قائمة الموقع

تخلي أمريكا عن حل الدولتين.. الهدية الأولى لنتنياهو!

2017-02-16T11:33:39+02:00
نتنياهو والرئس الامريكي ترامب
الرسالة نت-محمود فودة

لم تنتظر القيادة الأمريكية الجديدة وصول رئيس حكومة (إسرائيل) بنيامين نتنياهو إلى البيت الأبيض كي تبدي مواقفها الداعمة له، معلنة عدم تمسكها بحل الدولتين أساساً للتوصل إلى اتفاق تسوية مع الفلسطينيين، في موقف يتعارض مع الثوابت التاريخية للولايات المتحدة في هذا الشأن.

ويبدو أن حكومة نتنياهو كانت محقة حين شعرت بالأريحية في تصرفاتها خلال الأسابيع الأخيرة في ملفي التصعيد مع غزة والاستيطان في الضفة، فمواقف إدارة ترامب تظهر حسن ظن (إسرائيل) في ردود فعل واشنطن الباهتة اتجاه تصرفاتها.

وقبيل ساعات من وصول نتنياهو إلى البيت الأبيض، أعلن مسؤول كبير في الإدارة الأميركية أن واشنطن لم تعد متمسكة بحل الدولتين أساسا للتوصل إلى اتفاق سلام بين (إسرائيل) والفلسطينيين، مشيرا إلى أن الإدارة الأميركية لن تسعى بعد اليوم إلى إملاء شروط أي اتفاق لحل النزاع، بل ستدعم أي اتفاق يتوصل إليه الطرفان، أيا يكن هذا الاتفاق.

وينص حل الدولتين على إقامة دولة فلسطين إلى جانب (إسرائيل)، ويعتبر ركيزة التسوية السلمية في الشرق الأوسط التي سعى للتوصل إليها كل الرؤساء الأميركيين منذ عقود.

الرد (الإسرائيلي) على القرار الأمريكي جاء سريعا على لسان رئيسها ريؤفن ريبلين الذي دعا إلى ضم الضفة الغربية لإسرائيل، ومنح سكانها الفلسطينيين المواطنة الإسرائيلية، حيث أنه خالف مواقفه التي أطلقها قبل عام والتي قال فيها إن اتفاقات أوسلو أصبحت واقعا على الأرض، وأن الحل المستقبلي قد يكون كونفدرالية فلسطينية إسرائيلية بحدود مفتوحة.

من جهة أخرى، بدد القرار الأمريكي آمال السلطة الفلسطينية التي ما لبثت أن تنتعش من زيارة ماجد فرج رئيس مخابراتها إلى واشنطن حتى صدمت بهذا القرار.

وكانت صحيفة هآرتس الاسرائيلية قد نقلت عن مصادر فلسطينية مطلعة قولها إن فرج تلقى رسائل مطمئنة بشأن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وتعامل إدارة ترامب مع البناء في المستوطنات، إضافة لموضوع القرار الأمريكي المتمثل بحل الدولتين.

وبناءً على تطمينات فرج التي جاء بها لعباس من أمريكا، كشف مسئول فلسطيني مطلع، أن الرئيس محمود عباس جمد بشكل "مؤقت" التوجه لمحكمة الجنايات الدولية، مقررا عدم تقديم أي ملف ضد (إسرائيل).

وأكد المسؤول الذي فضل عدم ذكر اسمه، في تصريح خاص لـ "الرسالة"، أن قرار عباس حول تجميد التوجه للمحكمة الدولية جاء بعد نتائج لقاء فرج بالقيادات الأمريكية، مشيرا إلى أن فرج تلقى وعودات بتحرك جديد بملف المفاوضات الثنائية المتعثر منذ سنوات، وتكثيف الاتصالات الأمريكية بين الجانبين لتقريب وجهات النظر بينهما.

ولا يمكن متابعة الدعم الأمريكي لنتنياهو، دون الالتفات للتجاهل الواضح للسلطة ورئيسها عباس من قبل إدارة ترامب، والتي لم تعطِ أي اهتمام لجميع اتصالات عباس وقادة السلطة السياسيين، وكما أنها لم تقبل أنّ ترد حتى على رسائل التهنئة التي أبرقوها بمناسبة تنصيب ترامب رئيسا لأمريكا وفق ما أكد صائب عريقات مسؤول ملف المفاوضات في السلطة.

ويبدو أن إدارة ترامب تريد التعامل مع السلطة بوصفها كيانا أمنيا وليس سياسيا في المدى الزمني القريب والمتوسط أيضا من خلال استقبال اللواء فرج وتجاهل عباس وبقية سياسييه، وهذا يعني أنّه لا يوجد رغبة بالتوصل لحل سياسي في هذه المرحلة على أقل تقدير.

وفي ذلك، فإن ملامح سياسة ترامب باتت واضحة منذ اليوم الأول لدعايته الانتخابية وصولا لتشكيل فريقه الرئاسي المنحاز بشكل كامل لإسرائيل وسياساتها، الأمر الذي يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك بأن حل الدولتين لم يعد ممكنا في ظل الاستيطان والقوانين المتتالية لشرعنته.

وأوضح المسؤول الفلسطيني أن القرار الأمريكي يمثل هديةً لحكومة نتنياهو والمشروع (الإسرائيلي) الذي بدأت تتضح معالمه والقائم على ضم تدريجي للضفة الغربية المحتلة يبدأ من مناطق c ودولة في غزة مع إجراء بعض التوسيعات حتى تكون قابلة للحياة.

وعلى الناحية الفلسطينية، أشار الكاتب والمحلل السياسي عصام شاور أن هذا القرار يعني حشر السلطة الفلسطينية في الزاوية والمزيد من العزلة الدولية التي تتكفل الادارة الامريكية بدعمها في المرحلة الحالية. وأوضح أن القرار الأمريكي يعلن إطلاق يد (إسرائيل) في استباحة الضفة الغربية المحتلة، وطرح المزيد من مخططات الاستيطان خلال المرحلة المقبلة، وكذلك الحال على صعيد مدينة القدس.

وفي نهاية المطاف، يتأكد مع مرور الأيام أن إرتكان السلطة للحل السلمي واللهث خلف الإدارات الأمريكية المتعاقبة، لن يكون إلا سرابا، ونتائجه العكسية بالإسراع في ضياع القضية الفلسطينية وتقزيمها.

اخبار ذات صلة