في طريقهم الى سوق الجمعة بغزة كان تجار المحافظة الجنوبية يتخذون من القرية الشرقية لوادي غزة مكانا للاستراحة، هناك حيث تجتمع المتناقضات: رائحة الخضرة ورطوبة التربة، فيما على بعد أمتار يوجد مكب النفايات الأكبر في القطاع.
في قرية وادي غزة المعروفة بجحر الديك وبمجرد أن حطت "الرسالة" لتنبش عن قصة المكان واسمه، بدا الكرم البدوي لسكان القرية واضحا فسرعان ما استقبلنا الحاج جلال عويدات أقدم سكان القرية مرحبا هو وجيرانه.
النباهين _ عويدات _ أبو عيادة _ أبو مكتومة _ أبو السعيد عائلات معدودة ذات أصل بدوي كانت تتقاسم أراضي القرية كأماكن خاضعة لسيطرة كل منها، حيث كان التنقل من مكان لآخر أو حتى دخوله يحتاج لأذن كبير العائلة وإلا فأنت تعتدي على حرمة المكان في العرف البدوي.
تلك العائلات جميعها كانت تعيش على رعاية الأغنام وبيعها، فيما لايزال جزء منها يحتفظ بتلك المهنة التي ورثها أبا عن جد.
إلى قرابة 50 عاما تعود تسمية المكان جحر الديك والذي كان يعد قديما ممرا للتجار يلجؤون للمبيت فيها ليلة الجمعة قبل التوجه للسوق صباحا مصطحبين بضائعهم.
يقول عويدات: إن تسمية المكان جاءت بعدما دخل ديك أحد التجار في جحر موجود في تلة أم عزيز ولم يعثر التاجر بعدها على أثره رغم بحثه عنه.
ويضيف كان التجار في كل أسبوع يتفقدون "الجحر": حتى أصبح اسما ملازما للمكان منذ تلك الحادثة.
تقع القرية التي يقطنها خمسة آلاف نسمة في جنوب محافظة غزة في منتصف المسافة بين مدينة غزة والمعسكرات الوسطى، وتبعد عن مدينة غزة مسافة 8 كم، يحدها شرقًا الخط الأخضر (الأراضي المحتلة عام 1948)، وغربًا شارع صلاح الدين، أما شمالاً فيحدها طريق معبر المنطار "كارني"، وجنوبًا يحدها وادي غزة.
الحديث عن تاريخ القرية أعاد عدنان العايدي للحنين لسنوات مضت كانت قريته فيها مجموعة من العائلات البسيطة، فيما كانت الأراضي الزراعية مملوكة لمواطنين من مدينة غزة يعملون على زراعتها يوميا.
يروي العيادي "للرسالة" عذابات عايشها سكان القرية في سبيل التعليم والتطور قائلا: كنا نضطر للمشي لمسافة تفوق ثمانية كيلو مترات يوميا للوصول لأقرب مدرسة للقرية، مشيرا إلى أنهم رغم التطور يحاول السكان الحفاظ على عاداتهم البدوية سواء في الأكل أو التعاملات فيما بينهم.
السكان عبروا عن سعادتهم بالحال الذي وصلت إليه قريتهم التي كانت تفتقر للعديد من الخدمات الأساسية، رغم أنها مازالت تعاني من غياب مدارس للذكور الذين يضطرون للدراسة في المناطق المجاورة.
ولكونها حدودية تتعرض القرية بمزارعها وسكانها ومنازلها وممتلكاتها لاعتداءات مستمرة من قبل الاحتلال الإسرائيلي فيما تعرضت لتدمير أجزاء كبيرة منها خلال العدوان الأخير على قطاع غزة.
غادرت "الرسالة" جحر الديك بعد أن تشاركت أبريق الشاي مع سكانه الذين أصروا على تقديم واجب الضيافة كجزء من عاداتهم البدوية التي تحتم عليهم إكرام الضيف.