض حكومية ووقفية.
إذا استمر الزحف الى الأراضي العامة ستختنق قلعتنا من الداخل، وسيدفعنا الضيق والازدحام الى مد أقدامنا على رقاب بعضنا، وستصبح الاستباحة قاعدة، والانضباط استثناء.
التصدي للزاحفين على الارض يبدأ من الكبار... وتفعيل قانون: "من أين لك هذا؟"